التهاب الدماغ: فتاة مصابة تروي لبي بي سي معاناتها مع المرض

آخر تحديث: الثلاثاء 25 فبراير 2020 - 9:33 ص بتوقيت القاهرة

مازالت جورجيا لي غير قادرة على تذكر أنها درست بالجامعة.

ولفترة من الوقت، لم تتمكّن الفتاة، البالغة من العمر 23 عاماً، من تذكّر أي شيء عن حبيبها.

فقدت جورجيا خمس سنوات من ذاكرتها عندما أصيبت بالتهاب الدماغ في الثانية والعشرين من عمرها، وهذا المرض عبارة عن تورّم دماغي قد يشكل تهديدا على حياة المريض، ويمكن أن يحدث عندما تنتشر فيروسات معينة في الجسم.

"أصبت بصداع استمرّ لنحو أسبوعين دون توقّف في بقعة محدّدة من جبهتي"، حسبما روت جورجيا لبي بي سي.

وأضافت "لم ينفع أي نوع من مسكنات الألم. وفي أحد الأيام، قمت بإرسال رسالة إلى حبيبي لم يكن لمحتواها أي معنى على الإطلاق".

وحين كان والد جورجيا يحاول الاطمئنان عليها في وقت لاحق، أدرك أنّ هناك خطباً ما، وتمّ نقلها إلى المستشفى.

في بادئ الأمر، ظن المسعفون أنها مصابة بالتهاب السحايا، لكن بعد إصابتها بنوبة تشنج، تمّ تشخيص حالتها بأنها تعاني التهاب الدماغ.

وتقدّر "جمعية التهاب الدماغ" البريطانية أنّ نحو 500 ألف شخص يصابون بالمرض كلّ عام في العالم.

وعندما كانت جورجيا في المستشفى وتمّ سؤالها عن عمرها، قالت إنها تبلغ 17 عاماً، لأنها لم تستطع تذكر أي شيء بعد ذلك السن.

وتقول جورجيا إنها لا تزال تشعر حتى الآن أن عمرها أقل من 23 عاماً. ولم تسترد ذاكرتها بالكامل حتى الآن، حيث اختفت تماما ذاكرتها عن آخر عامين دراسيين في المدرسة الثانوية بالإضافة إلى دراستها الجامعية.

وتتضمّن رحلة التعافي إعادة تعلّم المهام اليومية التي يعتبرها معظم الناس من المُسلّمات، مثل استخدام وسائل النقل العام أو زيارة الأصدقاء.

"الأمور العادية مثل ركوب حافلة النقل العام بمفردي، أو الذهاب إلى المتاجر أو الذهاب إلى منزل شخص ما هي خطوات كبيرة بالنسبة لي الآن"، بحسب جورجيا.

وكان على الفتاة أيضاً الخضوع لاختبار قيادة السيارة مرة أخرى، لأنها لا تتذكر تعلّمها القيادة عندما كانت في الثامنة عشرة.

وأثّر مرض جورجيا على علاقاتها أيضاً. وتعيّن عليها التعرف على حبيبها من جديد.

"كان عليّ أن أتعرف عليه مجدداً، تماماً مثل جميع أصدقائي في الجامعة".

"لقد كان متوتراً قليلاً في البداية. ثمّ بدأ يتأقلم مع الأمر رويدا. أخبرني عن ماضينا وأراني صوراً لكل شيء".

"الطعام الذي آكله الآن هو كل ما كنت أكرهه"

كان التهاب الدماغ لدى جورجيا ناتجاً عن فيروس الهربس، ولكن بدلاً من أن يتسبب الفيروس في قرحة بشفتها، دخل إلى حلقها ثمّ انتقل منه إلى دماغها.

ويمكن أن تتعدد الأعراض الجانبية، لكن مع فقدان الذاكرة، خسرت جورجيا حاستي التذوق والشم.

"ليس لدي أي شعور بالروائح على الإطلاق. أستطيع أن أتذوق الطعام الحار والحلو فقط، لكن هذا كل شيء. طلبت مؤخراً بيتزا مع الأنشوجة والأناناس والخيار الصغير في مطعم. كل ما أتذوقه الآن هو الطعام الذي كنت أكرهه".

وعندما لا تستطيع تذوق طعام ما، تغطّيه جورجيا بالصلصة الحارة أو صلصة الطماطم لتعزيز النكهة.

"أصدقائي حصلوا على وظائف أحلامهم"

أخذ التهاب الدماغ جزءاً من ماضي جورجيا، إلا أنّها قلقة الآن من تأثيره على مستقبلها.

وتقول "أحاول أن يكون لدي نظرة إيجابية لكنّي أجد النظر إلى السلبيات أسهل"، مضيفةً أنّ البحث عن وظيفة من غير أن تتذكر أي شيء من دراستها الجامعية يمثل تحدياً حقيقياً.

"إذا لم يكن لديّ أي شيء أقوله لهم بشأن آخر عامين لي بالمدرسة الثانوية أو شهادتي الجامعية، فماذا يمكنني أن أقدّم لهذه الوظيفة؟".

التواصل مرة أخرى مع أصدقائها كان صعبا أيضاً، إذ أنهم الآن في مراحل مختلفة من حياتهم مقارنةً بها.

"لقد حصل الكثير من أصدقائي على وظائف أحلامهم وحصلوا أيضاً على منازل مع شركائهم، حقّقوا كل هذا".

"أشعر أنّ الأمر سيستغرق وقتاً طويلاً للغاية حتى أتمكّن أنا من القيام بذلك وتخطّي كل شيء واكتساب الثقة في نفسي".

لكنَ جورجيا متفائلة بمستقبلها وإيجابية مع استمرار رحلة التعافي.

"أتمنى لو أنّني أتذكّر سنوات جامعتي. ولكنّني أعود وأقول دائماً إنّني محظوظة أنّني لم أخسر سوى خمس سنوات من حياتي وليس سنوات حياتي كلها".

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved