صدور رواية «الهاربة سارة».. تحوي قضايا جدلية للمرأة في المجتمعات العربية

آخر تحديث: الأربعاء 25 مارس 2020 - 10:19 ص بتوقيت القاهرة

القاهرة - أ ش أ:

صدرت عن دار "نوفا بلس" حديثًا، رواية "الهاربة سارة" للكاتب حزام الراشد، وفيها وطأ الكاتب أكثر المناطق إثارة للجدل في المجتمعات العربية، تلك التي تتعلق بقضايا المرأة وما تتعرض له من عنف نفسي وجسدي نتيجة ما يعتري هذه المجتمعات من نزعة ذكورية في تعاطيها مع النساء، دون الالتفات إلى ما ينجم عن ذلك من عواقب وخيمة تنال من سلامة المجتمعات واستقرارها.

كما تطرق الكاتب إلى قضايا أخرى شديدة الخطورة تشتبك مع قضيته الأساسية وتتداخل معها، كان من أبرزها التفكك الأسري، الاحتيال عبر الواقع الافتراضي وضحاياه خلف الشاشات، التصورات الحالمة والساذجة عن الهجرة والمجتمعات الغربية، واستغلال البعض لآلام الفئات المقهورة والمهمشة ومعاناتها بهدف تحقيق مكاسب مادية أو سياسية فيما يشبه "المضي فوق جثث القتلى".

ورغم أن القضايا التي تناولها الكاتب تتماس مع كل المجتمعات العربية بشكل عام، فإنه قرر أن ينطلق من بعض الخصوصية التي تميز المجتمع السعودي ليضفي على أحداث الرواية مزيدًا من الواقعية والصدق، وهذا ما عززه باعتماده على أسلوب السرد الذاتي لا الراوي العليم، وقد مرر عبر حكيه فلسفة شديدة الأهمية مفادها أن الحب؛ الوسيلة الوحيدة لتقويم النفس البشرية وأن غيابه يؤدي إلى صور متنوعة من العطب، وكل نفس تؤتى عطبها بطريقة مغايرة للأخرى لكن المحصلة تكون خللًا عميقًا وكارثيًا في النسيج المجتمعي.

وهناك فلسفات أخرى مررها الكاتب عبر نسيجه الروائي محاولًا كما تقول الناقدة الأدبية نشوى أحمد، سبر أغوار النفس البشرية واكتشاف ماهيتها بين شعورها بالزهو، النرجسية، القسوة، والغرور، ثم الشعور بالضعف والضآلة أمام فواجع القدر، وما إن تمضي الفاجعة حتى تعود النفس لممارسة نواقصها استعدادا لصفعة جديدة من يد قدر، يكشر عن أنيابه مرة بعد مرة فتتوالى الفواجع ويتوالى تأرجح النفس بين الضعف والغرور، القسوة واللين ليجسد الكاتب عبر هذه الفلسفة جوهر الصراع الأزلي داخل النفس البشرية، ثم يبتعد أكثر في أعماق النفس ناقلا بعض النظريات العلمية بأسلوب ضمني ممتع دون أن يقع في فخ المباشرة.

وهذا ما بدا فيما ساقه من دلالات على ما تعانيه الشخصية النسوية العربية من "متلازمة استكهولم" وتعني تعاطف الضحية مع جلادها كما ظهر في سلوك الأم وابنتها الكبرى "فرح" اللتين كانتا تخشيان دائما على "مازن" من العقاب رغم كل ما اقترفه من سوء وغبن في حقهما.

وتقول الناقدة نشوى أحمد: اعتمد الكاتب لغة شديدة السلامة والسلاسة في آن واستطاع أن يضفي على الأحداث الكثير من التشويق، فضلًا عن المشاعر الشفيفة التي تدفقت بكثافة عبر النص بما يحيل القارئ للتماهي معه ومشاركة شخوصه حزنها، يأسها، فرحها وابتهاجها وكل حالة شعورية مرت عبر السطور.

وبذات الطريقة الضمنية -تضيف نشوى أحمد- أودع الكاتب قيمة أساسية في نصه هي قيمة الوطن وكانت هذه القيمة بمثابة "درة التاج"، ليؤكد بذلك ما يقع على عاتق الكاتب من مسئولية اجتماعية، ويدلل على أن الأدب حين يكون للمجتمع لا للأدب في ذاته، فإن ذلك لا ينتقص بأي شكل من الأشكال من جماليات النص الأدبي، وقد بدا جليا أن الكاتب حزام الراشد أراد عبر روايته "الهاربة سارة" أن يوجه صفعة "مُحِب" على وجه نائم عسى أن يفيق من سبات قد يغري الذئاب بالنيل منه.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved