بشير الديك عن أزمة مسلسل «شقة 6»: على المتضررين اللجوء للقضاء

آخر تحديث: السبت 25 سبتمبر 2021 - 9:19 م بتوقيت القاهرة

 إيناس عبدالله:

* ليس من حق المخرج أن يغير السيناريو كيفما يحلو له.. وأطالب شباب المؤلفين بعدم تقديم تنازلات
لم نعهد مثل هذه الأمور فى زماننا.. وما يحدث أمر شاذ علينا
تحديت محمود ياسين فى أول عمل لى.. ورفضت أن أغير نهاية «مع سبق الإصرار»
«لكل قاعدة شواذ» بهذه الجملة التى تنم عن حالة غضب وسخط شديد، وصف الكاتب الكبير بشير الديك رئيس جمعية مؤلفى الدراما العربية، الأزمة التى نشبت بين فريق كتابة مسلسل الرعب «شقة 6»، المكون من سعاد القاضى، محمود وحيد، ورفيق القاضى، ومخرج العمل محمود كامل، بسبب اتهامات تطارد الأخير بأنه أخل بالعمل بعد أن قام بإجراء تغييرات جذرية فى الحلقة الأخيرة للمسلسل الذى تم عرضه بإحدى المنصات، دون الرجوع لفريق الكتابة، بل واستعانته بآخرين لكتابة بعض المشاهد، وهو ما اعتبره المخرج محمود كامل حقا أصيلا له، واستند، بحسب تصريحاته، على أن فريق العمل قدم تنازلا عن الفكرة والسيناريو قبل تعاقدهم على المسلسل، وبالتالى فيحق له ان يجرى التعديلات والتغييرات التى يراها تصب فى صالح العمل دون الرجوع لأحد.
وفى ظل تصاعد الأزمة بين الطرفين، والتى أعقبها ثورة لعدد من المؤلفين الرافضين لتدخل المخرجين فى أعمالهم، والمطالبة بإلغاء شرط كتابة التنازل، حتى لا تتكرر المشكلة، توجهت «الشروق» إلى الكاتب الكبير بشير الديك رئيس جمعية مؤلفى الدراما العربية، لمعرفة موقفه من هذه الأزمة وتداعياتها.
فى البداية قال «الديك»: أى عمل فنى محترم يكون قائما على عنصرين أساسيين، هما المؤلف والمخرج، وعليه لابد أن يحدث تفاهم بينهما طوال الوقت، والوصول إلى صيغة متفق عليها بين الطرفين، حتى تكون النتيجة مرضية للجميع، وهذه هى القاعدة العامة التى قمنا بتطبيقها طوال عمرنا، ومهما اشتد الخلاف بيننا كمؤلفين وبين المخرجين، نصل فى النهاية لحل مرضى لنا جميعا، فكلانا «كمؤلف ومخرج» نسعى لهدف واحد وهو إنجاح العمل، فعن تجربتى الخاصة، فكثيرا ما وقع خلافات بينى وبين المخرجين الذين تعاونت معهم مثل عاطف الطيب ونادر جلال ومحمد خان، لكن يجمعنا طوال الوقت مائدة واحدة للنقاش، فالمناقشة قد ينتج عنها وجهة نظر ثالثة تفيد العمل، وأحيانا أمارس أدوارا أخرى بخلاف دورى كمؤلف، أن اقترح مزيكا معينة، وأشارك فى ترشيح الأبطال، لأنه كما ذكرت العمل الفنى قائم على أنا والمخرج.
وتابع رئيس جمعية مؤلفى الدراما: ومع الاعتراف أن لكل قاعدة شواذ، لكن للأسف شواذ هذا الزمن كثر، وبالتالى ليس بمستغرب أن نسمع عن مثل هذه المشكلات، خاصة فى عمل قائم على ورشة كتابة، تضم عدد كبير من المؤلفين، بحيث يصعب ان تتحقق المناقشة المثمرة بين الطرفين، لأن المخرج ربما يجد نفسه تائها بينهم، وبالتالى يحتكم إلى ذاته، ويتخذ قرارات يراها من وجهة نظره تصب لصالح المسلسل، ويقوم بعمل ما يحلو له فى السيناريو، وهو امر مرفوض تماما، ولا يجوز بأى حال من الأحوال، ولا يمكن الاستناد على نقطة ان فريق الكتابة تنازل عن الفكرة، لأنه كمخرج استعان بهم لكتابة السيناريو، وبالتالى يجب ان يحترم جهدهم، وإذا شعر بأن هناك مشهدا ما بحاجة لتغيير، أو ضرورة إضافة شخصيات ما لتقوية العمل، وهذا حق أصيل للمخرج لا ننكره عليه، يجب أن يحدث هذا بالرجوع لأصحاب السيناريو، وطرح عليهم الأفكار التى يريدها، والمناقشة حول كيفية تنفيذها بشكل مرضى للجميع.
وأبدى بشير الديك استعداد جمعيته لتقديم دعمه لفريق الكتابة وقال: أتمنى أن يتقدم فريق الكتابة للجمعية لتقديم جميع الأوراق لدراستها، وتقديم كل الدعم لهم، رغم أن جمعية مؤلفى الدراما العربية تهتم بمشاكل اعضائها، ولها أهداف أخرى نسعى لتحقيقها، لكن فى النهاية نحن جميعا ننتمى لمهنة واحدة، ونصيحتى للشباب ان يحتكموا دوما للعقد، فالعقد شريعة المتعاقدين، ولابد ان يحرصوا على كتابة بند واضح وصريح يمنع التدخل فى السيناريو الخاص بهم، فهذه ليست المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة، وعلى الجيل الجديد أن يرفض الانصياع لأى محاولات إغراء بضروة تقديم تنازلات، بحجة أنهم لا يزالون فى بداية مشوراهم الفنى، والادعاء بأنهم اذا لم يفعلوا هذا فلن يجدوا من يمنحهم فرصة عمل، فهذه أكذوبة، وأذكر أن اول سيناريو لى كان فيلم «مع سبق الإصرار» الذى لعب بطولته نجم الشباك الأول فى هذا الوقت الفنان محمود ياسين، والذى طلب منى تغيير النهاية، لأنها لا تروق له، وعلى الرغم من أننى فى بداية مشوارى، ولا يعرفنى أحد، إلا أننى رفضت بشدة، وقلت له: «إنك قبلت العمل والفكرة، وعليك أن تلتزم بالسيناريو المكتوب» وحينما وجد منى إصرارا كبيرا على موقف، التزم بالسيناريو، والجميل فى الأمر أن مخرج الفيلم الراحل أشرف فهمى ساندنى، ودعم موقفى، ولم يراع تنفيذ طلب نجم فيلمه، على حساب قيمة الورق.
واستطرد: كان ممكنا أن أخشى أن يؤثر هذا على مشوارى الفنى، وأن أتوقف عن العمل قبل أن أبدأ، لكن ثقتى فى ورقى، جعلنى أقف صامدا، ولم أخش أى تبعيات، واتمنى أن يحذو الجيل الجديد حذوى، وألا يقدموا أى تنازلات، وإلا فهم احرار فيما سيحدث لهم، وبكاؤهم بعد هذا لن يفيدهم شيئا.
وبسؤاله عما اذا كانت الجمعية قادرة على إعادة حقوق فريق الكتابة إذا تم اكتشاف أنهم أصحاب حق قال رئيس الجمعية: فلنتكلم بصراحة، نحن بصدد مشكلة قانونية فى المقام الأول، وعلى المتضررين اللجوء للقضاء، وإحضار كل الأوراق التى تدعم موقفهم، وهذا أمر هين، فمن الطبيعى أن يسلم فريق الكتابة السيناريو للرقابة على المصنفات الفنية للحصول على موافقة قبل بدء التصوير، وبالتالى فتحت أيديهم وثيقة قوية وهامة تؤكد مزاعمهم، اضافة إلى أن الجمعية للأسف غير نشيطة، ولا أخجل من هذا التصريح، فشغلنا الشاغل كان ولا زال قضية «حق الأداء العلنى للمؤلفين» ولم نستطع منذ تأسيس الجمعية أن نحرك المياه فى هذا الأمر، وحينما اقترحت ان يتقدم فريق العمل للجمعية بكل أوراقهم لنا لدراستها، كان الهدف هو تقديم الدعم المعنوى لهم، لأن الجمعية تضم أسماء كبيرة فى عالم التأليف، وإذا شعرنا بأن هناك ممارسات لا تجوز تمارس فى حق المهنة، فهنا علينا أن نقف يد واحدة، حتى يدرك كل واحد حدوده.
وأشار بشير الديك إلى أنه: فى زمننا لم تكن هناك «جمعيات» أو من يدافع عنا، بل كنا من القوة أن ندافع عن أعمالنا، مستندين على موهبتنا، وثقتنا فيما نكتبه، وكنا جميعا نحارب ونكافح حتى لا يمس احد «ورقنا» نخوض حروبا مع الرقابة، ولا يمكن لأى نجم مهما كانت مكانته ان يوجهنا بكتابة ما يهواه ويريده، وكنا ولا زلنا على نفس النهج، وكانت النتيجة أن جيلنا به أسماء كبيرة فى عالم التأليف، تضاهى نجوميتهم، نجومية الفنانين الكبار، وهو ما يختلف تماما عما يحدث الآن، فما نشاهده أخيرا فى مهنة التأليف، مجرد «عك» وأصبح السيناريو على المشاع من حق المخرج أن يغير ما يشاء، وبطل العمل ان يفعل ما يشاء، وأصبحنا نعيش زمنا غريبا، ينعكس سلبا على ما نشاهده على الشاشة، فالأعمال الجيدة تعد على أصابع اليد الواحدة، أما باقى الأعمال فحدث ولا حرج.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved