الاقتصادى البريطانى هاجوون شانج لـ«الشروق»: نجاح سياسات الصندوق فى مصر مرهون بإقناع الناس وليس الحكومة فقط

آخر تحديث: الثلاثاء 26 فبراير 2013 - 10:35 ص بتوقيت القاهرة
حوار ــ محمد جاد

على الرغم من استمرار حالة الاحتقان السياسى، فإن الحكومة المصرية تمضى بشكل متسارع فى التمهيد لتوقيع اتفاق الاقتراض من صندوق النقد الدولى، والذى يتوقع ان يسهم فى إعادة تشكيل سياسات مصر الاقتصادية بعد الثورة، لذا فالبحث عن تقييم لهذا الاتفاق من خارج دائرة الجدل المصرية قد يساعد فى الوصول لرؤية أعمق عن آثاره على المدى المنظور، وفى هذا الإطار طرحنا بعض الأسئلة حول الاتفاق على الاقتصادى الكورى البارز، هاجوون شانج، أستاذ الاقتصاد بجامعة كامبريدج، والذى صنفته صحيفة الجارديان كأحد أهم عشر اقتصاديين فى إنجلترا. 

 

• على الرغم من وصول الاقتصاد المصرى لمرحلة حرجة فإن العديد من الجهات الدولية المانحة ترهن تعاونها مع مصر بتوقيع قرض الصندوق، كما تركز تقييمات مؤسسات كهيئات التصنيف الائتمانى على ربط التعافى المصرى بالاقتراض من الصندوق، ما هو تفسير ذلك برأيك؟

 

ــ هذه المؤسسات تمثل مصالح شركات ومستثمرين ماليين فى الدول الغنية، لذا فهم يريدون أن تتبنى مصر سياسات تكون غير متصادمة مع شركاتهم واستثماراتهم. سياسات صندوق النقد الدولى التى تركز على تحجيم التضخم وتقليل التدخل الحكومى وتحرير الأسواق، تعتبر الإطار السياسى الذى ترغب تلك المؤسسات العمل بداخله فى الأسواق المختلفة.

 

• هل ترى أن الأفكار المقدمة فى البرنامج الاقتصادى المطروح من الحكومة لتوقيع اتفاق مع الصندوق ملائمة لتعافى الاقتصاد المصرى، كالاعتماد على ضريبة المبيعات باعتبارها إحدى آليات تدبير الموارد وإعادة هيكلة الدعم؟

 

ــ لست على علم بتفاصيل اتفاق مصر مع الصندوق، ولكن يجب ألا نعتبر توصيات الصندوق بمثابة حقائق علمية لا يمكن تحديها، أولا: تستطيع أن تصلح الوضع المالى من خلال جمع الضرائب من الطبقات الأكثر ثراء أو تقليل الامتيازات التى يتمتعون بها بدلا من جمع الضرائب من الفقراء وتخفيض دعم السلع الخاصة بهم. ثانيا: إن كانت هناك ضرورات تحتم اتخاذ إجراءات لإصلاح الوضع المالى فيجب أن يحدث ذلك بشكل تدريجى، وإذا اتجهت إلى تخفيض الإنفاق العام بشكل متسارع فقد يؤدى ذلك إلى تدمير الاقتصاد لأنه سيؤثر على قدرة المواطنين على الاستهلاك مما يدفع الاقتصاد للركود، انظر إلى ما حدث فى اليونان وإسبانيا ودول أوروبية اخرى نتيجة لتلك السياسات.

 

ثالثا: بافتراض أن نظرية صندوق النقد عن أن تخفيض الدعم مسألة ضرورية لكى تكون السلع بأسعارها الحقيقية، وهذه مسألة خاضعة للجدل وهناك نظريات ضدها، فإن تلك الإصلاحات لن تعمل إذا لم يكن لها قبول شعبى، هناك العديد من الدول شهدت مظاهرات ضد سياسات صندوق النقد التى خفضت الدعم على الغذاء والماء وسلع أخرى ضرورية لأن الناس لم تقبل ذلك.

 

• ولكن إلى أى مدى تستطيع مصر برأيك ان تستعيد الاستقرار فى البلاد وفى نفس الوقت تستجيب لتلك السياسات، خصوصا أن تجربة الأردن مع الصندوق أوضحت مدى الاضطرابات التى يمكن أن تنتجها تلك السياسات؟

 

ــ أولا يجب على مصر وتونس ايضا ألا تعتبرا أن توقيع اتفاق مع الصندوق هو نهاية العالم. فهناك دول استطاعت أن تدير اقتصاداتها بشكل جيد بدون الاستعانة به ولا بالبنك الدولى، مثال على ذلك ناميبيا والتى ليس لديها أية التزامات تجاه تلك المؤسستين سوى قرض صغير أخذته من البنك الدولى للإنفاق على التعليم.

 

كما  أن هناك مصادر بديلة لتوفير التمويل مثل الصين وفنزويلا، وفى حالة الدول العربية هناك فرص جيدة لجذب تمويل من دول تلك المنطقة ، وهى المصادر التمويلية الأقل فى المشروطية عن صندوق النقد.

 

هذا إلى جانب أن هناك دائما مساحة للتفاوض مع الصندوق نفسه على شروط زفضل، فهو قد تغير كثيرا خلال السنوات الأخيرة، ولم يعد مصرا على سياسات السوق الحرة بالشكل الذى كان يتبناه سابقا، وان كانت القدرة التفاوضية للدول النامية محدودة، خصوصا اذا كانت دول مجاورة لها قد وقعت اتفاقا مع الصندوق مثل حالة الاردن بالنسبة لمصر وتونس.

 

• ما هو البديل أمامنا إذا لم ننجح فى توقيع قرض الصندوق، خصوصا أن هناك العديد من الجهات المستثمرة تربط دخولها مصر بهذا الاتفاق؟

 

ــ كما قلت من قبل هناك مصادر متعددة للتمويل، وما أود أن أضيفه أيضا أنه قد يكون رفض بعض الاستثمارات الأجنبية إجراء سليما إذا كانت مرهونة بسياسات ضد مصلحتك على المدى الطويل.

 

• فى إطار الحديث عن بدائل التنمية، هناك أصوات أصبحت تهاجم الديمقراطية والحريات النقابية فى مصر وتعتبرها عثرة أمام تحقيق الاستقرار الذى يقودنا إلى التعافى، ما رأيك؟

 

ــ لا توجد أية دلائل على أن الديمقراطية وحرية التنظيم العمالى لهما أثر سلبى على التنمية الاقتصادية، بالطبع قد يحدث بعد التمادى الذى يكون له أثر سلبى ولكن أى سياسة لها آثارها السلبية، ومن يعتقد ان قمع الديمقراطية مفيد للاقتصاد عليه ان ينظر إلى حالة زائير تحت حكم موبوتو أو الفلبين تحت حكم ماركوس، وعلى أى حال فمصر جربت بالفعل لفترة طويلة نظاما سياسيا يقمع الديمقراطية والحريات العمالية وكانت نتائج ذلك سيئة للغاية، فلماذا يريد البعض تكرار هذه التجربة؟!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved