أ ش أ: قيس سعيد يستجيب للشعب التونسي ويطبق المادة ٨٠ من الدستور

آخر تحديث: الإثنين 26 يوليه 2021 - 12:50 ص بتوقيت القاهرة

أ ش أ

عد الفصل 80 من الدستور التونسي هو الفصل الأكثر تداولاً بين التونسيين أو على الأقل المتابعين منهم باهتمام للمشهد السياسي في البلاد خلال الأيام الأخيرة، إذ تتعدد الدعوات لتفعيله وهو ما قام به الرئيس التونسي قيس سعيد مساء اليوم خلال اجتماع طاريء عقده مع القيادات العسكرية والأمنية.
وقد اتخذ، سعيد عدة قرارات، في محاولة لترتيب المشهد السياسي الراهن، الذي يخيّم عليه العنف المتبادل والاحتجاجات والإضرابات وتعطّل مصالح عدة في مؤسسات الدولة.
ويتساءل البعض عن مضمون هذا الفصل وما هي انعكاساته؟ هل يسمح نصه فعلاً بإحداث تغيير على المشهد السياسي الحالي؟ هذا التقرير محاولة للتقصي في أمر "الفصل الشهير" واستتباعاته مع الربط بالراهن السياسي وبالاستناد إلى ما رجحه مختصون في القانون الدستوري في تونس.
والفصل 80 ينص على : أنه في حالة الخطر الداهم المهدد لكيان الوطن أو أمنه ينص على أنه "لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن أو أمن البلاد أو استقلالها، يتعذّر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويُعلِنُ عن التدابير في بيان إلى الشعب".
ويجب أن تهدف هذه التدابير إلى تأمين عودة السير العادي لدواليب الدولة في أقرب الآجال، ويُعتبر مجلس نواب الشعب في حالة انعقاد دائم طيلة هذه الفترة، وفي هذه الحالة لا يجوز لرئيس الجمهورية حلّ مجلس نواب الشعب كما لا يجوز تقديم لائحة لوم ضد الحكومة، ولكن يحق له تجميد عمل البرلمان وإلغاء الحصانة عن كافة النواب.
وبعد مُضيّ ثلاثين يومًا على سريان هذه التدابير، وفي كل وقت بعد ذلك، يُعهَد إلى المحكمة الدستورية بطلب من رئيس مجلس نواب الشعب أو ثلاثين من أعضائه البتُّ في استمرار الحالة الاستثنائية من عدمه، وتصرح المحكمة بقرارها علانية في أجل أقصاه خمسة عشر يومًا.
ويُنهى العمل بتلك التدابير بزوال أسبابها، ويوجه رئيس الجمهورية بيانًا في ذلك إلى الشعب".
وفي تأويل الفصل 80، هناك البعض من الثوابت فيما تتعدد القراءات في عدة نقاط منه لكن المتداول عند معظم أساتذة القانون الدستوري الذين تطرقوا لفصل هو أنه:
ـ ينظم حالة الاستثناء وهي مختلفة عن حالة الطوارئ وحالة الاستثناء هي حالة "فريدة من نوعها"
ـ لرئيس الجمهورية هامش مهم من السلطة التقديرية وله إمكانية الاستناد إلى هذا الفصل أو تجنب ذلك خاصة في ظل غياب المحكمة الدستورية
ـ إعلان حالة الاستثناء يخوّل للرئيس اتخاذ "التدابير" وهي عبارة جاءت على إطلاقها في الفصل 80 وبالتالي بإمكانه اتخاذ تدابير من اختصاص المشرّع، أو رئيس الحكومة بما معناه أن تفعيل هذا الفصل يمكن أن يُعلّق العمل لفترة بمبدأ الفصل بين السلط وتركيز السلط بالتالي عند الرئيس ومن هنا تأتي "خطورته"
ـ هناك حدود لهذا الفصل من ذلك أن يتعلق الأمر بحالة مؤقتة لا يمكن أن تكون دائمة، أيضًا لابد أن تصب التدابير الاستثنائية ضرورة في عودة تأمين السير العادي لدواليب الدولة في أقرب الآجال وأن لا تكون خارجة عن الدستور
ـ في حال تفعيل هذا الفصل، لا يمكن لرئيس الجمهورية حل البرلمان، والمجلس يكون في حالة انعقاد دائم أي لا يمكن أن يدخل في عطلة برلمانية ولا يمكن توجيه لائحة لوم تجاه الحكومة.
منذ المصادقة على دستور الجمهورية الثانية أو دستور يناير 2014 كما يُطلق عليه البعض، لم يتم تفعيل الفصل 80 أبدًا لكن الدعوة لذلك ليست حديثة إذ سبق أن كان "الفصل الشهير" محل نقاش واسع بين المختصين والمتابعين للشأن السياسي في شهر يوليو الماضي وذلك إبان تصريحات لرئيس الجمهورية قيس سعيّد حينها، فُهمت كأنها تمهيد للتوجه نحو تفعيل هذا الفصل.
في تلك الفترة، كان سعيّد قد قدم "تصريحات" تحديدًا بتاريخ 20 يوليو 2020، إذ صرح أنه "لن يقف مكتوف الأيدي أمام تعطل البرلمان"، مضيفًا "الدولة فوق كل الاعتبارات ومؤسساتها يجب أن تعمل بصفة طبيعية.. يحصل أن تكون هناك مناكفات في بعض المجالس قد تصل حد العنف لكن أن تصل إلى مرحلة تعطيل مؤسسة دستورية فهذا غير مقبول بأي مقياس من المقاييس".
وقال سعيّد في ذات التصريح "الوسائل القانونية المتاحة بالدستور موجودة لدي اليوم بل هي كالصواريخ على منصات إطلاقها ولكن لم أرد اللجوء إليها في هذا الظرف بالذات، لكن لن أترك الدولة التونسية بهذا الشكل الذي تسير إليه. أرجو أن نجد حلاً لهذا الوضع الذي لا يجب أن يستمر. النص الدستوري يمكنني من التصرف ونحن نعيش أخطر وأدق اللحظات في تاريخ تونس منذ الاستقلال وعلى الجميع التحلي بروح المسؤولية".
وكانت قد تزامنت هذه التصريحات مع تعطّل على مستوى عمل البرلمان نتيجة احتجاجات واعتصامات متتالية لكتلة الحزب الدستوري الحر وما تلى ذلك من عنف لفظي ولوائح برلمانية وغير ذلك، وكان حديث رئيس الجمهورية عن "الوسائل القانونية المتاحة له بالدستور" مشيرًا بوضوح، وفق المختصين في القانون والمحللين السياسيين، للفصل 80 إذ يعطي هذا الفصل الرئيس صلاحيات واسعة لا يُمكنه منها أي فصل آخر، لكن لم يتم تفعيل الفصل حينها وتواصل الجدل في إمكانية اعتبار المشاحنات داخل البرلمان مبررًا للإحالة إلى "حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن أو أمن البلاد أو استقلالها، يتعذّر معه السير العادي لدواليب الدولة" كما ينص الفصل 80 وبالتالي المرور لتفعيله أم أن في الأمر تعسفًا على الفصل وتأويله، وهو جدل وخلاف لم يقتصر على النشطاء والمتابعين والسياسيين بل سيطر حتى على نقاشات مختصي القانون في البلاد.
وبتاريخ 7 ديسمبر الماضي كان سعيّد قد لوح من جديد بتفعيل الفصل 80 إذ قال، في كلمة أمام عدد من النواب الذين استقبلهم في قصر قرطاج إثر حوادث العنف اللفظي والمادي التي عرفها البرلمان مؤخرًا، إنه "يوجه الإنذار تلو الإنذار والتحذير تلو التحذير بأنه يحترم الشرعية والقانون ولكن لن يترك تونس تتهاوى ولن يترك مؤسساتها تسقط، ومن يعتقد أننا لا نتابع ما يحصل فهو واهم''.
وبلهجة تحذير حادة، واصل كلمته "نعرف كل شيء، وستأتي اللحظة التي سأحمّل فيها الجميع المسؤولية أمام الله والشعب والتاريخ، لن نقبل بأن تسيل الدماء وأن يمهّد البعض لإسقاط الدولة.."، مؤكدًا "ستستقط كل المؤامرات''.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved