ارتباك غربي بسبب الهجمات الجوية المجهولة على ليبيا
آخر تحديث: الثلاثاء 26 أغسطس 2014 - 7:46 م بتوقيت القاهرة
عمرو عوض
سيطرت حالة من الارتباك على الدوائر السياسية والإعلامية العواصم الرئيسية الغربية بسبب الهجمات الجوية الغامضة التي تعرضت لها أهداف تابعة لميليشيات مسلحة في العاصمة الليبية طرابلس.
ففي حين نقلت وسائل الإعلام الغربية عن مصادر مجهولة القول إن طائرات إماراتية ومصرية وراء الهجمات، رفضت الدوائر الرسمية الأمريكية التعليق على هذه الأحداث، وحذرت الولايات المتحدة الأمريكية وأربع دول أوروبية بشدة من «تدخلات خارجية» في ليبيا.
في الوقت نفسه، تتصاعد فيه ردود الأفعال على ما نسبته صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية إلى مسؤولين أمريكيين من القول بأن طائرات إماراتية شنت، دون تنسيق مع واشنطن وانطلاقا من مصر، غارات على مواقع لميليشيات إسلامية في العاصمة الليبية طرابلس، وهو ما سبق أن نفته القاهرة وأبوظبي، مفضلتين عدم التعليق على تقرير «نيويورك تايمز».
ففي بيان مشترك، مساء أمس الاثنين، انتقدت واشنطن وباريس ولندن وبرلين وروما ما سمّته «التدخلات الخارجية التي تغذى الانقسامات في ليبيا»، رافضة أيضا «تصعيد المعارك والعنف» في هذا البلد الذي تسوده فوضى عارمة.
فيما حذرت دول جوار ليبيا، خلال اجتماع بالقاهرة أمس، من تداعيات تلك الفوضى على دول الإقليم، ولا سيما الجوار، وأعربت عن رفضها لأي تدخل خارجي في الشأن الليبي.
«نيويورك تايمز» ذكرت، نقلا عن مسؤولين أمريكيين لم تسمهم، أن الإمارات ومصر (اللتين تدعمان برلمانا جديدا منتخبا لا يتمتع فيه الإسلاميون بأغلبية) اشتركتا في قصف جوي لمليشيات إسلامية ليبية، دون علم واشنطن، وذلك رغم نفي الرئيس عبدالفتاح السيسي، أي تدخل عسكري مصري في الجارة ليبيا.
المسؤولون رأوا أن «نفي مصر الواضح للدبلوماسيين الأمريكيين تدخلها في ليبيا يعد ضربة جديدة للعلاقات المتوترة بالفعل بين القاهرة وواشنطن.
وبحسب مسؤول أمريكى رفيع المستوى، فإن «هذه الضربات الجوية ليست بناءة إطلاقا وأثبتت نتائج عكسية، فبعد الضربة الثانية بساعات سيطرت تلك الميلشيات (الإسلامية) على المطار الرئيسي بالعاصمة».
ومشككة في القول بأن واشنطن لم تعلم بالأمر، قالت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، إن هذا «ادعاء لا يمكن تصديقه»، إذ إن التواجد الكبير للسفن الأمريكية في مياه الخليج العربي والبحر المتوسط يمنع الإمارات من إطلاق طائراتها دون علم الولايات المتحدة.
المجلة نقلت عن ضابط البحرية الأمريكية المتقاعد، المحلل في معهد دراسات الحرب، كريستوفر هارمر، قوله إن «الحكومة الأمريكية تعلم من قصف ماذا». ووفقا للمجلة، فإنه «مع مشاركة الولايات المتحدة بالفعل في الحرب في أفغانستان، والحملة الجوية الآخدة في الاتساع بالعراق، واحتمال التوجه (إلى عمل عسكري) إلى سوريا، فإن إدارة الرئيس (الأمريكى) باراك أوباما لا تفكر فى التورط عسكريا في دولة أخرى في الشرق الأوسط، لذلك تدفع دول أخرى إلى تحمل المهمات الثقيلة، عندما يتعلق الأمر بدعم الأمن في دولة هشة».
ومضت قائلة إنه «ما من شك في قدرة سلاح الجو الإماراتي على ضرب طرابلس، فهو أكثر تقدما وحداثة، إذ اشترت الإمارات قبل عامين 60 طائرة من نوع «اف 16 بلوك 60» الأمريكية، القادرة على اصابة اهدافها من مسافة 150 ميلا. بالإضافة إلى امتلاكها طائرات ميراج الفرنسية وهليكوبتر أباتشى الأمريكية وطائرات إعادة التزود بالوقود فى الجو، فالإمارات تملك ثانى أقوى قوات جوية فى الشرق الأوسط بعد إسرائيل»، بحسب هارمر.
وقال مسؤول أمريكى لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إن بلاده قلقة بشأن احتمال أن تكون أسلحة أمريكية قد استخدمت فى تلك الغارات، ما يمثل انتهاكا للاتفاقات التي بيعت بناء عليها تلك الأسلحة.
وقالت مراسلة «بي بي سي» في واشنطن، باربرا بليت، إن «الغارات الجوية كشفت ساحة قتال أخرى في الصراع الإقليمي من أجل السلطة بين مستبدين عرب وحركات إسلامية». فيما أشارت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، إلى أن المسؤولون الأمريكيين أبدوا منذ مدة طويلة قلقهم من اندلاع حرب بالوكالة فى ليبيا بين أطراف إقليمية عربية، تقف فيها مصر والسعودية والامارات في جانب الميليشيات المدنية، بينما تدعم قطر الميليشيات الإسلامية.
رسميا، رفضت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، جين بساكى، التعليق على تقرير «نيويورك تايمز»، قائلة: «لست في وضع يسمح لى بتقديم أي معلومات إضافية عن هذه الضربات»، مضيفة أن «التحديات في ليبيا سياسية والعنف لن يحلها. وينصب تركيزنا على العملية السياسية هناك، ونعتقد أن التدخل الخارجي يفاقم الانقسامات الحالية، ويقوض التحول الديمقراطي في ليبيا».
ونقلت «واشنطن بوست» عن الكاتب الأمريكي في معهد دراسات الشرق الأدنى، سايمون هندرسون، قوله، إن «هذه الضربات على الأرجح تشير إلى إحباط القاهرة وأبوظبي من محدودية دور واشنطن في حفظ الاستقرار فى ليبيا، وتمثل ردا على الفوضى المتزايدة في الشرق الأوسط».