سعد الحريري رئيسا للحكومة.. هل عاد لبنان إلى المربع صفر؟

آخر تحديث: الإثنين 26 أكتوبر 2020 - 4:44 م بتوقيت القاهرة

عبدالله قدري

أثار تكليف السياسي اللبناني سعد الحريري برئاسة الحكومة اللبنانية المقبلة، جدلا بين القوى السياسية في لبنان، خصوصاً أن عودته جاءت بعد استقالته من رئاسة الحكومة على خلفية ثورة 17 أكتوبر 2019، التي قام بها اللبنانيون العام الماضي، احتجاجاً على أداء الطبقة السياسية في البلد الذي بدأ اقتصاده في الانهيار خلال فترة حكومة الحريري الأخيرة.

ولم يكد يطرح اسم الحريري لتشكيل الحكومة المقبلة، حتى انقسمت الكتل السياسية حول أمر تكليفه، وكانت كتلة حزب الله البرلمانية، والتيار الوطني الحر بزعامة جبران باسيل، والقوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع هم أكبر المعارضين لعودة الحريري، فيما أعطت نواب كتلة التنمية والتحرير بزعامة نبيه بري أصواتها للحريري من أجل تشكيل حكومة لبنانية جديد.

جبران باسيل والذي يعد أبرز المعارضين للحريري، اعتبر مسألة عودته من جديد، بمثابة تكليف "سامي" لتنفيذ أجندة المبادرة الفرنسية في لبنان، وقال باسيل "ليس على علمنا أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عيّن أحدا ليشرف على مبادرته"، في إشارة إلى الحريري.

انعكس انقسام القوى السياسية على أحاديث لبنانيين على مواقع التواصل الاجتماعي، فما بين مؤيد لعودة الحريري يرى أن وجوده ضروري لحلحلة الوضع السياسي وحل الأزمة الاقتصادية، وما بين آخرون منتقدون يرون أن ظهور الحريري عودة لبنان إلى المربع صفر.

وقال خبيران لبنانيان تحدثا إلى "الشروق" إن عودة سعد الحريري لرئاسة الحكومة كان أمرا متوقعا، بسبب عدم وجود شخصية سياسية مستقلة تصلح لتولي رئاسة الحكومة مثل سعد الحريري، الذي يحظى بدعم خليجي على رأسها السعودية، ودول أوروبية في مقدمتهم فرنسا.

نصر أم انتكاسة للثورة؟

وعانى لبنان منذ استقالة الحريري من حالة عدم استقرار في منصب رئيس الوزراء، إذ أدى انفجار مرفأ بيروت في أغسطس الماضي إلى استقالة حسان دياب الذي خلف الحريري في منصب رئيس الوزراء، ثم استقال مصطفى أديب الذي خلف دياب في منصبه، نتيجة فشله في الحصول على الدعم الكافي لحكومته، "وهو الأمر الذي استطاع الحريري أن يحظى به نتيجة حصوله على رضا دولي وعربي"، وفق ما يقول الكاتب الصحفي والمحلل السياسي اللبناني فادي عكوم.

وقال عكوم "إن ضغوطا خارجية وداخلية أدت إلى عودة سعد الحريري، وربما ساعدت المأساة التي يعيشها الشعب اللبناني والضغوط الاقتصادية في تقليص موجة رفض الحريري في الشارع لأن الجميع يريد الخلاص من هذا الوضع الاقتصادي الصعب، أيا كان اسم من يمثل الحكومة، فمسألة رجوعه لا تعد نصرا أو انتكاسة للثورة اللبنانية، لأنه رجل فرضته الضرورة".

وعزز من وجود الحريري – حسب ما يقول عكوم – عدم وجود أي معارضة حقيقية في الشارع لعودته أثناء وقت الاستشارات والتكليفات، كما أن الثوار لم يقدموا أي شخصية لمنصب رئيس الوزراء توازي شخصية الحريري الذي يحظى بدعم دولي وعربي.

ويتفق المحلل السياسي اللبناني محمد سعيد الرز مع ما ذهب إليه "عكوم"، وقال في حديثه إلى "الشروق" إن مجئ الرئيس سعد الحريري في هذه اللحظة المفصلية بالنسبة للبنان "هو لقدرته بما يمثل لبنانياً وعربياً على التناغم والتنسيق بين الملفين الأميركي والفرنسي في لبنان".

اختبارات شائكة أمام الحريري

ويرى الرز أن الحريري أمام ثلاثة اختبارات شائكة، أول اختبار هو تشكيل حكومة أخصائيين غير حزبيين، وهو تحدي كبير لأن الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) لا يزال يتمسك بوزارة المالية وتسمية وزرائه داخل الحكومة، وطبيعي أن هذا الموقف سيدفع أطرافاً أخرى لاتخاذ موقف مماثل، والاختبار الثاني هو البيان الوزاري الذي يصر الحريري على أن يتضمن فحوى المبادرة الفرنسية.

أما الاختبار الثالث فهو أن الرئيس الحريري يعتبر أن الطريق الوحيد للانتعاش المالي والاقتصادي، يمر عبر صندوق النقد الدولي والمساعدات العربية والدولية فيما كثير من هذه الجهات تشترط حكومة نظيفة من حزب الله، وبالمقابل هناك شروط وضعها هذا الحزب على التعاون مع هذه الجهات، وهو ما تطرق إليه "عكوم" بأن حكومة الحريري يتوقع منها جذب الأموال من الولايات المتحدة وفرنسا والدول العربية، بما ينعكس على دعم الليرة اللبنانية، و إعمار وسط بيروت، والبنية التحتية للبلاد.

تحديات صعبة

ويعتبر المحللان السياسيان أن مسألة عودة الحريري انتشال للبنان من المأزق السياسي والاقتصادي الذي يعيشه، إذ يرى الرز أن ضياع هذه الفرصة سيضع لبنان أمام تطورات صعبة، لأن المجتمع الدولي اتخذ قراره لحماية مصالحه شرق المتوسط ولن يسمح لأحد بتعطيل هذه المصالح.

ويضيف إلى ذلك فادي عكوم أن عودة الحريري تعد انتصارا للشعب اللبناني في حال استطاع السياسي البارز إعادة لبنان الى الحضن العربي والاقتصادي، وجلب الأموال والمساعدات إلى لبنان.

ويعول اللبنانيون على المبادرة الفرنسية التي أعلنها الرئيس الفرنسي ماكرون خلال زيارته الأولى إلى لبنان، والتي تشترط إجراء إصلاحات عاجلة في البلاد ومعالجة الفساد، مقابل تدفق مليارات الدولارات من المساعدات الإنسانية، ما يحتم على وزارة الحريري "القيام بإصلاحات حقيقية بعيدا عن المحسوبية والمحاصصة، ودعم الكهرباء والبنية التحتية"، حسبما يرى عكوم.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved