بعد تأييد قرارات البرهان.. قبائل البجا السودانية العريقة التي تميل للحكومات الضعيفة

آخر تحديث: الثلاثاء 26 أكتوبر 2021 - 11:34 ص بتوقيت القاهرة

منال الوراقي

أعلن رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، أمس الاثنين، عدة قرارات أبرزها حل الحكومة السودانية الانتقالية التي يرأسها عبدالله حمدوك، وإعلان حالة الطوارئ في البلاد.

القرارات التي أعلنها البرهان، في كلمة متلفزة بُثت على التلفزيون الرسمي، وصفها بأنها "تحفظ مسار ثورة ديسمبر المجيدة حتى بلوغ أهدافها النهائية بالوصول لدولة مدنية كاملة عبر انتخابات حرة ونزيهة".

ولم تمض لحظات، حتى أعلن مجلس نظارات البجا في شرق البلاد، تأييده للتحركات التي اتخذتها البرهان والقوات الأمنية، وانحيازه لمطالب الشعب، وذلك بعد توتر ملحوظ سيطر على علاقة المجلس بالحكومة السودانية، مؤخرا، على خلفية التظاهرات التي اندلعت بالبلاد وإقفال مرفأ بورتسودان والمطالبة بتعليق اتفاق السلام الموقع في جوبا.

لكن، من هم شعب البجا وما هي اختصاصات مجلس نظارات البجا؟
برزت قبائل البجا وقائدها محمد الأمين ترك، مؤخرا، في المشهد السياسي السوداني، كمحرك رئيسي للمظاهرات التي اندلعت في شرق البلاد، هذا العام، والعصيان الذي تطور حتى أدى إلى إغلاق طرق ومنشآت حيوية، منها طريق (بورتسودان – الخرطوم)، الذي يعدّ بمثابة شريان الحياة للسودان، كونه يربط الموانئ الرئيسية على ساحل البحر الأحمر، التي يُعتمد عليها في استيراد 70% من احتياجات البلاد.

والبجا هم قبائل سودانية يُجمع المؤرخون على أنهم ذات جذور عريقة، يعود تاريخها في المنطقة إلى ما يزيد عن 5 آلاف سنة، وناتج عصارة أمم متنوعة، صهرتهم اللغة والثقافة والأرض، وفقا لموقع "العين الإخبارية" الإماراتي.

وتضم البجا في هيكلها قبائل رئيسية عديدة منها البني عامر، والحلنقة، والبشاريين، الأشراف، الأرتيقة، الشياياب، العبابدة، الكميلاب، الملهيتنكناب، والهدندوة، التي ينتمي إليها قائدهم محمد الأمين ترك، التي تعد أكبر قبائل البجا من حيث التعدد، وأيضا تمتاز بطقوس خاصة وعادات مختلفة في الزواج وغيره.

فيما ينقسم شعب البجا في تشكيلته إلى قبائل، لكل قبيلة منها عميد يسمى الناظر، ويجمع عمداء القبائل مجلس يسمى مجلس نظارات البجا.

• البجا.. شعب قوي يفضل الحكومات الضعيفة
رئيس المركز الثقافي لشرق السودان، أبو علي أكلاب موسى، أوضح في إحدى كتاباته، أن تاريخ ظهور البجا للعالم قديم، ويعود إلى حوالي 4 آلاف سنة قبل الميلاد، بينما يوجد جدل حول المناطق التي قدموا منها؛ فالبعض يعتقد أنهم قادمون من مصر وإثيوبيا واليمن، لكن لا وجود لإجابات قطعية.

ووفقا لما ذكره المفتش الإنجليزي لشرق السودان، أندرو بول، في كتابه الشهير عن "تاريخ قبائل البُجَا بشرق السودان"، الصادر عن جامعة كامبريدج في الخمسينيات، وتحديدا في عهد الاستعمار، وترجمه عن الإنجليزية في التسعينيات، الكاتب أوشيك آدم علي، تقع بلاد البجا على الساحل الغربي للبحر الأحمر، وتبلغ مساحتها 110 آلاف ميل مربع، وتمتد حدودها شمالا حتى الحدود المصرية وإلى الجنوب حتى قرية قرورة ومن الغرب فحدودها تشمل الأراضي والتلال المحاذية للنيل حتى الحدود الحبشية والإريترية، وحتى ساحل البحر الأحمر من ناحية الشرق.

وبحسب ما كتبه مؤرخ البجا محمد صالح ضرار عام 1958، في رسالته التي نُشرت تحت عنوان "البجا والاستعمار"، تسكن قبائل البجا السودان منذ آلاف السنين، فقد انتشرت جماعاتها وأفرادها في وديان بلادهم جبالها، يقطعون الصحراء على ظهور جمالهم، يرعون إبلهم وماشيتهم وأغنامهم، يزرعون الذرة والحبوب.

والبجاوي في مظهره صغير البنية، متوسط القامة، خفيف الحركة وسريع، وبشرته بنية تشوبها حمرة وشعره ناعم تغلب عليه الأمواج.

وعن شعب البجا، يقول الكاتب البريطاني في كتابه: "وللتاريخ، فإن بقاء البجا على هذه الهيئة يعتبر من الأمور التي تثير العجب، وقد يرجع ذلك لأسباب عدة منها قسوة الحياة في المنطقة التي يعيشون فيها، لكن يرجع في المقام الأول إلى شخصيتهم المتميزة التي تطبعت لحياة بدوية حرة اقترنت بخشونة خالية من الحساسيات".

ووفقا للكاتب، فقد ظل البجا، على امتداد تاريخهم الطويل، في عزلة تامة غير خاضعين لأي سلطة مهما كان نوعها أو مصدرها، وبقوا مبعثرين في جبالهم وصحاريهم بعيدين كل البعد عن أي اتصال بالخارج محافظين بذلك على حريتهم واستقلالهم وغير عابئين أو مهتمين بما يجري حولهم، لذلك عادة ما يفضلون الحكومات الضعيفة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved