السفير الروسى بالقاهرة يرد على مقال «وقفة مع الصديق الروسي»: نحرص على سلامة مواطنينا وعلاقتنا مع مصر متميزة

آخر تحديث: الخميس 26 نوفمبر 2020 - 11:16 ص بتوقيت القاهرة

بعث السفير الروسى فى القاهرة جيورجى بوريسينكو برسالة إلى «الشروق» يرد فيها على مقال رئيس التحرير عماد الدين حسين المنشور بعنوان «وقفة جديدة مع الصديق الروسى» هنا

و«الشروق» تنشره كاملا عملا بحق الرد:
فوجئت أن أجد فى النسخة الإلكترونية لجريدة «الشروق» المحترمة مقال للسيد/ عماد الدين حسين رئيس تحريرها تحت عنوان «وقفة جديدة مع الصديق الروسى» الذى يتضمن دفعة من الانتقادات الموجهة إلى روسيا.
وآخذا فى الاعتبار أن الادعاءات الأساسية لروسيا فى هذا المقال تتعلق بتأخر استئناف رحلات «التشارتر» بين مدن روسية ومنتجعات مصرية أود أن أذكر بما يلى.
تم تبنى القرار عن وقفة الرحلات من بلدنا إلى الغردقة وشرم الشيخ وفقا للعمل الإرهابى فى 31 أكتوبر 2015 على متن طائرة الشركة الروسية «كوغاليم افيا» التى كانت متوجهة من شرم الشيخ إلى سانت بطرسبرج. وبعد دقائق من الإقلاع انفجرت عبوة ناسفة ما أفضى إلى مصرع 224 مواطنا روسيا بما فى ذلك 217 راكبا ومنهم 25 طفلا، بالإضافة إلى سبعة أعضاء هم طاقم الطائرة.
ما حدث فوق سماء سيناء يعد أكبر خسارة فى أرواح المواطنين الروس على مر تاريخ الطيران العالمى وأصبح أسوأ تحطم طائرة على أراضى مصر. بطبيعة الحال، لم تتمكن روسيا من القيام برحلات إلى مصر بعد هذا الحادث المأساوى بدون الضمانات لمتابعة القواعد الصارمة للأمان فى المطارات المصرية.
بفضل العمل المشترك بين الهيئات الروسية والمصرية المعنية تمكنت مصر بدرجة كبيرة فى عام 2018 من تحسين أنظمة الحراسة والتفتيش فى مطار القاهرة الدولى ما سمح باستئناف الرحلات المنتظمة بين عاصمتى البلدين.
قبل تفشى وباء فيروس كرونا المستجد قامت خطوط الجوية الروسية «أيروفلوت» بسبع رحلات خلال الأسبوع من موسكو إلى القاهرة ذهابا وإيابا بالإضافة إلى الرحلات الثلاث التى قامت بها شركة مصر الطيران.
تم توقف الرحلات الجوية بين بلدينا خلال فترة الزيادة الحادة فى عدد المصابين بفيروس كورونا. لكن أصبحت مصر من أوائل البلدان التى استأنفت روسيا معها الرحلات الجوية المنتظمة منذ شهر سبتمبر وذلك بعد بداية تحسين الوضع الوبائى فى العالم. وأن الناقلين الوطنيين المذكورين يقومان بثلاث رحلات ذهابا وإيابا أسبوعيا ولكن نامل فى عودة عدد الرحلات إلى المستوى السابق بعد التخفيض التدريجى للتدابير الوقائية لمواجهة فيروس كورونا فى بلدينا.
كما تهتم روسيا باستئناف رحلات التشارتر مع مدن المنتجعات المصرية من أجل إتاحة الفرصة لمزيد من المواطنين الروس للوصول اليها مباشرة وبدون الترانزيت لزيارة الشواطئ الخلابة للبحر الأحمر ومشاهدة الآثار التاريخية المصرية البارزة. وقد قام بزيارة بلدكم المضياف فى العام الماضى أكثر من 150 ألفا من المواطنين الروس ولكن يمكن أن ترتفع هذه الأرقام بدرجة كبيرة بعد افتتاح رحلات الشارتر إلى مدينتى الغردقة وشرم الشيخ.
ولكن توجد هناك الظروف الموضوعية التى يجب على موسكو أن تأخذها فى عين الاعتبار. ومثلا، لم تحل بعد طرف تقديم التعويضات لأقارب ضحايا الهجوم الإرهابى فوق سماء سيناء. فى هذا الصدد تطالب أسر الضحايا من فخامة الرئيس الروسى وحكومة روسيا الاتحادية بالإضافة إلى وزارة الخارجية الروسية وقف أى رحلات جوية إلى مصر. يدور الحديث عن المواطنين الروس ولهذا السبب لا تستطيع السلطات الروسية أن تتجاهل موقفهم.
وعلاوة على ذلك تظل قضية توفير التدابير الأمنية اللازمة فى مطارات المدينتين الشاطئيتين المصريتين المذكورتين مسألة رئيسية. ونحن طبعا نقدر عاليا العمل الضخم الذى اضطلع به الجانب المصرى فيما يخص بتحسين الأداء الأمنى فى مبانى مطاراتهم. كما اتخاذ هذه الإجراءات الأمنية يتيح فرصة لروسيا للتفكير بشكل جدى فى إمكانية استئناف الرحلات الجوية إلى مدينتى الغردقة وشرم الشيخ.
فى نفس الوقت لا نستطيع أن نصرف النظر عن الأخطار التى لا تزال تهدد لمواطنينا فى الوضع الحالى فى منطقة الشرق الأوسط. فهذا الأمر يتعلق ليس بالمكاسب المالية فقط ولكن يتعلق بحياة مواطنينا. ولا نعتقد أنه حتى الجريدة الأكثر احتراما تستطيع أن نقدم ضمانات لأمن وسلامة المواطنين.
يكفى التذكير بأن الإرهابيين قاموا بتفجير الطائرة «كوغاليم افيا» انتقاما من بدء العملية العسكرية الروسية ضد مقاتلى «داعش» والتنظيمات الإرهابية الأخرى فى سوريا. ولا تزال هذه الحملة قائمة وذلك يعنى أنه يبقى خطر تكرار تلك العمليات الكارثية واردا من جديد. وبالإضافة إلى ذلك تنفذ مصر نفسها العملية العسكرية ضد الإرهاب فى شمال سيناء.
من المؤكد أن الثوابت مثلما ذكرت تجعل روسيا تفكر مليا مرة أخرى حول الوضع الحالى. رغم ذلك نحن نأمل فى نجاح استئناف رحلات التشارتر إلى مصر فى المستقبل القريب. وينتظر هذه الخطوة ملايين من السياح الروس الذين يحبون بلادكم الرائعة.
بالنسبة للنقاط الأخرى من العلاقات الروسية المصرية فوقع رئيسا روسيا فلاديمير بوتين ومصر عبدالفتاح السيسى اتفاقية الشراكة الشاملة والتعاون الاستراتيجى فى ١٧ أكتوبر من عام ٢٠١٨. ولذلك فإن دولتينا شريكين استراتجيين حقيقيين تتعاونان على مستوى ثنائى وساحة دولية بشكل وثيق. نجد مواقف لكل من موسكو والقاهرة متشابهة أو متفقة فى العديد من الملفات والقضايا.
لنأخذ على سبيل المثال الوضع الحالى فى دولة ليبيا المجاورة. حيث إلى جانب إعلان مهم للرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى المؤرخ فى ٢٠ يونيو أن «سرت ــ الجفرة» تعد خطا أحمر لعبت روسيا دورا جوهريا مساندا فى وقف تحركات الميليشيات من غرب ليبيا تجاه الحدود المصرية، وهذا بفضل موقفنا الثابت فى الحوار مع أنقرة التى تؤيد السلطات فى طرابلس، وكذلك مع تلك السلطات. حذرت روسيا، بما فيها عبر القنوات العسكرية، الجانب التركى والحكومة الليبية الغربية فى منتصف يونيو من استمرار العملية الهجومية وأشارت إلى أنها محتومة بالفشل.
وأننا متضامنون تماما مع موقف مصر فى مجال مكافحة الإرهاب والتطرف. وعلاوة على ذلك فقد تم إدراج «جماعة الإخوان المسلمين» بقائمة المنظمات الإرهابية فى روسيا منذ عام 2003 قبيل أن تصنفها مصر نفسها.
وكما تم الإشارة إليه فى المقال بشكل صحيح فإن انتصار المصريين المجيد فى 6 أكتوبر 1973 أصبح أمرا ممكنا بواسطة الأسلحة السوفيتية. وتواصل روسيا اليوم فى مساعدة على مصر فى تعزيز قدرتها العسكرية وأمنها القومى ونفوذها الدولى. وحتى أن جنودنا يتعلمون أن يتعاملوا مع بعضهم البعض. ومن الأمثلة على ذلك المناورات البحرية المشتركة التى تجرى حاليا فى الفترة ما بين 17 ــ 24 نوفمبر من العام الجارى فى البحر الأسود وحيث مرت السفن الحربية المصرية عبر مضيق البوسفور والدردنيل بالدعوة الروسية للمشاركة فيها.
وكذلك يوجد بيننا التعاون الوثيق فى مجال الاقتصاد القائم على تجربة التعامل السابق فى الستينيات للقرن الماضى عندما تم بناء 97 منشأة بنية تحتية فى مصر بالمشاركة السوفيتية ومن بينها السد العالى بأسوان. واليوم يوجد العديد من المشاريع الروسية المصرية فى أجندتنا المشتركة مثل التسليم غير المسبوق لـ 1300 سيارة ركاب جديدة للسكك الحديدية المصرية خلال الفترة من 2020 ــ 2023 التى يتم إنتاجها فى مصانع الشركة الروسية «ترانسماش هولدينج».
وسيصبح تشييد محطة الضبعة للطاقة النووية مبادرة مشتركة بارزة. واختار الجانب المصرى شركة «روسأتوم» الحكومية مقاولا رئيسيا لهذا المشروع. وبناء على الطلب المصرى قدمت روسيا قرضا لمصر بقيمة 25 مليار دولار بشروط ميسرة مع خطة سداد بأقساط لفترة زمنية كبيرة. فإن إنشاء هذه المحطة النووية يهدف إلى تحقيق اهداف التنمية الاقتصادية لبلدكم بما فى ذلك تحويل مصر إلى مركز اقليمى للطاقة لتصدير الكهرباء إلى الدول الأخرى.
ويجب الفهم أن روسيا لا تفرض صداقتها على أحد، وفى نفس الوقت تعتبر مصر شريكا هاما. وتستعد دولتنا أن تتعامل مع الأصدقاء المصريين الأعزاء فى جميع المجالات على أساس المنفعة المتبادلة. وأعتقد أنه فى ظروف مناخ الاضطراب العالمى الحالى لا بد من الوقوف معا ببعضنا البعض وتعزيز التعاون بين شعبينا، اللذان يلعبان دورا هاما فى الشئون الدولية ويشعران بتعاطف متبادل منذ الزمان، لصالح الاستقرار فى الشرق الأوسط والعالم كله.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved