بعد بتر قدميه.. ضابط أفغاني سابق يُعدل سيارة أجرة ليكسب قوت يومه

آخر تحديث: الإثنين 27 يناير 2020 - 2:47 م بتوقيت القاهرة

أدهم السيد

عندما مر ميرزا حيدرى بالتاكسي الأبيض، على كمين الشرطة، استوقفه الضابط مذهولا وهو ينظر للفتيس الخاص به المربوط بشريط أزرق موصول بآلة غريبة وأسلاك معدنية ليسأله "ما هذا؟"، فأجابه ميرزا بأنه مبتور الساقين وهذه طريقة قيادته للتاكسى، لينطلق بعدها مكملا حياته فى مواقف متكررة من هذا النوع يوميا.

وبحسب "نيويورك تايمز"، فحيدرى صاحب الـ25 عاما، كان يخدم بالجيش الأفغانى منذ 5 سنوات حينما ضربته عبوة ناسفة بترت ساقيه، ولكسب لقمة عيشه صمم معدات مصنوعة منزليا لتهيئة السيارة للقيادة بما تبقى من يديه غير الكاملتين أيضا لأنه فقد 4 من أصابع يده اليسري بينما تعرضت اليمني للتلف دون أن تُقطع.

وتماما كحالة ميرزا، هناك آلاف الظباط السابقين من من فقدوا أقدامهم أصبحوا مكونا ظاهرا من المجتمع الأفغانى فمنهم من هو مثار للفخر والإعجاب ومنهم من هو مدعاة للشفقة والإحسان من السهل رؤيتهم بأى من الشوارع والمستشفيات متكئين على عكازات أو يمشون بأطراف صناعية منهم من يعيش بواسطة معاش الجيش ومنهم من أصبح "عالة" على أهله، أو لجأ إلى التسول بالطرقات، ومنهم من يعمل فى بيع كروت الهواتف، وكذلك هناك من هم مثل ميرزا من قرروا كسب قوتهم بمجهودهم.

وبينما يتكئ على أريكة منزله مستعدا ليوم عمل جديد، يقول ميرزا إنه كثيرا ما يرفض الزبائن الركوب معه بعد معرفة أنه مبتور الساقين، بل بعضهم يسخر منه، مضيفا: "حينما يهزأ بى أحدهم أتمنى لو أن العبوة قتلتنى لأن ما يفعلونه تعذيب لى طوال الحياة".

وأعرب ميرزا، عن حزنه لإهماله من قبل الجيش الأفغاني الذى لم يعطيه سوى تعويض مالي بسيط بعد 4 أعوام من الإصابة بالكاد غطى تكلفة شراء كرسى متحرك.

وتابع: "خدمت الجيش والوطن كثيرا ولكن الآن لم أعد أساوى شيئا لديهم لمجرد إنى لا أقوى على خدمتهم بشيء آخر فهم لا يكترثون بى كونى بترت ساقى أثناء خدمتهم"، موضحا أنه برغم الإحباط الذى أصابه إلا أنه أصر على المقاومة، ذاكرا أنه استلهم فكرة تعديل السيارة لقيادتها يواسطة يديه فقط، من أحد الضباك السابقين الذي تعرض لنفس إصابته.

واستطرد: "رسمت تصميما للتعديل المطلوب على السيارة، وأخذته لميكانيكى أعرفه، فرفض الرجل بداية، ولكن وبعد جدل عنيف أقنعته بالعمل على التصميم".

ووضع الرجلان جهازا يدويا بالسيارة وموصل بأسلاك معدن يتيح لميرزا التحكم بمقود السيارة بيمينه التالفة بينما يستخدم الإبهام المتبقي من يسراه لضغط مقبض يتحكم بدواسة البنزين، وكذلك بواسطة شريط أزرق موصول بمقبض آخر يشغل الفرامل وهكذا يتعامل أيضا مع الفتيس.

لكن رغم الانتصارات التي حققها ميرزا، بتمكنه من الحصول على كرسي متحرك مزود بموتور، وجزء من صغير من معاشه المستحق، إلا أنه لا يزال يشعر بالأسف لحال أسرته التي دفعت ثمن إصابته هي الأخرى، فشقيقه الصغير البالغ من العمر 11 عاما فقط أصبح يعمل بأحد المخابز بدلا من التعليم؛ نظرا لتعثر الأسرة ماديا.

ويُرجع ميرزا، سبب استقراره النفسي -نوعا ما- إلى أصدقائه وأسرته، لافتا إلى استغلاله وقت فراغه في لعب كرة السلة الخاصة بذوي الإعاقة، كما يحرص على الذهاب إلى صالة الألعاب البدنية؛ للمحافظة على بنية جسمه.

ويلخص ميرزا حالته بقوله: "حركيا أنا معاق ولكن ذهنيا أنا سليم، إذا كنت لا أملك قدمي فلا زلت أملك عقلي"، مؤكدا: "لست نادما أبدا على الالتحاق بالجيش فقد كنت أخدم وطنى ولكن أحيانا أتمنى لو كانت تلك العبوة قتلتني".

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved