اللي بنى مصر (5).. رحلة سيد النقشبندي شيخ المبتهلين الذي تنبأ بموعد وفاته

آخر تحديث: الإثنين 27 مارس 2023 - 11:58 ص بتوقيت القاهرة

محمد حسين

بتاريخ حضارتها الممتد لآلاف السنين، واحتضانها وتفاعلها مع الثقافات المحيطة الأخرى، أصبحت مصر أشبه بلوحة فنية بديعة من مكونات عمرانية وعادات أصبحت تشكل تراثا ثريا وأصيلا، وراء ذلك عقول بشرية صنعتها، ليكون من الجدير بها أن يطلق عليها لقب "اللي بنى مصر".

وتحت هذا العنوان، سنعرض في حلقات مسلسلة بعض ملامح سيرة من شكلوا لمصر وجهها الحضاري العظيم وتراثها الملهم، وذلك على مدار أيام شهر رمضان المبارك، للعام الثاني على التوالي.

الحلقة الخامسة...

مع الأجواء الروحانية لشهر رمضان، فإنه من المرجح أن يكون الجميع قد صادفت آذانه الاستماع، لتواشيح وأدعية شدا بها الشيخ سيد النقشبندي، بصوته الدافئ، وإيقاعه الباعث للطمأنينة الذي ألفته القلوب.

- مريدا للسيد البدوي وعاشقا لقربه

ويذكر الكاتب عمر طاهر في كتابه: "صنايعية مصر" أحد ملامح شخصية النقشبندي، وهي تعلقه الشديد بالسيد البدوي، حيث كان يعيش في جنوب الصعيد لا يفكر في أن يغادره،‏ وزاره ‏السيد البدوي‏‏ في المنام، وأخذه تحت إبطه باستقبال طيب وحنان وافر‏،‏ فغادر الشيخ سيد فراشه متجها إلى طنطا‏ واستقر في منزل تطل شرفته على مسجد "السيد البدوي‏"، ولمس الونس في جواره‏، وعندما تصدع المنزل وأوشك على الانهيار ذهب إلى محافظ الغربية، وطلب منه أن يوفر شققا لسكان هذا المنزل في مساكن المحافظة‏، فاستقروا جميعا هناك، إلا هو استطاع أن يخفف الحمول على المنزل بما يكفي؛ لأن يتحمله بمفرده ليهنئ كيفما شاء بالجوار‏.

- قطعة حلاوة وسر جلاء الصوت

وأحد الطقوس الطريفة في حياة الشيخ سيد، التي ذكرها الموسيقار الكبير عمار الشريعي، بأنه كان رجلا بسيطا يحب ما يفعله و كان كل طموحه أن يخرج ما يقدمه بشكل جيد، وأن يتوفر له قبل التسجيل قطعة حلاوة طحينية يجلي بها صوته‏.

وكان ارتباط "الشريعي"، بـ"النقشبندي" له خصوصية شديدة؛ إذ كان عازفا في الفرقة الموسيقية التي نفذت أول أعمال الشيخ سيد‏، قائلا: "بعد ذلك شاءت الظروف أن نعمل سويا في تنفيذ أغنية جديدة‏، وكنت أنا الفرقة بمفردي‏..‏ وكنت أغني خلفه ‏-‏ كنت البطانة يعني‏-‏ وفي هذه المرة استطعت أن أشاهده بشكل أفضل".

- الوصية الأخيرة

قرأ الشيخ سيد قرآن الجمعة في مسجد التليفزيون، ثم خرج وزار أخاه وأعطاه ورقة قال له لا تفتحها إلا وقت اللزوم‏،‏ وعاد إلى بيته‏ ثم مات‏ وفتح الأخ الورقة فوجد الشيخ سيد قد كتب فيها: ‏"سأموت غدا‏..‏ لا تقيموا مأتما واكتفوا بنشر النعي‏،‏ وادفنوني في العنوان المذكور‏)،‏ وفي العنوان المذكور وجدوا مقبرة جاهزة بلوحة رخامية تحمل اسم الشيخ سيد‏،‏ وسألوا فوجدوا أنه سدد ثمن المقبرة كاملا منذ عدة أيام‏.‏

اقرأ أيضا: اللي بنى مصر (4).. لينوس جاش الأب الروحي لصناعة الغزل والنسيج في مصر

وغدا نلتقي بحلقة جديدة..

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved