تقرير: نتنياهو يُدخل إسرائيل نفقا مظلما بإصراره على إجراء التعديلات القضائية

آخر تحديث: الإثنين 27 مارس 2023 - 4:05 م بتوقيت القاهرة

القاهرة (د ب أ)

نزل قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بإقالة وزير الدفاع في حكومته يوآف جالانت كالصاعقة على المجتمع الإسرائيلي، ليؤجج غضب المعسكر المعارض لخطته للتعديلات القضائية، والذي يستقطب كل يوم المزيد حتى بات يضم أعضاء من حزب الليكود نفسه الذي يتزعمه نتنياهو.

وزادت إقالة وزير الدفاع، التي جاءت غداة مطالبته بتجميد مشروع التعديلات القضائية لمدة شهر، المشهد الإسرائيلي ارتباكا، حيث خرج عشرات الآلاف في شوراع تل أبيب ومدن رئيسية أخرى تعبيرا عن رفضهم لهذا القرار، وسط مطالبات باستقالة نتنياهو، بينما استقال قنصل إسرائيل العام في نيويورك من منصبه، معربا عن رفضه استمرار العمل في هذه الحكومة.

وفي ظل حالة احتقان غير مسبوقة، اعتبر قادة المعارضة أن نتنياهو تجاوز "خطا أحمر" جديدا بإقالة وزير الدفاع، ووصف زعيم المعارضة يائير لابيد نتنياهو بأنه "تهديد لأمن إسرائيل".

وعلى وقع تسارع التطورات خلال ساعات الليلة الماضية وزيادة سخونتها، أعربت الولايات المتحدة عن قلقها الشديد ودعت القادة الإسرائيليين إلى "التوصل إلى تسوية".

وقالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض أدريان واتسون: "لطالما كانت القيم الديمقراطية، ويجب أن تظل، سمة للعلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل".

ووصفت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية قرار إقالة وزير الدفاع الإسرائيلي بالمفاجئ، مشيرة إلى أنه جاء بعد ساعات من الكشف عن معارضته العلنية لمشروع التعديلات القضائية الذي أثار انقساما كبيرا حتى في صفوف الجيش، والذي يمنح السلطة التنفيذية صلاحيات واسعة على حساب السلطة القضائية.

ويرى مراقبون أن نتنياهو ربما يعيد حساباته في ظل ردة الفعل العنيفة التي قوبل بها قراره الأخير، خاصة في ظل إشارات متضاربة زادت من ضبابية الموقف وألقت بظلال من الشك بشأن مستقبل الحكومة برمتها.

بينما رأى البعض أن إقالة وزير الدفاع مؤشر على أن رئيس الحكومة سيمضي قدما في خطته المثيرة للجدل، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، مع احتدام الموقف وحالة الشحن التي أثارها القرار، أن نتنياهو يفكر في تجميد الخطة.

وأشارت الصحيفة إلى أنه ينتظر أن يتم تعيين آفي ديختر، الرئيس السابق لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت)، خلفا لجالانت.

ولفتت الصحيفة إلى خطورة انعكاس الخلافات والانشقاقات التي أحدثها مشروع التعديلات القضائية داخل المؤسسة العسكرية التي وصفتها بأنها "أكثر المؤسسات التي تحظى باحترام الأغلبية اليهودية في إسرائيل، مشيرة إلى تزايد عدد أفراد الجيش الذين يهددون بعدم أداء الخدمة.

ونقلت واشنطن بوست عن مانويل تراجتنبرج ، مدير معهد دراسات الأمن القومي للأبحاث، قوله إن "نتنياهو يمكنه طرد وزير دفاعه، لكن لا يمكنه طرد التحذيرات التي سمعها من جالانت".

ويرى جوي لوري، الباحث في معهد إسرائيل الديمقراطي للأبحاث، أن التطورات القضائية والسياسية سريعة الإيقاع "تدفع بإسرائيل نحو منطقة مجهولة وأزمة دستورية متسارعة"، حسبما نقلت الصحيفة الأمريكية.

وأضاف: "نحن في بداية أزمة دستورية حيث الخلاف على مصدر سلطة وشرعية الهيئات المختلفة الحاكمة".

وركزت صحيفة تايمز أوف إسرائيل على أن جالانت بات أول وزير في الحكومة يعارض خطة نتنياهو لإدخال تعديلات قضائية.

وأشارت إلى أن رئيس الأركان العامة هارتسي هاليفي ، وفي تصريحات علنية نادرة ، حذر من أن الجيش الإسرائيلي لا يمكنه العمل من دون جنود الاحتياط، وأن نتنياهو لم يعر هذه التحذيرات اهتماما ووجه قادة المؤسسة العسكرية بقمع المعارضين.

وكتب نتنياهو على حسابه على تويتر مساء الأحد عقب الإعلان عن إقالة جالانت: "يجب أن نقف جميعا بحزم ضد أولئك الذين يرفضون الخدمة في الجيش".

واعتبرت الصحيفة أن إسرائيل "تدخل في دوامة الفوضى".

ونقلت القناة الـ12 الإخبارية الإسرائيلية عن قائد الجيش الإسرائيلي السابق جادي إيزنكوت تحذيره من أن "إقالة وزير الدفاع جالانت عار على إرث نتنياهو ورهان ينطوي على مخاطرة على حياتنا جميعا".

ووصفت الإطاحة بوزير الدفاع بأنها فاقمت "واحدة من أخطر الأزمات الداخلية في تاريخ إسرائيل".

ورأت صحيفة الجارديان البريطانية أن الخطوة التي أقدم عليها نتنياهو بإقالة وزير الدفاع تؤكد إصراره على المضي قدما في خطته بشأن التعديلات القضائية "التي أغضبت قادة رجال الأعمال وأثارت مخاوف بين حلفاء إسرائيل".

وبينما يدافع رئيس الوزراء الإسرائيلي عن خطته، يرى منتقدون أنها ستزيل الضوابط والتوازنات في النظام الديمقراطي بإسرائيل وتركز السلطة في أيدي الائتلاف الحاكم.

وأمام حالة الغليان التي أمست عليها إسرائيل ، دعا الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوج إلى وقف الإجراءات الخاصة بالتعديلات القضائية فورا، قائلا على تويتر صباح اليوم الاثنين: "من أجل وحدة شعب إسرائيل ومن أجل المسؤولية، أدعو لوقف الإجراءات التشريعية فورا".

من ناحية أخرى، ذكرت صحيفة جيروزاليم بوست في وقت مبكر من صباح اليوم الاثنين، أن نتنياهو عقد اجتماعا طارئا. واستمرت المحادثات، التي بدأت مساء الأحد، حتى الساعات الأولى من صباح اليوم.

وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومة الإسرائيلية تبحث تجميد الإصلاح القضائي المثير للجدل بعد اندلاع احتجاجات غاضبة ليل الأحد.

ويبقى المشهد الإسرائيلي مفتوحا على كل الاحتمالات خلال الساعات القادمة، مع ترجيح بعض المراقبين الذهاب لانتخابات للمرة السادسة خلال أقل من أربع سنوات.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved