هل مسلسل 60 دقيقة آمن نفسيا؟. الطبيب نبيل القط يكشف كواليس العمل لـ الشروق

آخر تحديث: الأربعاء 27 أكتوبر 2021 - 11:46 ص بتوقيت القاهرة

الشيماء أحمد فاروق

عُرض خلال الأيام الماضية مسلسل "60 دقيقة"، من تأليف محمد هشام عبية، وإخراج مريم أحمدي، ومن خلال قصة العمل يطرح صُناعه شبكة مترابطة من العلاقات تسلط الضوء على مجموعة من الأمراض النفسية والعقلية وتأثيراتها على الآخرين عبر الشخصية الرئيسية، وهو الدكتور "أدهم" الطبيب النفسي، والعمل من بطولة ياسمين رئيس ومحمود نصر وسوسن بدر وشيرين رضا.

ظهر ضمن شخصيات المسلسل، الطبيب النفسي نبيل القط، الذي لعب دور الدكتور علي الخيال، الشخصية المضادة لأدهم، صديق والده والطبيب الخاص له، كما حاول مساعدة أدهم في مرحلة الطفولة للتعافي من اضطراب نفسي، لم يكن "القط" ممثلاً في العمل فقط، وإنما مرجعا مهما لإعداد تفاصيل المسلسل القائم بشكل أساسي على الاضطرابات النفسية، وفي لقاء "الشروق" معه كشف لنا كواليس العمل.

في البداية، شرح سبب اقتناعه بالدور، وكان وراء ذلك المخرجة مريم أحمدي، حيث أقنعته أن وجوده سيحدث توازنا وتعادلا في العمل، مقابل وجود أدهم بكل تفاصيله النفسية السلبية، وبالفعل اقتنع بذلك وبدأ في الاستعداد للدور.

قال القط، لـ"الشروق": "بعد إقناع المخرجة مريم أحمدي لي بأن أدائي لهذا الدور مهم للحفاظ على التوازن في أجواء المسلسل المشدودة نفسيا، حصلت على ورشة تمثيل قبل التصوير".

أما عن أصعب المشاهد التي صادفته أثناء التمثيل، كان المشهد الذي جمعه بالطفل أدهم، الذي نتعرف من خلاله على اضطراب السلوك المصاب به، بعد أن يصحبه والده إلى عيادة صديقه "علي الخيال" نتيجة لملاحظة بعض السلوكيات القاسية التي يرتكبها الطفل، مثل قتل قطة أو التسبب في أشياء مؤلمة وضارة للخادمة في المنزل.

قال القط: "أكثر مشهد كان صعبا مع أدهم الطفل، أولاً الولد كان يؤدي بطريقة جيدة جدا، وللأسف أنا لم أستطع التمثيل وحدث لي حالة من اللخبطة، لأن عقلي كان يفكر في هذه اللحظة كطبيب نفسي وليس كممثل، كنت أفكر أن هذا الطفل يمثل شخصية شريرة، كيف أحميه من أثر ذلك ومدى تأثر حالته النفسية، لذلك لم أستطع التركيز في المشهد، وكانت المخرجة مريم أحمدي تحاول توجيهي ومساعدتي، لكن اضطررنا أن نعيد التصوير أكثر من مرة".

كان نبيل القط له أكثر من إسهام داخل العمل، في البداية شارك في مراحل الكتابة والإعداد بالعمل للخروج بنتائج جيدة من حيث الاضطرابات النفسية التي يعاني منها شخصيات المسلسل، حيث قال: "العمل على تفاصيل الكتابة في الأمور النفسية استغرق شهورا للإعداد والمناقشة مع المؤلف والمخرجة، لقد بدأنا منذ نهاية صيف 2020 واستمر التجهيز شهور".

وأضاف: "المؤلف محمد هشام عبية إنسان متعاون جدا، والعمل معه مريح ومحبب إلى قلبي، وقد عملنا سويا من قبل في مسلسل (سقوط حر) للفنانة نيللي كريم، لكن المخرجة مريم أحمدي كان التعاون الأول، واكتشفت أنها شخصية عظيمة جدا ومتعاونة ومبدعة حقيقي".

على الجانب الآخر كونه مرجعا نفسيا لصناع العمل، كان أحد أدوار "القط" أن يوجه نصائح للممثلين قبل أداء المشاهد النفسية الصعبة، وبعد الانتهاء منها أيضا، لكي يستطيعوا الخروج من الحالة النفسية والتخلص من الآثار النفسية للتقمص، وفق ما ذكر في حديثه.

قال القط: "من أكثر الشخصيات التي كانت لافتة بالنسبة لي، شخصية سارة، التي لعبتها الفنانة فاطمة البنوي، كانت في حالة تعايش للدور بشكل متكامل، كنت مقتنعا بالفعل أنها مكتئبة نتيجة لإجادتها تمثيل الشخصية".

وأضاف: "عملت مع محمود نصر ساعتين (أون لاين) أثناء تواجدي في مصر وهو في لبنان، بعد ذلك اجتمعنا أكثر من مرة للتحقق من تفاصيل الشخصية، وأثناء التمثيل، سواء في العيادة أو خارجها كان يوجد متابعة مستمرة ودقيقة للخروج بأداء موفق، وقد ساعدني في ذلك المخرجة بتعاونها".

• كثير من المشاهد الصعبة.. هل المسلسل آمن نفسيا؟

تدور أحداث المسلسل حول الشخصية الرئيسية الدكتور أدهم نور الدين، طبيب نفسي ناجح ومشهور وأستاذ جامعي، متزوج -ياسمين رئيس- ولديه ابن، يبدو أنه شخص مثالي كما يصوره جميع من حوله، لكن مع استكشاف الأحداث وتتابعها نكتشف أنه إنسان مصاب باضطراب في شخصيته منذ الصغر ولم يُعالج، بسبب رفض والدته، مما أدى إلى تطور حالته ووصولها لدرجة مؤذية لمن حوله.

ويستغل الطبيب مهنته في اصطياد المرضى التي تتناسب حالتهم وظروفهم مع مخططاته، ويقيم معهن علاقات جنسية دون رضاهن بعنف شديد، أو يتحرش بهن، لأنه مصاب بـ"اضطراب السلوك/ التصرف" هو مجموعة من المشكلات السلوكية والعاطفية التي تبدأ عادة أثناء الطفولة أو المراهقة، يواجه المصابون بهذا الاضطراب صعوبة في اتباع القواعد والتصرف بطريقة مقبولة اجتماعيا، سلوكيات عدوانية ومدمرة ومخادعة يمكن أن تنتهك حقوق الآخرين دون أدنى شعور بالتعاطف معهم، وفق الدكتور تيموثي ج.ليج، المتخصص في علم النفس الإكلينكي.

أحداث المسلسل تدور في 9 حلقات، وتتضمن عددا كبيرا من المشاهد الصعبة، محاولات انتحار، وقتل، وحالة انتحار بالفعل، ومشاهد تحرش جنسي، واغتصاب، فهل يمكن أن تؤثر هذه الأحداث بالسلب على المشاهدين؟

قال القط: "إذا تابع شخص مسلسل (60 دقيقة) ولديه ذكريات متشابهة مع بعض الأحداث، من الممكن أن تتحرك داخله مشاعر قديمة، المسلسل يمكن أن يخلق بعض المشاعر السلبية أيضا، إذا مر إنسان بخبرة مشابهة ولازالت حية بداخله ولم يتعاف لا يشاهد العمل، لكن إذا استطاع التجاوز وتعافى من الواقعة، يستطيع المشاهدة، على حسب حالة الشخص، لكن المسلسل أيضا به جوانب إيجابية، علاج وتعافي ومواقف من الشخصيات، ممكن أن تشعر الفتيات بحالة من التشجيع، أنهن يستطعن أخذ موقف والرفض والابتعاد عن سطوة المؤذي، على سبيل المثال، موقف الفتاة المراهقة ورفضها الذهاب إلى عيادة الطبيب النفسي مرة أخرى ومصارحة والدتها بالأمر، التعافي جزء منه اتخاذ قرار وعدم الاستجابة".

أضاف: "إذا أعد المسلسل في عدد حلقات أطول، كان ذلك أفضل، لأنه يضم عددا كبيرا من المشاهد الصعبة نفسيا، لدرجة أنني أفكر في اقتراح على المخرجة عمل جزء ثاني، لكن لا أعرف هل ذلك متاح أم لا، لكن عموما أرى أنه يوجد تكثيف شديد في العمل، وكان ممكن تتواجد إضافات وتفاصيل أكثر تقلل من حدة الحالة النفسية المسيطرة".

يصادف الطبيب النفسي الكثير من الحالات المعقدة خلال عمله، وذكر القط أنه قابل على المستوى الشخصي حالات مشابهة للشخصيات في مسلسل "60 دقيقة"، واستوحى منهم كثير من التفاصيل أثناء مرحلة الإعداد، ويرى أن المسلسل يقدم رسالة مهمة، وهي عدم تصديق المظهر، والانخداع في أي شخص ذو مظهر جيد، أو مشهور أو يظهر على شاشة التلفزيون.

أوضح القط: "الشخصية المريضة مثل أدهم صعب جدا أن تتخذ قرار الذهاب من نفسها إلى طبيب نفسي، أو تقرر العلاج، يجب أن تقع تحت ضغط كبير جداً لكي ترضخ لفكرة العلاج، وبالفعل قابلت شخصيات مثل أدهم أتت لي، لكن غالبا تكون مدفوعة بضغوط كبيرة، مثل الزوجة أو الأولاد أو الأهل، لكن صعب جدا أن يُقدم على هذه الخطوة بقرار شخصي، يجب أن يخسر خسارة كبيرة جداً للتحرك نحو التعافي".

عرض المسلسل نموذجين للأمهات، الأول قدمته سوسن بدر، وهي والدة أدهم، ورفضت علاج ابنها في مرحلة الطفولة وأنكرت سلوكه المضطرب، بينما فعلت الثانية العكس، وهي النموذج الذي قدمته ياسمين رئيس، زوجة أدهم، عندما رصدت تصرفات ابنها وسلوكياته العدوانية، ورسوماته المعبرة عن العنف والقتل، حاولت أن تحل المشكلة وتلجأ للعلاج.

عند سؤال دكتور نبيل القط عن هذا الجانب ومتى تبدأ الأم القلق على ابنها والتحرك تجاه متخصص، قال: "أرى أن كل أم أو أب يجب أن يجلسوا مع متخصص للحديث معه عن ابنهم أو ابنتهم، ثم يتخذوا قرار إذا كان الطفل بخير أم لا، لأن التربية حاليا أصبحت من الصعوبة التعامل معها دون متخصص، نحن نحتاج إلى متخصص يرشدنا لكيفية تربية أبناءنا، وكشف العلامات التي تتطور فيما بعد لمشاكل نفسية، وأنصح المقبلين على الإنجاب الحصول على كور، النقطة التانية التي يجب أن يراعيها الآباء هي رصد أي فعل شاذ أو زائد عن الطبيعي للطفل، سواء اجتماعيا أو على مستوى اللعب والتعامل مع أقرانه وهكذا".

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved