ارتجاع المرىء.. الألم واحد والسبب مختلف

آخر تحديث: السبت 27 ديسمبر 2014 - 10:15 ص بتوقيت القاهرة

الشروق

حينما داهمته نوبة مفاجئة من الألم المباغت من منتصف الصدر أيقظته من عميق نومه فى الفجر.. أيقن أنه يواجه خطر أزمة قلبية حادة.. طلب إلى زوجته التى استيقظت منزعجة أن تتصل بإسعاف مستشفى متخصص فى تشخيص وعلاج أمراض القلب.

نقلوه على عجل إلى غرفة الرعاية المركزة لتبدأ سلسلة التحاليل والاختبارات المعروفة. جاءت النتائج مفاجئة للجميع فرسم القلب سليم تماما ومستويات الإنزيمات الدالة على حدوث جلطة طبيعية. توالت نتائج الاختبارات لتؤكد سلامة الشرايين التاجية وكفاءة عضلة القلب لكن الألم لم يتوقف بل ازداد شراسة. فقط الطعم اللاذع الذى أشار المريض إلى أنه يكوى فمه دون سبب واضح كان دليل الأطباء على أن ما يعانى منه إنما هو نوبة مفاجئة لارتجاع المرىء الذى يطلق عليه العامة حرقة الفؤاد فبدأت سلسلة مختلفة من فحوصات الجهاز الهضمى.

تبدأ عملية هضم الطعام من الفم بمعاونة الأسنان والأضراس التى تطحن الطعام واللعاب الذى يحتوى بعض الإنزيمات الهاضمة وحركة البلع التى تدفع بالطعام إلى المرىء الذى يسلمه للمعدة.

المرىء أنبوب عضلى ينتهى بعضلة عاصرة تعمل كبوابة للمعدة. حينما تنفرج تلك العضلة العاصرة تسمح للطعام بالمرور من المرىء للمعدة التى تنتهى بعضلة عاصرة أخرى بينها وبين الاثنى عشر أو الأمعاء الدقيقة التى تليها الأمعاء الغليظة «القولون» التى يتم فيها بقية خطوات الهضم وامتصاص الطعام ثم خروج الفضلات عن طريق المستقيم والشرج.

من الطبيعى أن يحكم تماما إغلاق تلك البوابات فى توافق يتيح للمعدة أن تتم عملية الهضم المستخدم فيها الإنزيمات المختلفة وحامض المعدة المعروف «الهيدروكلوريك HCL.Acid».

الغشاء المخاطى المبطن للأمعاء هو مصدر الحامض المَعِدِى عالى التركيز لذا فاحتمال لدرجة الحموضة أمر مفهوم.

لنا أن نتصور ما الذى يحدث إذا انعكست الآية فبدلا من أن تقذف المعدة بمحتوياتها من الطعام والحامض إلى الأمعاء يحدث ارتجاع للحامض وبعض من الطعام فى اتجاه المرىء.

يتسبب الحامض فى إيذاء الغشاء المخاطى المبطن للمرىء وكل ما يمسه من أغشية مخاطية أخرى فى البلعوم وربما الحنجرة إن طالها. وقد يشعر الإنسان بلسعة الحامض فى فمه إذا كان الارتداد قويا.

لماذا يحدث ارتجاع المرىء؟

يحدث نتيجة لخلل فى عمل العضلات المكونة للمرئ خاصة العضلة العاصرة التى تقع فى الجزء السفلى منه.

من المعروف أيضا أن الحجاب الحاجز وهو غشاء عضلى يفصل تماما محتويات الصدر ومنها المرىء بالكامل عن محتويات البطن وفيها المعدة بالكامل. حدوث فتق فى الحجاب الحاجز حول المعدة يجعل جزء منها يتسرب منزلقا من البطن للصدر محدثا ما يسمى «Hiatal Hernia» أو فتق الحجاب الحاجز.

فتق الحجاب الحاجز هو السبب الثانى لارتجاع الحامض المعدى للمرىء.

من الطبيعى أن تزيد حدة الألم حينما ينحنى الإنسان للأمام أو يستلقى ممددا على الظهر إذ يزداد حجم الارتجاع بعكس حينما يقف الإنسان منتصبا.

هل هناك مقدمات لارتجاع المرىء؟

ارتجاع المرىء أحد الأعراض لمشكلات الجهاز الهضمى التى لا يسلم منها أحد لكنها إذا تكررت بصورة دائمة انتقلت من دور العرض للمرض «Gastroeso Phogeal Reflux».

ارتجاع المرىء أمر قد يصحب الحمل نظرا لإفراز هورمون البروجيستيرون الباسط للعضلات مما قد يؤثر على العضلة العاصرة فى نهاية المرىء فتنفرج ليحدث تسريب الحامض من المعدة للمرىء.

السمنة أحد العوامل التى تزيد من الضغوط على الحجاب الحاجز والمعدة مما تضطر معه العضلة العاصرة فى نهاية المرىء للانفراج.

تتأثر وظيفة المعدة فى تفريغ محتوياتها فى اتجاه الأمعاء فتتباطأ حركتها عند مرضى السكر مما قد يتسبب فى ارتجاع الحامض إلى المرىء.

يحدث هذا أيضا لمضاعفات معروفة لتناول بعض الأدوية ومنها علاجات الاكتئاب والأدوية المضادة للهستامين والمستخدمة لعلاج الألم المزمن.

قد يختل أيضا عمل المعدة حينما يحدث ما يعوق تفريغها كحدوث ندوب نتيجة لالتهابات متكررة تضيق معها فتحة تفريغ المعدة فى اتجاه الأمعاء فيزداد حجم وتركيز الحامض فى المعدة فيرتد للمرىء.

متى يجب أن تراجع طبيبك؟

ارتجاع المرىء عرض قد يتكفل به أى المستحضرات «مضادات الحموضة» التى يمكن شراؤها بدون تذكرة طبية لكن تكراره باستمرار يستدعى مراجعة أخصائى لأمراض الجهاز الهضمى.

وجود صعوبة فى البلع أو القىء خاصة إذا صاحبه نزيف أو عصارة سوداء اللون.

وجود صعوبة فى البلع سواء كانت الصعوبة فى بلع السوائل أو المواد الصلبة.

مراقبة الفضلات إذا ما تغير لون البراز للون الداكن نتيجة وجود نزيف من الأمعاء. كلها ظواهر قد تدل على خطر داهم قائم يمكن تداركه فى بداياته خاصة إذا ما ارتبط بنقصان غير مبرر فى الوزن.

كيف يمكنك أن تعرف أنك تعانى من ارتجاع الحامض المعدى للمرىء؟

1 ـ هل مررت بتجربة أن تشعر بطعم الحامض فى فمك مقترنا بألم فى صدرك خاصة بعد الانتهاء من طعامك؟

2 ـ هل هدأت حدة الألم عند استخدامك أى من مضادات الحموضة المعروفة مثل تامس «Tums» أو الزنتاك Zantac أو الببسيد Pepcid.

إذا اجتمعت إصابتك بنعم على الأسئلة الثلاثة فأنت بلا شك تعانى من ارتجاع حامض المعدة للمرىء أو من حرقة الفؤاد كما يطلق عليها العامة فى بلادنا.

هل من علاج؟

إذا تم استبعاد أى مضاعفات أو مشكلات صحية مصاحبة فإن العلاج يبدأ بتغيير بعض العادات الغذائية.

ـ تجنب الكافيين والشيكولاته والنعناع وكل أنواع الكحوليات إذ إنها كلها تتسبب فى زيادة إفراز الحامض المعدى.

ـ تفادى الأطعمة الحريفة وكل الفواكه الحمضية مثل البرتقال واليوسفى وعصائرها، أيضا الخل وصلصلة السلاطة بكل أنواعها.

ـ تجنب المشروبات الغازية.

ـ تفادى التدخين فالنيكوتين يحفز إفراز الأحماض.

ـ تناول وجبات صغيرة ربما لعدد مرات أكثر تعوض الجوع وتخدم العرض.

ـ لا تتناول الطعام قبل أن تخلد للنوم بأكثر من ثلاث ساعات.

ـ تجنب التمرينات الرياضية خاصة رفع الأثقال أو الانحناء للأمام عقب تناول الطعام واستخدم وسائد للجلوس فى الفراش لفترة مناسبة تتيح لك الراحة بعد تناول الطعام.

ـ إذا تكررت أعراض ارتجاع حامض المعدة للمرىء ولازمتك حرقة الفؤاد فالعلاج بالأدوية أمر لا مفر منه أو إجراء الجراحة لفتق الحجاب الحاجز إذا تم تشخيصه.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved