معرض القاهرة للكتاب.. كيف تساهم القراءة في تغيير العقول واكتشاف الذات؟

آخر تحديث: الجمعة 28 يناير 2022 - 11:40 ص بتوقيت القاهرة

الشيماء أحمد فاروق:

بدأت اليوم أولى أيام معرض القاهرة الدولي للكتاب، والمستمر حتى يوم 6 فبراير، حيث يشهد إقبالا جماهيريا كعادته من محبي الكتب والأعمال الأدبية المختلفة والباحثين عن حضور ندوات أو جلسات ثقافية.

ويحب كثير من الناس الكتب والقراءات الأدبية تحديداً، ولكن كيف يمكن أن ينعكس ذلك على شخصياتهم، تقول مريانا بوجسيان، محاضر في علم النفس الثقافي، في هذا السياق: "يمكن لقراءة القصص الخيالية أن تحفز النمو والتنمية الذاتية، والخروج من رواياتنا الذاتية ومحاكاة الحالات العقلية للآخرين، وذلك ما يساهم في خلقه الخيال، وأيضاً يمكن أن تساعد قراءة الروايات في زيادة التعاطف المعرفي ووعينا بأنفسنا".

تُرجع بوجسيان هذا التفاعل بين القاريء والعمل الأدبي، إلى الخيال، حيث تشير في مقالها بمجلة سيكولوجي توداي: "الخيال ليس صورة فوتوغرافية، إنه شكل مجازي للسلوك البشر، ويعتمد العمل الخيالي على التواصل غير المباشر ليوجهنا إلى عوالم جديدة، وإذا قرر الكاتب مصير أبطاله، فنحن كقراء لدينا الكلمة الأخيرة حول كيف يتردد صدى القصة بين سطور حياتنا".

وتضيف بوجسيان: "الآلية الكامنة وراء الإمكانات التحويلية للخيال تنطوي على عملية من خطوتين: الخروج والمحاكاة".

وتشير بوجسيان إلى ما قالته ماجا دجيكيتش، أستاذ مشارك في السلوك التنظيمي وإدارة الموارد البشرية، عن الخيال وتأثيره على البشر: "عندما نقرأ الروايات يُطلب منا الخروج مؤقتًا من هوياتنا والدخول في هويات مختلفة عقليًا، وتصبح رواياتنا الذاتية أكثر صرامة، ويمكن أن تكون الدعوة إلى تنحية هوياتنا جانبًا والدخول إلى مساحة أخرى لذوات الآخرين حيث يمكننا محاكاة طرق مختلفة للوجود أمرًا تحويليًا بالفعل، ومن خلال استكشاف عقول أخرى، يتم منحنا الفرصة لممارسة تجربة مشاعر وأفكار وسلوكيات مختلفة عما نعيشه، وعندما تجد نفسك تعيد التعامل مع القصة والشخصيات بعد الانتهاء من قراءة الكتاب عندها يحدث ما يسمى بالنمو".

- وفيما يلي 4 طرق محتملة لتطوير الذات من خلال الخيال..

1- التعاطف
وهو بناء متعدد الأبعاد يتضمن القدرة على استنتاج الحالات العقلية للآخرين وتجربة المشاعر التي يشعرون بها، حيث تقول بوجسيان إنه عندما نقرأ الروايات فإننا نتدرب على قراءة عقول الآخرين، يمكن لعملية المحاكاة هذه، حيث يحاول القراء فهم دوافع الشخصيات وأفكارهم وعواطفهم تحسين التعاطف المعرفي، كأحد الجوانب الرئيسية للذكاء العاطفي.

2- المهارات الاجتماعية
وتتضمن الرغبة في فعل شيء بمعرفتنا حول ما يفكر فيه الآخرون ويشعرون به لتحسين التفاعلات الاجتماعية، وبناءًا على فهمنا للحالات العقلية للآخرين، يمكننا معرفة كيف نكون مع الآخرين مما يجعل تفاعلاتنا أكثر أصالة وحقيقية، وبالتالي فإن التعاطف المعرفي هو شرط ضروري ولكنه ليس كافيًا للمهارات الاجتماعية الجيدة، فما زلنا بحاجة إلى وضعها موضع التنفيذ، كما كتب الروائي وعالم النفس كيث أوتلي (إذا كان الخيال هو محاكاة للعالم الاجتماعي، فيمكن للمرء أن يصبح أكثر مهارة في هذا العالم من خلال الانخراط في المزيد من الخيال)".

3- التعلم عن أنفسنا
تفترض بوجسيان أن التباين هو الطريقة الأكثر روعة للتعلم، غالبًا ما لا ندرك ميولنا وأنماطنا حتى نراها تتعارض مع الحياة والتجارب الأخرى، لذلك يوفر الخيال هذه الفرصة ويساعدنا في معرفة المزيد عن خصوصياتنا، وعندما تنقلنا القصص إلى عوالم مختلفة، فإننا لا نتعرف فقط على العديد من الطرق للعيش والتواجد، ولكن قد ندرك أيضًا مدى ارتباطنا بهوياتنا، بالإضافة إلى أن القراءة عن الآخرين يمكن أن تجعلنا وجهًا لوجه مع إنسانيتنا المشتركة، حيث ندرك أنه على الرغم من اختلافاتنا الهائلة، فإن البشر في كل مكان يهتمون بأشياء مماثلة.

4- الشخصية
تشير الشخصية إلى أي طريقة مستقرة نتفاعل بها مع العالم، ويمكن أن يساعدنا الخيال على الخروج ذهنيًا من السرديات الذاتية وممارسة أن نكون في حالة لا نلتزم فيها بتعميمات واسعة حول أنفسنا، حيث تعلمنا القراءة الفروق الدقيقة والتعقيد ليس فقط عن العالم ولكن أيضًا عن الشخصيات التي تعيش في العالم، نتيجة لذلك، قد نصبح أكثر مرونة في كيفية رؤيتنا لأنفسنا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved