«المرأة في السينما المصرية».. محمود قاسم يكشف دور حواء في صناعة الفن السابع

آخر تحديث: الثلاثاء 28 مايو 2019 - 10:39 م بتوقيت القاهرة

شيماء شناوي

"أعمال إحسان عبد القدوس أدت لتحول ملحوظ في الدور الذي لعبته المرأة المصرية في السينما
شهدت صورة المرأة تغيرا ملحوظا في افلام الستنينيات ونزلت المرأة لتعمل في الوظائف الحكومية وتتعرض لاغراءات الفساد

 


صدر حديثًا عن دار مجاز الثقافية للترجمة والنشر، كتاب "المرأة في السينما المصرية"، للكاتب والناقد السينمائي محمود قاسم.

والكتاب يرصد الدور الريادي الذي لعبته المرأة في تأسيس السينما المصرية، وذلك على أيدي بعض النساء اللائي شاركن في النهضة السينمائية وحملن مسئولية صناعة السينما، في الوقت الذي أنشغل فيه الرجال بأمجاد المسرح، حيث تصدرت مجموعة النساء بعمل أفلام جديدة منذ العام 1927، وظلت هذه المسيرة بارزة حتي الأن، ومن أبرز هذه الأسماء "عزيزة أمير، التي لم تكف عن الكتابة والإنتاج والتمثيل طوال ربع قرن، وتبعتها في المسيرة الفنية بهيجة حافظ، وفاطمة رشدي، واللبنانيتان آسيا، ماري كويني"، حيث قدمت كل منهن مجموعة من الأفلام التي كانت ذات هدف اجتماعي إيجابي بدون استثناء لأي منهن في الحياة المصرية.

وحول الكتاب الجديد قال محمود قاسم، في تصريح خاص لـ "الشروق"، "لوحظ أن هناك مرحلتين متباينتين تماما في الصورة التي تعاملت فيها المرأة مع السينما، وكيف ظهرت صورة النساء في موضوعات الأفلام، وفى هذا الكتاب، أتوقف عند أبرز الصور التي ظهرت عليها المرأة في الأفلام، فقبل الخمسنيات كانت المرأة في الغالب أما امرأة خادمة، أو هي مجرد راقصة أو غانية، ترتزق بجسمها لدرجة أنها تعتمد في حياتها على جسدها، وكانت المرأة تظهر مصابة دومًا بمرض السل القاتل، وتعيش قصص حب يائسة للغاية، ومن أبرز هذه الافلام: "زينب" لمحمد كريم، وغيرها من الأفلام العديدة المأخوذة عن رواية "غادة الكاميليا" ومنها فيلم "ليلي"، لتوجو مزراحي، وأيضا الأفلام المأخوذة عن مسرحيات الأديب ويليام شكسبير.

وأضاف "قاسم"، بينما الوقت ذاته كانت الشخصيات التي تجسدها عزيزة أمير في أفلام من انتاجها تدافع فيهاعن قضايا الوطن الكبير، وعلي رأسها القضية الفلسطينية، فان فيلم" "الأفوكاتو مديحة"، للفنانة مديحة يسري وإخراج يوسف وهبي، يشتهر بعبارة يرددها الفلاح الثرى ضد أخته الطموحة، قائلًا: "عليك لعنة الفلاح"، لأنها جرؤت وقامت بالعمل في المحاماة، وفي نهاية الفيلم أجبرتها الأسرة أن تترك مهنتها وتتزوج من ابن عمها، وهو أقل منها في العلم والثقافة، كما أن الزوج يجبر امرأته الفنانة علي ترك الفن والعودة إلى البيت في فيلم "حبيب الروج" إخراج أنور وجدي، أما بقية نساء الأفلام في تلك المرحلة فان أكثرهن شهرة هي الراقصة التي كانت تمثلها تحية كاريوكا ,وبديعة مصابني وسامية جمال، ببا عز الدين، وكاميليا، وكانت الراقصة تتلوي أمام المطرب الذي كان يمثله فريد الأطرش ومحمد فوزي.

ليؤكد الكاتب أن تلك الصورة سرعان ماتغيرت مع الخمسنيات، قائلًا: "ورغم رحيل عزيزة أمير في بداية ذلك العقد، وتوقف بهيجة حافظ عن العمل تماما، فان السينمائيين انتبهوا إلى أعمال إحسان عبد القدوس، وفي فيلم "الله معنا "، إخراج أحمد بدرخان، فأن المرأة الني جسدتها الفنامة فاتن حمامة، قد انضمت إلى الضباط الأحرار وساعدتهم فى القبض علي تاجر الأسلحة الفاسدة، وقد جسدت فاتن هذه الشخصية لتعبر عن صورة المرأة التي تغيرت بشكل ملحوظ، وعلي سبيل المثال فأن فاتن حمامة هي التي قامت بدور المحامية في "الأستاذة فاطمة" إخراج فطين عبد الوهاب،وذلك بعد ثلاثة سنوات من الدور الذي جسدته مديحة يسري، وبدت الأستاذه فاطمة شخصية مختلفة تماما، ففي الوقت الذي يفشل فيه خطيبها الشاب في إدانة مجرمين فان امرأة تخطط لتوريطه في ارتكاب قضية قتل، وتنجح المحامية في اثبات براءة خطيبها.

وتابع المؤرخ والناقد السينمائي، كانت الأعمال المأخوذة عن إحسان عبد القدوس هي أدوات تحول ملحوظ في المجتمع مثل دور التلميذة علية في فيلم "أين عمري"، إخراج أحمد ضياء الدين، التي لاتلبث أن تكتشف مايحدث حولها فترفض تسلط زوجها الثري العجوز، وتطلب منه الطلاق، مؤكدًا إن أعمال احسان عبد القدوس مليئة بنماذج لامعة مثل المدرسة فايزة في فيلم "الطريق المسدود لصلاح أبو سيف، التي رفضت كل أشكال الفساد سواء في محيط أسرتها التي تكتسب من القمار، أو الكاتب الأدبي الذي يتصرف عكس ماينشر من مبادئ، كما أنها ترفض أشكال الفساد الريفى عندما تعمل مدرسة في إحدي القرى،, وهكذا رأينا أفلاما عن صور مشرقة للنساء، وكانت الدكتورة لطيفة الزيات ذات رسالة وهي تكتب رواية " لباب المفتوح" حول الطالبة الجامعية التي تتحول لتساند أبطال المقاومة ضد الاستعمار البريطاني، وهو دور قريب من شخصية المدرسة في فيلم "لاوقت للحب" إخراج أبو سيف، كما أن شخصية "ماجي" التي جسدتها نادية لطفي في فيلم "النظارة السوداء" لحسام الدين مصطفى، تحولت من امرأة لاهية الي سيدة تدافع عن حقوق العمال في المصانع.

ويختتم قاسم "هكذا شهدت صورة المرأة تغيرا ملحوظا في أفلام الستنينيات، ونزلت المرأة لتعمل في الوظائف الحكومية وتتعرض لاغراءات الفساد، مثلما في فيلم "العيب" لجلال الشرقاوي، المأخوذ عن رواية للكاتب يوسف إدريس, وهكذا حدث إقبال ملحوظ علي الأعمال الادبية، وصارت المرأة تتغير، فرغم أن في فيلم "ميرامار" لكمال الشيخ هي عاملة لا أكثر إلا أنها تقرر أن تتعلم كي تكون أفضل، وفي فيلم "شئ من الخوف" لحسين كمال، فأن الفلاحة تتمرد علي طاغية القرية الذي تزوجها، وتساعد أهل القرية في إسقاطه.

في كتاب محمود قاسم هناك فصول عديدة عن علاقة المرأة المصرية بالكثير من المهن، حيث عملت في الطب والمحاماة والتدريس والصحافة وهندسة البترول والسياحة والترجمة والإبداع، كما أنه ابتداء من العقد التاسع من القرن الماضي، فان المرأة عادت مرة أخرى قوة إلي عالم الإخراج، ونعرفنا علي دنيا النساء من خلال عيون المخرجات مثل "كاملة أبو ذكري، إيناس الدغيدي، ونادية حمزة، وأسماء البكري، وساندرا نشأت، وأسماء أخري عديدة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved