المانجروف.. ملاذ الكائنات الحية فى حرب التغيرات المناخية

آخر تحديث: الأحد 29 مايو 2022 - 11:50 ص بتوقيت القاهرة

تحقيق ــ دينا شعبان:

مدير عام محميات جنوب سيناء: تخزن الكربون الضار بـ 40 ضعف الغابات الاستوائية المطيرة.. ومساعٍ لتنفيذ مشروعات لاستزراعها قريبًا
خبيرة بيئة: يضم 70 نوعًا حول العالم أشهرها «الجندل والقرم».. ويجرى حاليا التوسع فى زراعة الغابات على ساحل البحر الأحمر
دراسة علمية: له 20 فائدة وميزة منهم حماية الشواطئ من الآثار السلبية للتغيرات المناخية


فى ظل ما يعانيه العالم حاليا من تقلبات فى الطقس، تظل أشجار المانجروف واحدة من أكثر الأسلحة فعالية فى حرب التغيرات المناخية للحفاظ على التنوع البيولوجى، لقدرتها الهائلة على امتصاص ثانى أكسيد الكربون المسبب الرئيسى للتغيرات المناخية بطاقة اختزان تصل إلى 659 كيلوجراما سنويا.

تحت اسم «المانجروف» يوجد 70 نوعا من الأشجار حول العالم، تعمل على إخراج الأكسجين بمعدل 6 أضعاف عن أنواع الأشجار الأخرى، لتمنح حق الحياة للكثير من الكائنات الحية والطيور المهاجرة المهددة بالانقراض.

• استزراع المانجروف

قال مدير عام محميات جنوب سيناء وليد حسن، إن وزارة البيئة وجهاز شئون البيئة بصدد توقيع شراكة من أجل استزراع أشجار المانجروف لأهميتها الكبيرة فى التصدى للتغيرات المناخية، مؤكدا أن عدد من مشروعات الاستزراع مقترحة على الوزراة التى تتولى دراستها حاليا إيذانا بالتنفيذ خلال الفترة المقبلة.

وأضاف حسن لـ«الشروق»، أن الغرض من مشروعات الاستزراع هو استعادة الكفاءة الأولية للمناطق التى كان يوجد بها أشجار المانجروف والتى تأثرت بشكل كبير لاسترجاعها مرة أخرى، علاوة على زراعتها فى غير أماكن تواجدها.

وذكر أن مساحة المانجروف فى مصر تبلغ 525 هيكتارا منهم 51 هيكتارا بمحافظة جنوب سيناء بينما الباقى يتواجد فى البحر الأحمر، وتتواجد فى أماكن متفرقة على طول ساحل البحر الأحمر فى جزر داخل المياه ومنطقة مرسى علم والجونة بالقرب من الغردقة، وفى سيناء بخليج العقبة بمنطقة نبق ورأس محمد.

وأوضح أن أهمية أشجار المانجروف تتمثل فى كونها تحد من تغيرات المناخ ولها قدرة كبيرة على تخزين الكربون الضار فى الغلاف الجوى الناتج من أعمال الصناعة وذلك بمثابة 40 ضعفا بحجم الغابات الاستوائية المطيرة، فضلا عن قدرتها على امتصاص ثانى أكسيد الكربون المسبب الرئيسى للتغيرات المناخية وإخراج الأكسجين من الشجرة الواحدة بمعدل 6 أشجار من الاكسجين المعتاد.

• 700 متر مربع من الغابات يستوعب 2.4 طن من الغبار سنوياً

ونبه المستشار البيئى والتطوير المؤسسى أحمد توفيق، لـ«الشروق»، إلى مساعدة أشجار المانجروف على التخفيف والحد من تغيرات المناخ كونها من الغابات التى تعد بمثابة مصانع طبيعية للأوكسجين، مؤكدا أن الغابات هى مكنسة طبيعية ونحو 700 متر مربع من الغابات استيعاب 2.4 طن من الغبار سنويا، ذاكرا أن تلك الأشجار تلعب دورا فى منع الشواطئ من التآكل نتيجة للأمواج.

وأكد أن أشجار القرم هي نوع من المجتمع النباتي الذي ينمو في الأراضي الرطبة المستوية والمتعرضة للمد والجزر على السواحل الاستوائية وشبه الاستوائية، وهذه الأشجار دائمة الخضرة ولأنها تنمو في منطقة انتقالية بين الأرض والمحيط فلها خصائص فريدة، موضحا أن بذور أشجار القرم تشبه نبات الفاصوليا الخضراء وتتعلق على الأغصان وتنبت على الأشجار الأم وتتحول إلى شتلات وتسقط في مياه البحر، من ثم تدخل في الرمال وتتطور إلى شجرة صغيرة.

وتابع أنه في بعض الأحيان تواجه الشتلات التي لم تستقر في الوحل المد والجزر وتجرفها مياه البحر وعندما ينحسر المد تقوم بالنمو في أماكن أخرى، حيث تعتمد غابات القرم على وضع النمو الغريب هذا للتكاثر مما يجعلها مستقرة أثناء هبوب العواصف وتزيل تأثير الرياح والأمواج وتلعب دوراً في تثبيت السد، إضافة إلى أنها تعمل على حماية المسطحات المائية وتطهيرها.

وذكر أنه يمكن استغلال هذا النبات في عدة أمور أهمها استزراعه لتجميل الشاطئ وإضافة لمسة التنوع البيولوجي للمكان، فضلاً عن منع الشواطئ من التآكل نتيجة للأمواج، علاوة أنه يتكاثر في بيئة هذا النبات عدد كبير من الطيور المهاجرة، حيث ينمو في بيئات نبات القرم 35 نوعاً من الأسماك والقشريات التي لبعضها أهمية غذائية مثل الجمبري والكابوريا والبوري والشعري وغيرها، كما يمكن استغلال الكائنات الدقيقة المصاحبة لشجر القرم مثل البكتيريا المثبتة للنيتروجين».

• فدان واحد من المانجروف يقوم بتخزين 659 كيلوجراما من الكربون سنويا

قال عضو اللجنة العلمية لاتفاقية سايتس، وخبير الحياة البرية والمحميات الطبيعية ببرنامج الأمم المتحدة للتنمية، عاطف محمد كامل، إن أشجار المانجروف تعتبر بمثابة حجر الزاوية فى النظام البيئى الساحلى، وتلعب دورا هاما فى الحفاظ على النظم الإيكولوجية والأوضاع البيئية ومواجهة مخاطر التغيرات المناخية، كونها تحبس الكربون بمعدل مرتين إلى أربع مرات أكبر من الغابات الاستوائية الناضجة وتخزن ثلاثة إلى خمسة أضعاف الكربون لكل مساحة مكافئة مقارنة بالغابات الاستوائية مثل غابات الأمازون المطيرة، وهذا يعنى أن الحفاظ على هذه الأشجار واستعادتها أمر ضرورى لمكافحة تغير المناخ.

وأضاف عاطف لـ«الشروق»، أن أشجار المانجروف تعمل كفخٍ للرواسب والملوثات التى تتدفق إلى البحر، كما تعمل كعائق إضافي أمام الطمي والطين الذي قد يخنق الشعاب المرجانية، ويساعد في تفريخ الأسماك، فضلاً أنها توفر أرضًا خصبة للعديد من الأسماك؛ وتستخدم هذه الأسماك جذور المانجروف كملجأ عندما تكون صغيرة، ومن ثم تتحرك في البحار المفتوحة عندما تكون بالغة، مؤكداً أنها تتغذى على مياه تصل ملوحتها إلى 100 مرة أكثر من النباتات الأُخرى.

واستطرد أن أشجار المانجروف تعد موطنًا لمجموعة لا تصدق من الأنواع، وذلك يعود إلى أنها توفر موائل التعشيش والتكاثر للأسماك والمحار والطيور المهاجرة والسلاحف البحرية، كما يعتمد ما يقدر بنحو 80% من صيد الأسماك العالمي على غابات المانجروف إما بشكل مباشر أو غير مباشر، فبعض الغابات يوجد بها ما لا يقل عن 2 تمساح و3 ذوات الصدفتين و3 سلطعون وروبيان و4 سلحفاة بحرية و9 طيور و12 نوعًا من البرمائيات، بالإضافة إلى أنواع عديدة من الأسماك، والعديد من هذه الأنواع الحيوانية مهددة بالانقراض.

وتابع أن أشجار المانجروف تمثل أقل من 0.4% من غابات العالم، لكنها تختفي بمعدل أسرع بثلاث إلى خمس مرات من الغابات ككل وهذه تعتبر بمثابة مشكلة كبيرة، حيث إننا لن نتمكن من الحصول على جميع المزايا التي تتوافر بها، مؤكداً أن فدان واحد من المانجروف يقوم بتخزين 659 كيلوجراما من الكربون سنويًا، فضلاً أن إحدى الدراسات تشير إلى أن مجموع شجر المانجروف الموجود على مستوى العالم يقوم بتخزين 34 مليون طن من الكربون سنويًا.

وأردف أنه يتم حاليا تنفيذ أعمال التوسع في زراعة غابات المانجروف على ساحل البحر الأحمر من أجل تعظيم إمكانيتها الاقتصادية والتخفيف من آثار التغيرات المناخية على منطقة البحر الأحمر، وتحويل المنطقة إلى أحد المقاصد السياحية بعد التعافي من تداعيات فيروس كورونا، لافتا إلى تنفيذه بتمويل من أكاديمية البحث العلمي وبالتعاون مع مركز بحوث الصحراء ومحافظة البحر الأحمر وكلية الزراعة جامعة جنوب الوادي بقنا، حيث يعد العسل أحد مخرجات مشروع إعادة التأهيل البيئي واستزراع غابات المانجروف.

• المانجروف يضم 70 نوعًا حول العالم أشهرها «الجندل والقرم»

وفي السياق ذاته، قالت أخصائية علوم البيئة وتغير المناخ، الدكتورة سوسن العوضي، إن شجر المانجروف هى أشجار تنتمي لفصيلة حاملات الجذور وله أكتر من 70 نوعا حول العالم لكن أشهرهم «الجندل والقرم»، مضيفة أن من أهم مميزاتها انها تتحمل المياه المالحة أكثر 100 مرة من باقي النباتات وبعضها يعيش في التربة الطينية والبعض الأخر ينمو في الصخور المرجانية.

وأضافت العوضي لـ«الشروق»، أن أهم ما يميز أشجار المانجروف أنها تعتبر مصدات للرياح والفيضانات والأمواج، ولها أهمية بالغة للحفاظ على التنوع البيولوچي حيث إنها تعتبر موطن للعديد من الكائنات الحية فيعشش فيها الأسماك والبحار والطيور المهاجرة والسلاحف البحرية، موضحة أنه يوجد نوعان من المانجروف في مصر هما الرمادي والأحمر، ولكنّ مساحتهما صغيرة وبعيدة جدًا عن المناطق الحضرية الكبيرة.

وأكدت أن شجرة المانجروف تساعد في الحفاظ على جودة المياه حيث تعمل على ترشيح المياه من الرمال والأتربة، فضلاً أنها تساهم بنسبة كبيرة في مواجهة الآثار السلبية لتغير المناخ حيث تعمل أشجار المانجروف على حبس الكربون اكثر من الغابات الاستوائية بمعدل ٢-٤ مرات فتساعد على التقليل من ظاهرة الاحتباس الحراري.

وذكرت أن اشجار المانجروف ضرورية لضمان الحفاظ على جودة المياه، بفضل شبكتها الكثيفة من الجذور والنباتات المحيطة بها، فإنها تقوم بترشيح وحبس الرواسب والمعادن الثقيلة والملوثات الأخرى، هذه القدرة على الاحتفاظ بالرواسب المتدفقة من أعلى مجرى النهر تمنع تلوث المجاري المائية في اتجاه مجرى النهر وتحمي الموائل الحساسة مثل الشعاب المرجانية وقيعان الأعشاب البحرية أدناه.

وتابعت: "إضافة إلى أن هذه الغابات تعتبر بمثابة خط الدفاع الأول للمجتمعات الساحلية، حيث إنها تعمل على استقرار الشواطئ عن طريق إبطاء التعرية وتوفر حواجز طبيعية تحمي المجتمعات الساحلية من زيادة العواصف والفيضانات والأعاصير، وبناء على ذلك فإن غابات المانجروف القوية هي حماية طبيعية للمجتمعات المعرضة لارتفاع مستوى سطح البحر والظواهر الجوية الأكثر كثافة وتكرارًا الناجمة عن تغير المناخ.

• 20 فائدة وميزة منهم حماية الشواطئ من الآثار السلبية للتغيرات المناخية

وفي سياق متصل، كشفت دراسة علمية أجراها الدكتور أحمد الخولي أستاذ النباتات الطبية والعطرية في مركز بحوث الصحراء، عن العديد من فوائد شجرة المانجروف، والتي تجاوزت 20 فائدة وميزة، لتشمل العديد من المزايا في مجالات إنتاج الادوية، وصناعة فلنكات السكك الحديد، وحماية الشواطئ من الآثار السلبية للتغيرات المناخية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved