جهاز مشروعات الخدمة الوطنية: الغزل والنسيج صناعة قادرة على تحقيق النمو المستدام
آخر تحديث: الثلاثاء 28 يوليه 2020 - 1:13 م بتوقيت القاهرة
القاهرة - أ ش أ:
أكد مدير عام جهاز مشروعات الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة اللواء مصطفى أمين علي، أن صناعة الغزل والنسيج والملابس من أهم الصناعات الاستراتيجية القادرة على تحقيق النمو المستدام، حيث يتزايد الطلب على المنتجات النسجية بالتزامن مع الزيادات السكانية.
وقال اللواء مصطفى أمين -في كلمته خلال افتتاح المجمع الصناعي للغزل والنسيج في المدينة الصناعية بالروبيكي اليوم الثلاثاء- إن الصناعة النسجية تعد من أكثر الصناعات كثافة في العمالة، حيث يبلغ حجم العمالة بها في مصر نحو 1.2 مليون فرد، بل وتستحوذ هذه الصناعة وما يتعلق بها على نحو 27% من حجم العمالة في القطاع الصناعي المصري كله.
وأضاف: "رغم أن هذه الصناعة تحظى في مصر بأهمية تاريخية واقتصادية كبرى، وحيث إن القطن المصري يعد من الأقطان المتميزة على مستوى العالم وكان لها دور مؤثر في فعاليات التجارة العالمية للغزل والمنسوجات، إلا أن هذه الصناعة تعرضت في مصر على مدار سنوات عديدة مضت لكثير من التحديات أدت إلى تراجع الإنتاج السنوي من القطن".
وتابع: "وبعد أن كان القطن المصري يحقق حوالي 10 ملايين قنطار سنويا في الثمانينات تراجع إلى أقل من مليوني قنطار في عام 2018، وتقلصت مساحته المزروعة إلى نحو 330 ألف فدان فقط في 2018، بعد أن كانت تقترب من مليون فدان في التسعينات، فكان من تداعيات ذلك أن حققت العديد من شركات الغزل والنسيج خسائر قدرت بنحو 33 مليار جنيه وتراكمت ديونها فبلغت نحو 16 مليار جنيه".
وشدد على أن صناعات الغزل والنسيج والملابس في مصر ما زالت تكافح من أجل البقاء لدعم الناتج المحلي والميزان التجاري؛ حيث قدرت صادرات هذه الصناعة التي يشكل القطاع الحكومي نحو 56% منها، صادرات تقدر بنحو 3.3 مليار دولار في عام 2019 وتمثل حوالي 15% من الصادرات المصرية غير البترولية وفقا للبيانات الصادرة من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وأشار مدير عام جهاز مشروعات الخدمة الوطنية إلى أن صناعة الغزل والنسيج من أقدم ما صنع الإنسان في العالم، وتطورت بمرور الزمن فأقدم الإنسان على استخدام الألياف النباتية والكتان والحرير فيها منذ أكثر من 5 آلاف عام في الحضارات المصرية والهندية والصينية، وتطورت صناعة الغزل والنسيج في مصر عبر العصور، فقد صنع المصريون في العصر الفرعوني الأقمشة والملبوسات من ألياف الحلفة والكتان واستخدموا الصبغات النباتية في تلوينها، وتدلل لفائف المومياء المكتشفة على دقة المنسوجات المصرية القديمة ومهارة صانعها.
وقال: "إن المتحف القبطي في مصر يضم العديد من الأقمشة والأشرطة المزخرفة التي تعود للقرنين السادس والسابع الإسلامي"، وبشأن العصر الإسلامي، أوضح أن المنسوجات المصرية أصبحت لها شهرة فائقة وعرف العرب روعة المنسوجات المصرية فاستبدلوا بها الثياب البدوية الصوفية الخشنة وأقبلوا عليها لنعومة الخامة ومهارة الصانع، كما أن كسوة الكعبة المشرفة من مصر.
أما في العصر الحديث، فقد لعبت الألياف الصناعية دورا هائلا في صناعة الغزول والمنسوجات تميزت بنعومة الملمس وروعة الألوان، ومع الاهتمام بصناعة الغزل والنسيج فقد توطنت منذ عام 1820 في مصر زراعة القطن طويل التيلة ليصبح الأجود على مستوى العالم، ويصبح الغزل والنسيج من الصناعات المصرية، كما شهد القرن التاسع عشر تطورا كبيرا فتم إنشاء الشركة الأهلية للغزل والنسيج، كما أنشأ طلعت حرب شركة مصر للغزل والنسيج ليبدأ إنتاجها في عام 1930، ثم تطورت مصانعها وقدراتها الإنتاجية لتصل إلى 6 مصانع غزل و10 مصانع نسيج تستهلك حينها مليون قنطار من القطن سنويا، فتتحول مصر في عام 1948 إلى دولة مصدرة للغزل للعديد من دول العالم، وعقب عام 1952 تم إنشاء القلاع الصناعية الكبرى للغزل والنسيج في المحلة الكبرى وكفر الدوار وغيرها.
وأشار اللواء مصطفى أمين إلى بعض التحديات التي يمكن أن تواجه قطاع الغزل وصناعة الملابس والمنسوجات في مصر والذي يضم أكثر من 13 ألف منشأة صناعية تعمل في تلك المجالات، ومنها ارتفاع تكلفة المواد الخام، وتقادم العديد من خطوط الإنتاج، والمنافسة الشديدة من المنتجات المستوردة، وتراكم حجم الخسائر والديون على بعض الشركات.
ولفت إلى الجهود الجارية حاليا لتطوير ودعم صناعة قطاع الغزل وصناعة الملابس والمنسوجات، ومنها زيادة رقعة زراعات القطن والمحافظة على السلالات المصرية ومنع محاولات تغيير أو محو الصفات الوراثية الجيدة لها، وإعادة هيكلة بعض الشركات وتأهيل المحالج، ومواجهة إغراق السوق المحلي بالمنسوجات المستوردة، والحد من تصدير خام القطن المصري، مؤكدا أن الهدف من هذه الإجراءات هو تعميق الصناعة في هذا المجال وزيادة القيمة المضافة للقطن المصري.
وقال: "بناء على توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي، قامت الشركة الوطنية للتنمية الصناعية (إحدى شركات جهاز مشروعات الخدمة الوطنية) وبالتعاون الكامل مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بإنشاء مجمع لصناعات الغزل والنسيج والصناعات الأخرى المكملة لها على مساحة 430 فدانا في منطقة الروبيكي، والذي تم افتتاح اليوم".
وأوضح أن المجمع يتكون من 7 مصانع (مصنع إنتاج الغزل الرفيع بطاقة إنتاجية 1575 طنا من الغزل الرفيع سنويا، ومصنع لإنتاج الغزل السميك، ومصنعان لإنتاج وتحضيرات النسيج، ومصنع لأعمال التريكو، بالإضافة إلى مصنعين للصباغة والطباعة اللازمين لتكامل العمليات الإنتاجية".
وأشار إلى أنه تم إنشاء هذه المصانع بالتعاون مع أفضل الشركات الأوروبية العالمية المتخصصة في إنشاء خطوط الإنتاج وفقا لأحدث المعايير العلمية في هذا المجال، لافتا إلى أنه يتم حاليا في نفس الموقع إنشاء عدة مصانع أخرى لإنتاج بعض المفروشات والملبوسات ومخطط الانتهاء منهم في أبريل 2021، بالإضافة إلى مصنع لإنتاج الأساسات الخشبية وآخر لإنتاج الأساسات المعدنية ومخطط الانتهاء منهما في أكتوبر المقبل.
وأوضح أن مجمع صناعات الغزل والنسيج أتاح حتى الآن اكثر من 1350 فرصة عمل مباشرة جديدة من مختلف التخصصات ومستويات التأهيل العلمي، مشيرا إلى أنه تم ربط آليات العمل في جميع مصانع المجمع بمنظومة (إي ار بي) الرقمية والتي تحقق أعلى درجات الحوكمة والضبط الداخلي لكافة مراحل الإنتاج من أجل الاستغلال الأمثل للموارد والاستثمارات المتاحة.
وفي ختام كلمته، وجه مدير عام جهاز مشروعات الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة التهنئة للرئيس عبدالفتاح السيسي بحلول عيد الأضحى المبارك، وبمناسبة الذكرى الثامنة والستين لثورة يوليو والتي تضمنت في أهدافها تطوير الصناعات المصرية وفي مقدمتها صناعة الغزل والنسيج.