تعقيدات أمنية وضيافة كريمة.. كيف وصف عمرو موسى أجواء لقاءاته بحسن نصر الله؟
آخر تحديث: السبت 28 سبتمبر 2024 - 9:49 م بتوقيت القاهرة
محمد حسين
أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم السبت، عن تمكنه من اغتيال حسن نصر الله، أمين عام حزب الله اللبناني، خلال غارة جوية واسعة النطاق نفذتها قواته مستهدفة مقر قيادة الحزب بالضاحية الجنوبية لبيروت.
وأكدت وسائل إعلام إسرائيلية، قبل البيان الرسمي، أن الأجهزة الأمنية للاحتلال تمتلك الدليل على أن الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، قد قتل في عملية الاغتيال ليلة الجمعة، بينما لم يعلق حزب الله على إعلان الاحتلال إلى الآن، بحسب زعمها.
وأدت الضربات، أمس الجمعة، إلى مقتل قائد الوحدة الصاروخية التابعة لحزب الله في جنوب لبنان، ونائبه وعدداً آخر من قادة الحزب، وهما محمد علي إسماعيل ونائبه حسين أحمد إسماعيل، وفق بيان لجيش الاحتلال الإسرائيلي.
*نصر الله.. صاحب التحول في تاريخ حزب الله
تولى حسن نصر الله قيادة الحزب في سن الشباب، وكان يقارب 35 عامًا فقط؛ ليصبح رمزاً من رموزه، ووجهه المعروف على الصعيدين الداخلي والخارجي؛ حيث يمثل نصر الله علامة فارقة في تاريخ الحزب، إذ قاد تحوله من حركة مقاومة إلى قوة عسكرية ذات نفوذ إقليمي واسع.
وأكسبت حرب عام 2006، نصر الله شعبية كبيرة، وبات جزءًا مهما من المعادلة السياسية اللبنانية، حيث حضر الحزب في اعتصامات المعارضة المطالبة باستقالة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة.
ونال لبنان اهتماما كبيرا من عمرو موسى، وقتما كان يشغل منصب الأمين العام للجامعة العربية، وتحرك بشكل مكثف في حوارات ولقاءات بين كل الأطراف والقوى السياسية اللبنانية، ومنها حزب الله؛ لذا حل موسى ضيفًا على نصر الله واجتمع به مرات عدة، روى كواليسها بين فصول مذكراته في جزئها الثاني كتابيه "سنوات الجامعة العربية" التي حررها ووثقها الكاتب الصحفي خالد أبو بكر، وصدرت عن دار الشروق في عام 2020.
*الستائر السوداء.. طريق معقد للوصول لنصر الله
يقول موسى: "اعتبارات الأمن بالنسبة إلى الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله المستهدف من قبل إسرائيل كانت تقتضي إجراءات معينة للتأمين عندما أذهب للقائه، كانت تأخذني سيارة ذات ستائر سوداء وزجاج داكن تشعر وأنت تستقلها وكأنها عربة موتى والعياذ بالله، وتنطلق إلى منطقة ما، لأنزل منها وأركب أخرى بها ذات الستائر السوداء أيضًا، ثم تنزل السيارة في جراج ما في المنطقة، ثم نركب سيارة ثالثة فتنزل بي في جراج ثان؛ لأستقل المصعد وفور خروجي منه أجد نصر الله في استقبالي".
*لافتة البقالة.. هل اكتشف موسى سر التمويه؟
ويتابع موسى: "مع تكرار الزيارة لنصر الله، بدأت أركز في الطريق، صحيح أن هناك ستائر سوداء، لكن هناك زجاجا أماميًا مكشوفا، كانت السيارة في مرحلتها الأخيرة تقف عند لافتة مكتوب عليها بقالة كذا ظننتها لافتة للتمويه، ولما وجدتها أكثر من مرة قلت لمرافقي مازحا: سأحضر المرة القادمة بمفردي لأنني أعرف اين نحن الآن، وأشرت إلى اللافتة، قالوا وبدا عليهم الانزعاج لا، نحن لا نأتي إلى هنا كل مرة غير صحيح".
*حديث عاقل وأجواء ودودة
وواصل موسى بسرده تفاصيل عن أجواء اللقاءات مع نصر الله ووصفها بأنها كانت طيبة جدا، ويقول عنها: "كنا نتحدث ونتضاحك وكانت الجلسة معه تمر بعدة مراحل؛ فكان أولا يحيي ويستضيف، ثم يتحدث بإيجابية شديدة عن مصر والعلاقة مع مصر، ثم ينتقل للحديث عن الجامعة العربية وعن دوري الشخصي وسعادته بهذا الدور، ثم يدخل في صلب الموضوع الذي ذهبت لبحثه معه بادئا بالتحفظ، وفي ذلك فهو لا يعطيك ردًا فوريًا، قبل نهاية الجلسة كان يطلب مهلة للتشاور مع مساعديه وحلفائه بشكل عام، كان الحديث مع نصر الله دائمًا حديثًا جيدًا وعاقلا، ولديه قدرة كبيرة على الاستماع الجيد وعدم المقاطعة".
*عمرو بك يتضايق: تكفي سيارة واحدة
وقال: "في مرة شكوت له من إجراءات الأمن شديدة التعقيد وموضوع الستائر السوداء وقلت له ضاحكا: إن كل هذه الإجراءات لا فائدة منها وسردت له أسماء البقالات والمحال التي مررنا بها والتي تمكنني من الوصول إلى مقره بنفسي، حيث كنت أقرأ من الزجاج الأمامي للسيارة ضحك نصر الله كثيرًا، وقال مازحًا إنه لولا أنني عمرو موسى لقبضوا على لأنني عرفت السر".
ويصف موسى: "كان النقاش يدور وصواني الحلوى اللبنانية أسماء الشوارع والمحال تروح وتجيء مع الشاي والقهوة، وأعطى تعليمات لرجاله بأن يقللوا من إجراءات الأمن عند حضوري".
وأضاف: "قال: هي سيارة واحدة تتحرك مباشرة إلى حيث أكون؛ لأن أخانا عمرو بك يتضايق من كثرة الإجراءات الأمنية، وفي المرة التالية خفضت بالفعل إجراءات الأمن جدا، الحقيقة أن حسن نصر الله تعامل معي بإيجابية وكانت لقاءاتي معه صريحة ومفيدة، وعلى الرغم من اختلاف وجهات نظرنا أكثر من اتفاقها فقد كانت لقاءاتنا ودودة".