43 عاما من الغياب..«العندليب» هل كان لعنة الفراعنة التى أصابت من جاءوا بعده (ملف)

آخر تحديث: الأحد 29 مارس 2020 - 10:07 م بتوقيت القاهرة

تحقيق ــ أمجد مصطفى:

هانى شاكر: المناخ فى عصره كان صحيًا ومنحه الله مجموعة من الملحنين صنعوا له أعمالا ناجحة وهذا لم يتوافر لنا
على الحجار: استخدم ذكاءه فى المشوار.. وشعبية حليم كانت أيضا من شعبية الثورة ومصر قدمته على أنه صوتها
محمد الحلو: حليم ظهر فى عصر كان الاهتمام بالإبداع والمبدعين كبيرا.. ونحن عشنا فترة شوشرة كبيرة على المواهب الغنائية
حلمى بكر: حليم لم يكن لعنة لكن المشكلة أن الذين جاءوا بعده صنعوا هذه اللعنة كغطاء لكى لا تظهر مشاكلهم

عبدالحليم حافظ هو صوت مصر الذى لا يغيب، اليوم يمر 43 عاما على رحيلة ورغم السنوات الطويلة مازال نجم مصر الأول، وهو المتحدث الرسمى باسم الرومانسية فى عالم اكتظ بمئات من الاصوات التى امتع بعضها الناس أيضا، لكن ليس بدرجة العندليب، بدليل ان بعض هؤلاء المطربين مازالوا يقدمون اعماله فى حفلاتهم، لأنهم يعون ويقدرون حجم الشعبية الطاغية التى ما زال يتمتع بها، وكذلك هم يعلمون علم اليقين أن أعماله ما زالت تجدى صدى واسعا بين عشاق الطرب، عبدالحليم حافظ لم يكن موضة مثل أصوات كثيرة ظهرت بعده، بدليل وجوده حتى الآن، لم يكن صاحب لون غنائى، بل قدم كل الالوان وأجاد فيها، قد م الوطنى والعاطفى والشعبى،عبدالحليم حافظ هو الراوى لحكاية شعب عبر مئات من الاعمال المصرية عكست واقع المصريين فى الحب، وفى أوقات الانتصار والانكسار.
عبدالحليم كان ضئيل الجسد، لكن كان بمثابة ناطحة السحاب عندما كان يقف على المسرح، عاش ومات بالمرض، لكنه كان الطبيب المداوى لكل جراح العاشقين والحالمين.
حليم كان قمة جبل من الصعب الوصول إليه، لذلك تصور البعض انه بمثابة لعنة الفراعنة بمعناها الجميل التى اصابت كل من جاءوا بعده، لذلك لم يصل احد بمكانته بل اصبح رغم سنوات الرحيل الطويلة، الاستاذ الذى تقاس على أعماله مدى جودة ما قدم بعده.
كان علينا ان نذهب إلى أصوات حملت راية الغناء بعد رحيلة ونسألهم مباشرة هل كان حليم لعنة الفراعنة التى أصابتهم.
هانى شاكر فارس الرومانسية وامير الغناء العربى، قال ليست لعنة، لكن المناخ فى عصره كان صحيا إلى جانب ان الله منحة مجموعة من الملحنين رفقائه فى المشوار مثل محمد عبدالوهاب، محمد الموجى، وكمال الطويل، ثم بليغ صنعوا له أعمالا ناجحة، وهذا لم يتوافر لنا. وبالتالى حليم ما زال يعيش بأعماله بيننا، مازلنا نستمتع بها، وكلما امكن تقديمها بصوتى فى دار الاوبرا وغيرها اقدمها.
هذا الجيل الذى ظهر فيه حليم لم يترك لمن جاءوا بعهد شيئا لتقديمه.
وقال هانى: بلا شك ذكاء حليم منحه أفضلية بنسبة كبيرة بين أبناء جيله. كما منحه القدرة على الحياة والوجود حتى بعد الرحيل بسنوات طويلة. وكان يمتلك القدرة على إدارة صوته بشكل كبير، ووقتها كان المناخ يساعده، فلم يكن الإعلام يستطيع وقتها أن يقترب من أى نجم كبير. أما عصرنا هذا فالكبار أصبحوا مباحين بالهجوم من كل من هب.
وقال: دعم الدولة أيضا أثر بنسبة كبيرة فى مشوار حليم. أنا مثلا ضاع ثلث مشوارى الفنى خلال المقاطعة العربية لمصر 10 سنوات من عمرى لم أكن أغنى فيها فى أى دولة عربية بسبب كامب ديفيد. بعدها تحركنا لكن ليس بالقدر الذى عاشت فيها الدولة خلال حكم عبدالناصر. نحن فى السنوات الأخيرة كان ينكل بنا.
هناك شركات وضعت يدها على 85% من المهرجانات العربية فى وقت اختفت فيه عندنا حفلات أضواء المدينة وليالى التليفزيون وبالتالى عشنا نواجه مصيرنا بمفردنا.
لو عاش حليم عصرنا كيف كان سيتعامل هذا آخر ما طرحته على المطرب الكبير هانى شاكر؟
وقال: كان حليم سوف يتعامل بروحه مع الأمر وكان سيختار المناسب له لأنه كان لديه القدرة على التنوع. وأتصور لو أن حليم وعبدالوهاب وأم كلثوم عاشوا عصرنا لما انهار الفن بهذا القدر.

**المطرب على الحجار: يرى أن ذكاء حليم لا ينفى عنه أنه فنان كبير استخدم ذكاءه فى الطريق الصحيح. متى يغنى متى يدخل فيلما سينمائيا. شكل الدعاية موعد الحفلات. اختيار الأصدقاء. فهو كان صاحب ثقافة سمعية وهذا جعله يتوجه إلى أسماء كبيرة ليعوض بهم ما يفوته منهم صلاح جاهين. وقال الحجار إن شعبية حليم كانت أيضا من شعبية الثورة.. كما أن عبدالناصر كما أفاد شعبية حليم استفاد هو أيضا من شعبيته. وقال إن الحاكم المحبوب يجعل الناس تصدق كل ما يقوله، أنا شخصيا كنت أتصور أن ناصر ولو مر على الصحراء سوف تخضر من حبى له وقتها، وأضاف الحجار أن ناصر كان يزكى شيئا مهما وهو كرامة الإنسان المصرى وهذا الأمر استفاد منه حليم على المستوى العربى. لأن مصر قدمته على أنه صوتها.
وأضاف الحجار أن الموهبة عند حليم اقترنت بالذكاء. وهناك نوعان من الذكاء كان يتميز بهما حليم الأول ذكاء اجتماعى وهو الخاص بتعاملاته مع الناس والإعلام، وهناك ذكاء فنى الذى تحدثنا عنه إضافة إلى تطوير وتسويق نفسه فحليم هو من اخترع حفلات شم النسيم ورأس السنة.
وأشار الحجار إلى أن عصر حليم كان به مطربون أفضل من حيث خامة الصوت لكنهم لم يمتلكوا ذكاءه. وهذا هو الفارق بين النجم المتكامل والنجم المنقوص، لكنه لم يكن لعنة بالنسبة لنا ابدأ لكنه مهد طريق لاصوات كثيرة بفنه وفكرة.

** المطرب محمد الحلو يرى ان حليم ظهر فى عصر كان الاهتمام بالإبداع والمبدعين كبيرا.. ووقت ظهور حليم كانت مصر تعيش أجواء الثورة. وكان حليم هو صوت الثورة الشاب وهذا ذكاء منه وذكاء ممن اختاروه لأنه ينتمى للشباب فى ذلك الوقت. ووقتها كان الوطن يسعى بكل قوة للمساهمة فى دعم الأصوات المصرية حتى نستكمل ريادتنا للعالم العربى. الفترة الماضية التى أنا أحد من عاشوها حدث شوشرة كبيرة على المواهب الغنائية نتيجة ظهور موجات غنائية لا يمكن ان تعبر عن الشخصية المصرية، وللاسف اهتم بهم الاعلام بشكل كبير، وكنت اتصور لو اننا عشنا عصر عبدالحليم كان الاعلام سوف يهتم بنا أكثر، وكان كبار الملحنين سوف يهتمون بنا اكثر، بدليل ان عبدالوهاب عندما استمع إلى صوتى طلب منى أن أغنى له بعض أعماله، وحدث هذا، وشاركت فى أكثر من عمل من ألحانه.
ولولا أن جيل الوسط كان يضم مواهب فذة قاومت الزمن والتجاهل لأصبح جيلى الآن فى خبر كان. فى عصر حليم لم يكن الغناء فقط فى قمة إبداعه لكن كانت السينما أيضا فى أوج قمتها. الآن ماذا يحدث، سينما قائمة على إفساد ذوق الناس تحت مسمى الواقعية.. العصر الذى نعيشه ينظرون للفن على أنه شىء هامشى، رغم أنه صناعة تدعم الدخل القومى. حليم مثلا لم يستفد البلد منه على المستوى الفنى فقط، بل ساهم فى رواج صناعة الأغنية المصرية وتنشيط سياحة المهرجانات، الإعلام يدعم أنصاف المواهب.
الكل يجرى وراء الموضة والغناء ليس به موضة، والدليل أن حليم قدم الأغنية القصيرة بكل ما تحمله من إبهار منذ أكثر من 50 سنة، ومازال يعيش بيننا حتى الآن.
ونحن أيضا قدمنا أشكالا من الغناء سار عليها الشباب ثم نسبوها لأنفسهم، وللأسف الإعلام صدقهم بل ودعمهم فى نشر أكاذيبهم. وجيلى دائما ما يشار إليه عندما يتحدثون بصدق عن الأصوات الجادة؛ لذلك انا لا ارى أبدأ ان حليم كان لعنة على جيلنا بدليل ان الناس حتى الآن تنظر الينا على أننا أصحاب موهبة.
**الموسيقار حلمى بكر يقول: حليم لم يكن لعنة مثل لعنة الفراعنة لكن المشكلة أن الذين جاءوا بعده صنعوا هذه اللعنة كغطاء لكى لا تظهر مشاكلهم. الأجيال التى لحقت بحليم أو جاءت بعده كان الفن بالنسبة لهم وقتى.. والأغنية كانت استهلاكية.. ولم يستطع أحد أن يملأ الفراغ، رغم أن بعض هذه الاصوات تصور عندما رحل حليم ان السكة فتحت له، ولكنه لم يع أنه وضع فى اختبار صعب؛ لأن عبدالحليم لم يترك فراغ خلفه، بل ترك أعمال تصلح للغناء فى كل العصور، بدليل انها تغنى حتى الآن، فسقط بعض هذه الاصوات ومنهم من كان ينتمى لجيل حليم.
أيضا لا ننسى أن ذكاء عبدالحليم حافظ أعطاه الأفضلية بين كل النجوم العرب رغم أنه ليس أفضل الأصوات من حيث المساحة. فهو ليس الصوت الخارق، لكنه كان يعوض هذه المحدودية بالذكاء وربنا هداه إلى الغناء التعبيرى ووقتها كان لغة جديدة بالنسبة لنا جميعا. لم يكن أحد منا ينتبه إلى لغة المشاعر فى الغناء هو صنعها وأبدع فيها.
حليم لم يحارب النجوم كما قيل عنه لكنهم لم يستطيعوا أن يتجاوزا نجوميته وبالتالى أطفأت نجومية حليم نجوميتهم. فالجيل الجديد مثلا الذى ظهر فى السنوات الأخيرة اختزل نجوميته فى المبالغ المالية التى يحصل عليها، أو عدد المشاهدات لكنه لم يسأل نفسه هل من الممكن انيعيش لمدة عام بل اسبوع قادم.
وقال: البعض اتهم حليم بأنه ابن الثورة لكن الظروف قادته أن يعيش هذه الفترة لكن الثورة ماتت بموت زعيمها ولم يعد أحد يتذكرها وما زال حليم باقيا. والدولة لم ترع حليم كما يتصور البعض لكنه كان الداعم الأكبر لنفسه.
وفى سؤال حول لو عاش حليم عصرنا كيف كان سيتعامل.. قال بكر: حليم مات قبل أن يتلوث.

الجانب الإنسانى فى حياة «حليم»
الجانب الإنسانى فى حياة العندليب الاسمر عبدالحليم حافظ كان طاغيا خلال حياته الفنية، حيث ارتبط بقدر كبير من الصداقة مع أسر كبار الفنانين ومنهم اسرة رفيق المشوار محمد الموجى وكذلك اسرة موسيقار الاجيال احد الداعمين الكبار لفنه.
كانت علاقة حليم الإنسانية والأسرية بهم لا يغلب عليها الطابع البروتوكولى رغم انه نجم كبير كانت علاقة تقليدية مثل علاقة أى إنسان ببعض المقربين منه. أيضا هناك جانب خفى فى حياة العندليب لم يسلط الكثيرون الاضواء عليه وهو ان حليم كان يدعم الاصوات الجديدة، فهو اول من قدم عماد عبدالحليم وهو ايضا نصح سميرة سعيد بالقدوم إلى مصر.

سميرة سعيد: أول من طالب بضرورة قدومى لمصر
المطربة سميرة سعيد كانت من قلائل المحظوظين من جيلها لأنها التقت بالعندليب الاسمر فى إحدى زياراته للمغرب.. تحدثت معها عن هذا اللقاء.
قالت: وقتها كنت أغنى فى الإذاعة المغربية، وكنت أقوم بعمل بروفة لأغنية «إنت عمرى» للسيدة أم كلثوم لغنائها فى حفل بالقصر الملكى المغربى، وعند انتهائى منها قابلت العندليب بالمصادفة أثناء خروجه من البروفة، والناس من حولى قالوا له: «هى دى سميرة اللى هتشوفها فى الحفلة النهارده»، فتحدث معى باللهجة المغربية، وهو يضحك، ووقتها شعرت بسعادة كبيرة بداخلى لأنى أقف أمام عبدالحليم حافظ، وبعدها قابلته ليلا فى الحفل الملكى وغنيت أمامه، وبعد انتهائى صفق لى كثيرا، وأعجب بأدائى وقال لمن حوله إن هذه البنت سيكون لها مستقبل كبير، واقترح عليهم ضرورة سفرى لمصر ودرست بمعهد «الكونسرفتوار» تحت رعايته، وبعده بسنوات قابلته فى نفس الإذاعة، وكنت أغنى باستعراض مبالغ فيه حتى أظهر إمكاناتى الصوتية، فقال لى: «الأغنية ما تستوعبش كل ده»، وبعدها تقابلنا كثيرا أيضا وزارنى فى منزلى بالمغرب كثيرا.
كان دائما يقول لى: «إنت أذكى طفلة شوفتها فى حياتى»، ولذلك تعلمت منه ذكاء الفنان، كنت أراقبه فى كل شىء يفعله، كيف يتعامل مع الناس ويتحدث معهم، ومتى يضحك وكيف يتجاهل من يضايقه، وتعلمت منه على المستوى الفنى أكثر، فكنت ألاحظ أداءه، وهو يغنى وتركيزه العالى فى عمله.
علاقة الموسيقار محمد على سليمان بالعندليب الاسمر عبدالحليم حافظ كان ايضا بها جانب انسانى، حيث شاهد العندليب المطرب الراحل عماد عبدالحليم فى إحدى زياراته للاسكندرية فى حفل احد اصدقاء حليم وكان الطفل عماد الدين على سليمان إحدى فقرات هذا الحفل اعجب به حليم وطلب من متعهد الحفلات السكندرى عياد الرشيدى، ان يلتقى بى لاننى الشقيق الاكبر لعماد وكنت فى نفس الوقت اصاحبه كموسيقى اثناء الغناء.
ويحكى الموسيقار الكبير ان العندليب طلب حضورنا إلى القاهرة، وقدمه فى أولى حفلاته بعيد الربيع عام 1973، وقتها اطلق عليه عماد عبدالحليم باعتباره أول من قدمه، وكان العندليب سعيد جدا بهذا الاسم وكانت نقطة انطلاق عماد عبدالحليم إلى النجومية.
ويضيف الموسيقار الكبير ان تبنى حليم لشقيقى عماد رحمة الله عليهما الاثنين ينفى عن حليم كل ما يقال انه كان يحارب الاصوات الجديدة بل على العكس كان داعما لهم.

الموجى الصغير: كان يتفائل بى لأننى ولدت مع «صافينى مرة»
قال: منذ ميلادى وهناك رابط بينى وبين حليم لأننى ولدت يوم ظهور أغنية صافينى مرة للنور، وهو ما جعل والدى يتفاءل بى وكذلك عبدالحليم. وفى هذا اليوم كان والدى يرغب فى أن يكون اسمى عبدالحليم ولكن جدى اعترض وفضل أن يطلق على اسم الأسرة وهو الموجى.
وعلى مستوى العلاقة الإنسانية كل أشقائى «فتحوا عينهم» على عبدالحليم حافظ. وجدناه بيننا مثل أى فرد من الأسرة، كان يتابعنا حتى على مستوى الدراسة، لدرجه أنه حرمنا من المصيف فى إحدى السنوات بعد أن وجد أن درجاتى الدراسية ضعيفة من وجهة نظره، أنا وشقيقى الأكبر أمين، وحاولنا إقناع والدى بعدم تنفيذ العقوبة، لكنه أصر على قرار حليم وقال ما فيش مصيف.

وبعد أن التزمنا بالقرار منحنا إجازة أسبوعية نقضيها فى نادى الجزيرة. وفى العام التالى نجحنا بتفوق وذهبنا إليه جميعا فى منزله مرتدين ملابس حمراء لأننا كنا نعتقد أنه زملكاوى وكانت المكافأة منه فورية، حيث منح كل شقيقاتى سلاسل ذهبية، وأرسلنى أنا وأمين إلى لندن على نفقته الخاصة طيران ومصروف جيب وإقامة. وهذا يؤكد كيف كانت العلاقة الإنسانية بيننا.
وأضاف الموجى: حليم كان يعتبر منزلنا هو منزله.. دخوله أو خروجه أمر لا يخضع لأى مواعيد، كان عاشقا لأكل والدتى خاصة الملوخية بالفراخ، وكان يقول ملوخية أم أمين ليس لها مثيل. وذات مرة حضر إلينا أثناء إفطارنا فى أحد أيام رمضان، وكانت والدتى قد أعدت صينية من البطاطس بالدمعة، وكان ممنوعا بأمر الأطباء من الاقتراب من هذه النوعية من الأطعمة، ووقتها رفض والدى أن يقترب منها واستغل فرصة انشغال والدى وقام بأخذ معلقة منها مما أدى إلى إصابته بنزيف مفاجئ. وعنفه والدى يومها، وكان رده: كان نفسى فيها يا موجى.
وأشار الموجى: فى إحدى المرات كان هناك خصام مع والدى وفوجئنا به بعد أن تم الصلح بالصعود إلى البيت فى السادسة صباحا لكى يخبرنا بنفسه عن الصلح، ودخل إلى حجرة نوم والدتى وحضنها باكيا لأنه ابتعد عنا كل هذه الفترة. علاقته بأمى هى علاقه أخ بأخته أو أم بابنها. لدرجة أن والدى كان له بعض الزيجات التى بالطبع رفضتها الأسرة، وكان حليم يتدخل حتى يترك الزوجة الجديدة، وفى إحدى المرات تزوج والدى من فنانة استعراضية، وأثناء دخوله لمعهد الموسيقى العربية قال أحد الموجودين كلمة لم تعجب حليم ودفعته للبكاء، وهو ما جعل والدى يرضخ لمشاعر حليم وينفصل عنها.
وقال الموجى إن والدتى أيضا تدخلت كثيرا لعلاج أى مشكلة تقع بين والدى وحليم.
وأضاف: «إن حليم كان يعنفنا لو أحد أشقائى قال له أستاذ عبدالحليم. كان يطالبنا بأن نقول له عمى.. وكان يرى أن كلمة أستاذ هى للأغراب فقط».

عفت عبدالوهاب: كان الأخ الأكبر لنا
تحدثت عفت عبدالوهاب عن علاقة حليم بأسرة موسيقار الأجيال.. مؤكدة أن عبدالحليم هو الفنان الوحيد الذى كان يدخل منزلنا دون إذن مسبق، على الرغم من أن والدى معروف عنه التحفظ خاصة فى المواعيد. وأقرب فنان كان لنا هو ومديحة يسرى. فى أعياد الميلاد والأفراح كان هو نجمها كان يغنى لنا. وعندما تزوجت اصطحبنى أنا وزوجى وسهرنا معه لأن الحفل فى المنزل كان عائليا إلى أقصى درجة، فعوضنا بهذه السهرة.

كان حليم يخاف علينا مثل بابا تماما، ذات مرة سقطت الكرة من البلكونة، ونزلت أنا وشقيقتى، لإحضارها وهنا عنفنا كثيرا. وقال لوالدى: كيف تسمح لهم بالنزول ولم يكن أصلا بابا يعلم بالأمر وتم تعنيفنا بشكل كبير. حليم كان واحدا من الأسرة يأكل ما نأكل، فهو رحمه الله كان يفضل الأكل من نفس نوعية غذاء بابا المسلوق لأن صحته كانت ضعيفة. كان أيضا يتابعنا فى الدراسة. لذلك لم ننظر له كفنان. كان أخا أكبر، وكان والدى يعتبره الأخ والصديق، لذلك اختار ان يكون شريكا له فى شركة صوت الفن.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved