محلل أمريكي: هناك حاجة لمزيد من دبلوماسية تنس الطاولة بين الصين والولايات المتحدة

آخر تحديث: الخميس 29 يوليه 2021 - 11:55 ص بتوقيت القاهرة

واشنطن - د ب أ

تتزايد في الوقت الحالي التوترات الدبلوماسية بين أكبر اقتصادين في العالم. ففي الأسبوع الماضي، اتهمت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، قراصنة إنترنت يعملون تحت رعاية أكبر وكالة تجسس صينية، بسرقة أنظمة البرمجة الخاصة بالبريد الإلكتروني لشركة "مايكرسوفت"، وهو زعم رفضته الصين بغضب شديد بوصفه "تشويه للسمعة".

وفي الأسبوع قبل الماضي، حذر البيت الأبيض، شركات أمريكية، من المخاطر التي ينطوي عليها العمل في هونج كونج. وفي الوقت نفسه، يتم إضافة المزيد من الشركات إلى قائمة الشركات الصينية التي تتعرض لعقوبات من جانب واشنطن.

وقال أندرو براون، مدير تحرير منتدى بلومبرج للاقتصاد الجديد، إنه قبل 50 عاما، كسرت رياضة تنس الطاولة الجمود بين الدولتين إبان الإدارة الأولى للرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون.

ويشير أورفيل شيل، الباحث المتخصص في الشؤون الصينية، إلى أن فريقا أمريكيا جذب انتباه رئيس الوزراء الصيني آنذاك، شو إن لاي، خلال دورة احتضتنها اليابان.

وبعد مرور بضعة أيام، تم استقبال أعضاء الفريق في قاعة الشعب الكبرى في بكين، بعد دعوة مفاجئة.

وأضاف براون، في تقرير نشرته وكالة بلومبرج، أنه بعد 3 أشهر، تم اتباع نهج الدبلوماسية الأكثر تقليدية، عندما اجتمع وزير الخارجية آنذاك هنري كيسنجر، مع رئيس وزراء الصين شو إن لاي، خلال زيارة سرية للإعداد لـ"الاختراق" التاريخي تجاه الصين. ولكن للآسف، فإن استمرارا مماثلا للأحداث سوف يكون غير محتمل إلى حد كبير اليوم حتى في الوقت الذي تكرر فيه الدولتان مواجهة حربهما الباردة.

ويعد التخريب الرقمي استفزازا خطيرا -وهو سبب وذريعة لاندلاع حرب في ظل بعض الظروف- وأثر الهجوم السيبراني على شركة مايكروسوفت وعلى عشرات الآلاف من الشركات أيضا.

وتعيد هذه الواقعة إلى الأذهان، الهجمات السيبرانية الضخمة التي تم شنها على شركة جوجل قبل أكثر من عقد، عندما اقترب قراصنة من سرقة كود المصدر الخاص بالشركة؛ مما دفعها إلى سحب محركها الخاص بالبحث من الصين.

وأدان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، في معرض شجبه للهجمات، ما وصفه بـ"الاستبدادية الرقمية"، وهذا وصف يعد صدى لوجهة نظر الرئيس الأمريكي بايدن، بشأن المنافسة بين الولايات المتحدة والصين، على أنها صراع "الدول الديمقراطية ضد الدول المستبدة"؛ من أجل الهيمنة على العالم وقيادته في القرن الـ21.

وتابع براون أن دبلوماسبة رياضة تنس الطاولة لن تنجح لكسر الجمود في هذه الأيام، ليس لأن الظروف الغريبة لحقبة سبعينيات القرن الماضي لا يمكن أن تتكرر، لكن بسبب الحقيقة التي مفادها أن القواعد التي تقوم عليها العلاقات الثنائية الأكثر أهمية في العالم قد تغيرت.

وإذا رجعنا إلى ذلك الوقت، لوجدنا أن الدولتين كانت كل منهما في حاجة للأخرى. فالصين كانت قد انفصلت عن الاتحاد السوفيتي آنذاك، وكانت في حاجة ماسة إلى صديق قوى آخر.

من جهتها، كانت أمريكا تريد قوة آسيوية موازنة للسياسة التوسعية السوفيتية، لكن انهيار الاتحاد السوفيتي قوض السبب الرئيسي لهذه العلاقة.

والأكثر من هذا، ظهرت على السطح الخلاقات الأيديولوجية والسياسية التي خمدها العداء المتبادل تجاه عدو مشترك.

ويذكر أنه في مطلع حقبة سبعينيات القرن الماضي، كانت الصين في خضم الثورة الثقافية، التي كانت بمثابة إهدارا واستخفافا بحقوق الإنسان.

ولكي يحقق الزعيم الصيني ماوتسي تونج، التقارب مع الولايات المتحدة، وافق على تنازلات مذلة بشأن تأيوان، التي أصبحت بعد ذلك، مثلما هى الآن، القضية الدبلوماسية الأشد حساسية في العلاقات بين بكين وواشنطن.

وأصبحت حتى الألعاب الرياضية في الوقت الحالي، مصدرا للسخط والغضب في العلاقات الصينية الأمريكية. ودخلت الرابطة الوطنية لكرة السلة الأمريكية في نزاع مع بكين بشأن منشور عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن هونج كونج.

وتهدد الولايات المتحدة بمقاطعة دبلوماسية لدورة الأولمبياد الشتوية في بكين العام المقبل.

ورغم ذلك، هناك فروق مهمة بين الحروب الباردة الماضية والحالية، يتمثل أبرزها في درجة عالية من الاعتماد الاقتصادي المتبادل.

ورغم لغة خطاب بايدن المتشددة وحقيقة أنه لم يلتق بعد بالرئيس الصيني شي جين بينج، هناك حقيقة مربكة بالنسبة للرئيس الأمريكي، تتمثل في أن الشركات الأمريكية لاتزال تتنافس على القيام بأنشطة تجارية مع العملاق الصيني.

وعلى سبيل المثال، تهرول الشركات الأمريكية لكي تدير الثروة الصينية، وفي العام الماضي، تجاوزت الصين الولايات المتحدة بوصفها المقصد الرئيسي للاستثمار المباشر في العالم.

جدير بالذكر أنه بينما انضمت الدول الحليفة للولايات المتحدة في إدانة الهجوم السيبراني الصيني المزعم، لم تهدد بياناتها بفرض عقوبات. ولا تريد أي دولة منها الانسحاب من اقتصاد سوف يصبح قريبا الأكبر في العالم.

ومنذ أول اجتماع دبلوماسي رفيع عال المستوى بين مسؤولي إدارة بايدن ونظرائهم الصينيين في ألاسكا (الذي أسفر عن إعلان علني للعداء)، لم تجر الدولتان في واقع الأمر أي محادثات.

وأعلنت وزيرة الخزانة الأمريكية، جانيت يلين، مؤخرا أنه ليس لديها أي خطط لأحياء الحوار الاستراتيجي الاقتصادي، الذي يعد المنصة الرئيسية لتنسيق السياسية الثنائية حتى تخلى الرئيس السابق دونالد ترامب عن اجتماعاتها المنتظمة.

وكان من المستهدف أن تحاول نائبة وزير الخارجية الأمريكي ويندي شيرمان، أن تفتح الباب مرة أخرى خلال زيارتها التي قامت بها للصين مؤخرا؛ للمساعدة في إدارة التوترات المتصاعدة، لكن نائب وزير الخارجية الصيني زي فينج، قال لها إن علاقة بلاده مع الولايات المتحدة في حالة "جمود" وتواجه "صعوبات خطيرة".

كما تركزت مباحثات شيرمان مع وزير الخارجية الصينية وانج يي، بدرجة كبيرة على حقوق الإنسان.

واختتم براون تقريره بقوله إن هذه الزيارة ليست اختراقا على غرار اختراق حققته رياضة تنس الطاولة، لكن في هذه الحرب الباردة، يعتبر هذا البروتوكول الدبلوماسي العادي تقدما مهما.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved