مفتي موسكو من القاهرة: التطرف داخل مصر يشبه الموجود في روسيا

آخر تحديث: الخميس 29 يوليه 2021 - 10:12 ص بتوقيت القاهرة

بسنت الشرقاوي

احتضن المركز الثقافي الروسي في الدقي، مساء أمس الأربعاء، ندوة لمحاربة الفكر المتطرف، بحضور نخبة من علماء دار الإفتاء المصرية، ووفد ديني روسي رفيع المستوى يضم 19 فردا، من مجلس علماء الإدارة الدينية في روسيا، على رأسهم فضيلة مفتي مدينة موسكو ونائب رئيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية، إيلدار علاء الدينوف.

ذكر المركز الروسي، في بيان له، أن الندوة تجري فى إطار عام التعاون الإنسانى بين مصر وروسيا 2021، كمواجهة مصرية روسية للفكر المتطرف، تحت عنوان "مواجهة الفكر المتطرف بين الخبرة المصرية والإدارات الدينية الروسية".

أدار الندوة شريف جاد مدير النشاط الثقافي بالمركز، بحضور الدكتور مجدي عاشور المستشار الأكاديمي لمفتي الديار المصرية، والدكتور أحمد ممدوح مدير إدارة الأبحاث الشرعية بدار الإفتاء المصرية، والدكتور هشام عبدالعزيز علي أمين عام المجلس الأعلى للشئون الإسلامية.

وحضر من الجانب الروسي، إلياس جنييف الأمين العام لمجلس العلماء بالإدارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية، والدكتور روسلان صياحوف نائب رئيس الأكاديمية البلغارية الإسلامية، إلى جانب عدد من المتخصصين وأعضاء جمعية خريجى الجامعات الروسية والسوفيتية.

• التطرف في مصر يشبه الموجود في روسيا

وصرح مفتي موسكو، إيلدار علاء الدينوف، بأن مصر كانت ولا تزال منارة الإسلام، قائلا: "لقد تخرجنا من الأزهر، ومصر منارة الإسلام التي نلجأ إليها، ونحن في مجلس علماء روسيا، نصدر الفتاوى المناسبة للواقع القريب للناس".

وتابع: "التطرف في مصر يشبه الموجود في روسيا، فالواقع واحد، وإحدى الأفكار التي تساعد على إيصال التطرف هي تشويه صورة المساجد والإدارات الدينية".

وفي تصريح خاص لـ"الشروق"، نصح علاء الدينوف، الشباب، بتجنب فخوخ التطرف عن طريق إيجاد قدوة يقتدي بها، مثل إمام المسجد، أو النبي والصحابة والأئمة، لافتا إلى أهمية وجود قدوة معاصرة وقريبة للشباب لإقناعهم، كما نصح الشباب، بتكوين نفسه بهوية متكاملة، وفهم وظيفته في الدنيا، مشيرا إلى خطورة المشكلات المادية والنفسية والأسرية التي تساعده على سير الشباب في طريق التطرف.

ووصف التطرف بأنه "خراب النفس من الداخل، الذي يتحول للشر في الخارج"، موضحا أنه يزور مصر بدعوة من دار الإفتاء المصرية، قائلا: "نحن هنا لنتبادل الأفكار والاستقاء من خبرات أساتذتنا الأزهريين؛ لمحاربة التطرف، فهناك بروتوكول تعاون مع الأزهر وعلماؤه يزوروننا في موسكو ونزورهم باستمرار".

وأوضح، خلال كلمته، أن مجلس علماء الإدارة الدينية في روسيا، يصدر الفتاوى والكتب التي فاق عددها 100 نسخة، لنشر الأفكار الصحيحة وإصدار الفتاوى، بالإضافة لإجراء فعاليات عديدة داخل موسكو، تشرح الإسلام من حيث الرحمة والسماحة للجميع وليس المسلمين فقط: "ننشئ خياما بها بعض الأطعمة، ونوفر نصف ساعة للإرشاد الديني، ولدينا 4 مساجد فقط في موسكو".

وعن جهود مجلس العلماء على أرض الواقع في موسكو، لفت إلى أنه يجري تدريب 500 شاب؛ لتمثيل مسرحية إسلامية في أحسن قاعات موسكو، حضرها المسلمون وغير المسلمين، جعلت الكثير من غير المسلمين يفكرون في اعتناق الإسلام، لكن في نفس الوقت، أشار إلى وجود خوف كبير لدى كثير من الروس تجاه دخول المساجد، وأنهم يحاولون تحويل هذا الخوف لحب.

وتابع أنه داخل كل سجن في موسكو، استطاع المجلس فتح مصلى وتوفير 5 أئمة للوعظ بانتظام، وتوزيع الكتب الوسطية، بالإضافة لفتح صندوق زكاة لمساعدة الناس قبل 10 سنوات، لحل مشاكل بعض الشباب وبالفعل استطاعوا جمع مبالغ كبيرة.

كما ذكر الدكتور روسلان صياحوف، نائب رئيس الأكاديمية البلغارية الإسلامية -الذي تخرج في جامعة الأزهر- ذكرى حسنة خلال دراسته في الأزهر الشريف، قائلا: "استمتعنا بالدراسة في الأزهر الشريف، ومصر في قلوبنا"، لافتا لدور الأكاديمية في نشر الفكر الوسطي لدى الشباب من جميع الأعراق.

• تعاون بين الإفتاء وروسيا للتدريب على صناعة الفتوى

أما الدكتور مجدي عاشور، المستشار الأكاديمي لمفتي الديار المصرية، أشار إلى وجود تعاون كبير بين موسكو ومصر يجري الآن، من خلال تبادل الخبرات وعقد الدورات التدريبية في موسكو، وتدريب عدد غير قليل من علماء روسيا والعاملين في المؤسسات الدينية هناك على كيفية صناعة الفتوى.

وعن محاربة التطرف الديني، قال: "الذي نتحدث عنه الآن هو الفكر المتطرف، وهو أمر مشترك ليس فقط بين مصر وروسيا، لكن بين دول العالم أجمع، لأن التطرف هو المتحكم الأول في الشذوذ عن الأمة الوسط التي أمر بها الرسول (صلى)".

وأضاف -خلال كلمته في الندوة- "جئنا اليوم لنوضح جهود المؤسسات الدينية في مصر لمواجهة الفكر المتطرف بطرق عديدة، وكيفية رصد سمات التطرف وبيان أدبياته"، لافتا إلى وجود مرصد إعلامي في الأزهر، يرصد الظواهر الدينية الكثيرة داخل مصر وخارجها، والتي يندرج منها مصطلح الإسلاموفوبيا -الذي يرفضه الأزهر- والمقصود به "الخوف الشديد من الإسلام".

وتابع أن الخطر المعوق للحضارات هو الفكر المتشدد الإسلامي وغير الإسلامي، مؤكدا أنه يجب على رجال الدين إبراز جمال دياناتهم أيما كانت، من خلال التركيز على المبادئ السامية.

• المتطرفون يحقرون الرموز لتحلية أفكارهم في عقول الشباب

من جانبه، قال الدكتور هشام عبدالعزيز، أمين عام المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن الندوة هدفها التعاون بين علماء مصر وموسكو؛ من أجل محاربة الفكر المتطرف ونشر الفكر الوسطي المستنير في مشارق الأرض ومغاربها، من خلال مقاصد الإسلام السمح، مضيفا: "المتطرفون حقروا الرموز لتحلية فكرهم في عقول الشباب".

ولفت إلى أنه منذ بداية تولي الدكتور محمد مختار جمعة، وزارة الأوقاف، جرى التركيز على أمرين مهمين، الأول "تحرير المنابر من غير المتخصصين وغير الأزهريين"، والذين لا يفقهون في الدين، حتى أنه في الوقت الحالي أصبح لا يعتلي المنبر إلا المتخصص المصرح له من وزارة الأوقاف، والأمر الثاني هو "إعداد الإمام" لينتقل من ثقافة النخبة لثقافة الشعب، وتم ذلك من خلال عدة إصدارات مكتوبة، بفضل قادة دار الإفتاء.

وأفاد بوجود تعاون مع وزارة الأوقاف، ممثلا في المجلس الأعلى، وبين وزارة الثقافة، ممثلة في الهيئة العامة للكتاب، من خلال إصدار مفاهيم لمواجهة التطرف، مشيرا إلى دور أكاديمية الأوقاف الدولية، وأكثر من 20 صفحة لنشر سماحة الدين.

العام الثقافي المصري الروسي 2021

يأتي ذلك بالتزامن مع العام الثقافي المصري الروسي 2021 "عام التبادل الإنساني"، الذي يجري برعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، بعد انطلاقه رسميا في 18 يونيو الماضي، خلال عرض روسي فني على المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، بحضور السفير الروسي لدى القاهرة إليكسي تيفانياني.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved