تجربة أمير الكويت.. ما بين لم شمل العرب وإرساء قواعد الديمقراطية ونشر السلام

آخر تحديث: الثلاثاء 29 سبتمبر 2020 - 4:06 م بتوقيت القاهرة

سارة النواوي:

قائد حمل السلام للمنطقة، لم يدخر جهدا من أجل مساعدة الدول العربية والإسلامية، بل والعالم أجمع، أقام العديد من المبادرات الإنسانية والتنموية وبخاصة في الدول الفقيرة؛ ليضرب مثالا رائعا في العطاء والإنسانية، إنه أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر المبارك الصباح الذي وافته المنية اليوم عن عمر ناهز الـ91 عاما.

هو أمير دولة الكويت الخامس عشر، والخامس بعد الاستقلال عن المملكة المتحدة، وهو الابن الرابع لأحمد الجابر الصباح من منيرة عثمان السعيد العيّار.

ولد صباح الأحمد الجابر في 16 يونيو من عام 1929 في دولة الكويت وله ثلاث أبناء وبنت واحدة، وتلقى تعليمه في المدرسة المباركية، ويعد أول من تولى منصب وزير الإعلام وثاني وزير خارجية في الكويت، وقد كان له فضلا كبيرا في تعامل الكويت مع الغزو العراقي 1990.

وتولى مقاليد الحكم في 29 يناير 2006، بعدما تنازل له الأمير سعد العبد الله السالم الصباح نظرا لتدهور أحواله الصحية.

- طبيعة عمله السياسي والاجتماعي

كانت بداية عهده بالمجال السياسي عام 1954؛ إذ عينه أمير الكويت عبد الله السالم في اللجنة التنفيذية؛ والتي تضاهي مجلس الوزراء حاليا، وفي 1955 عين رئيسا لـ"دائرة الشؤون الاجتماعية والعمل"؛ حيث كان شديد الاهتمام بالأعمال الاجتماعية وحرص على منح المواطنين فرص عمل تناسبهم.

كما أبدى اهتماما كبيرا بتدريب الفتيات، ورعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، وإقامة الجمعيات النسائية، فضلا عن إعادة تأهيل الشباب نفسيا واجتماعيا، واهتمامه بالمسارح والأندية؛ إذ يرجع إليه الفضل في إنشاء أول مركز للفنون الشعبية بالكويت.

- سياسته الخارجية

كان له باعا طويلا على الصعيد الخارجي، حيث إنه بعد توليه وزارة الخارجية، أصبح رئيسا للجنة الدائمة لمعاونة الخليج العربي عام 1963، وأعطى الدول العربية والخليجية المنح دون مقابل، ويعد الصباح أول من رفع العلم الكويتي أعلى مبنى الأمم المتحدة، بعدما وافقت أن تصبح الكويت أحد أعضائها.

وكانت أهم أعمال الخارجية الكويتية في عهده:

ـ 1965-1966 توسط لحل النزاعات العسكرية بين مصر والسعودية على الأراضي اليمنية.

ـ 1968 سعى لحل قضية إيران بمطالبة البحرين، حيث قام بتنظيم اجتماعات بين البلدين في الممثلية الكويتية.

ـ كما أنه لم يدخر جهدا لحل النزاعات الحدودية بين العراق وإيران.

ـ ساهم في حل الصراع المسلح الذي نشب بين الجيش الأردني ومنظمة التحرير الفلسطينية.

ـ 1970 سعى لحل الخلافات بين باكستان وإقليم البنغال.

ـ وفي 1988 عينته جامعة الدول العربية رئيسا للجنة السداسية المكوّنة من وزراء خارجية الكويت والجزائر وتونس والأردن والإمارات والسودان.

بعد توليه الشؤون الخارجية كان للكويت دورا بارزا لعبته كوسيط حيادي، حتى وصفه فؤاد بطرس؛ وزير الخارجية اللبناني الأسبق في مذكراته قائلًا: "إن الشيخ صباح الأحمد الصباح يتمتّع بقدرة فائقة على المناورة" ولذلك لقب بـ"شيخ الدبلوماسيين العرب والعالم" و"عميد الدبلوماسية الكويتية والعربية".

- لم شمل العرب

لم يكن الصباح يفوت أي فرصة للاجتماع بأشقائه العرب، للتشاور في شؤؤن قضايا بلادهم، كما أنه في أثناء اندلاع خلافات في البيت الخليجي سعى للتوسط وحل الخلاف.

وكان له دورا بارزا في تقديم المساعدات للدول العربية، فضلا عن أنه دعم مبادرة عربية لمساعدة المسلمين والعرب.

وحرص الصباح على توطيد علاقة الكويت بالعالم الخارجي؛ إذ أنه خلال توليه الحكم استضافت الكويت أكثر من 95 ممثلية، تنوعت ما بين منظمات دولية وإقليمية وقنصلية، إضافة إلى حصول الكويت عدة مرات على العضوية في مجلس الأمن، ما ييبرز تفوقه في صناعة القرارت العربية.

- الإنسانية والسلام

باتت دولة الكويت في عهده منبعا للأعمال الخيرية والإنسانية، إذ بذل كل ما يستطيعه من جهد لأجل مساعدة الشعوب العربية بل والعالمية، وساهم في عدد من المؤتمرات لإعمار العراق واليمن، ولرعاية شعب فلسطين وسوريا، وكذلك توسط في الكثير من الأزمات العربية.

كما سعى للمصالحة على المستوى العربي والدولي؛ ما جعله يحصل على لقب أمير الإنسانية ورجل السلام، فضلا عن ترشيحه لجائزة نوبل، بعدما قدم العديد من المبادرات الإنسانية للدول العربية.

- إرساء قواعد الحرية والديموقراطية

نعمت الكويت في عهده بحريات لم تشهدها من قبل؛ إذ عمل على إرساء دولة ديمقراطية تقوم على التمتع بالحريات العامة واحترام حقوق الإنسان، ساعيا لتوفير حياة راغدة مطمئنة لأبناء الشعب الكويتي.

تبوأت الكويت في عهده مكانة عالية على الصعيد الإقليمي والدولي؛ إذ أنه لم يدخر جهدا للتصدي لكل من أراد ببلاده سوء من قبل النعرات الطائفية، مما استحق احترامه على المستوى العربي والعالمي.

وكان يؤمن أن الديمقراطية هي المحرك الأساسي الذي يجسد الأمان والطمأنينة للشعب، معبرًا عن ذلك بقوله: "لن يكون الأمن والاستقرار بديلا للحرية والديموقراطية بل هما صنوان متلازمان يمثلان ضمانة أساسية لأمن المجتمع واستقراره ولنا في ما آلت اليه الدول ذات الأنظمة الديكتاتورية خير شاهد ودليل".

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved