أ ش أ: مصادر المياه في سيناء بين التعدد والتميز ومحددات الطبيعة والجغرافيا

آخر تحديث: الخميس 29 أكتوبر 2020 - 8:15 م بتوقيت القاهرة

أ ش أ

تتميز مصادر المياه في سيناء بتعدد مصادرها السطحية والجوفية، شأنها في ذلك شأن المناطق الصحراوية، التي حددت الظروف الطبيعية والجغرافية، مصادر المياه بها بمياه الأمطار والسيول بالدرجة الأولى، التي أثرت في مكوناتها الطبيعية من المياه التي تمثلت في الآبار والسدود وغيرها، وأضيفت إليها العديد من مصادر المياه الحديثة بإنشاء خطوط نقل المياه وإقامة محطات التحلية على الآبار ومياه البحر والعديد من الآبار العميقة والبحيرات الصناعية والسدود لحجز مياه الأمطار والسيول وضمان تعظيم الاستفادة من كافة الموارد المائية المتاحة، إلا أنها لا تزال حتى الآن غير كافية؛ ما أدى إلى العمل على تطويرها لتعظيم الاستفادة منها.
وأكد الجيولوجي جمال حجاب، مدير عام إدارة المحاجر سابقا بشمال سيناء، أن الدراسات العلمية لخزان المياه الجوفية بسيناء أشارت إلى أن كميات المياه الاحتياطية في الخزان الجوفي العميق المسمى بالحجر الرملي النوبي تصل إلى أكثر من 230 مليار متر مكعب، منها أكثر من 170 مليار متر مكعب في سيناء.
وقال إن هذا الخزان يتم تغذيته باستمرار من خلال مكتشف الطبقات المختلفة في الجنوب والوسط، وهو نفس مصدر المياه في عيون موسى بجنوب سيناء وفي الآبار المنتشرة في نخل والحسنة بوسط سيناء، حيث يتم استخدام النظائر المشعة لتحديد عمر المياه في تغذية الآبار.
ولفت إلى أن المياه الجوفية بشمال سيناء تعتبر من أهم مصادر المياه التي تعتمد عليها المحافظة في توفير احتياجاتها المائية اللازمة، سواء للزراعة والري أو للشرب وباقي الاستخدامات المنزلية، وهي موزعة جغرافيا على عدة مناطق وتختلف ظروف كل منطقة عن الأخرى من حيث نوعية الخزان الجوفي وتكويناته الجيولوجية، خاصة وأنه يوجد في شمال سيناء العديد من الطبقات الحاملة للمياه الجوفية مثل الطبقات الرملية والزلطية في الخزان الجوفي القريب من مدينة العريش، وكذلك الخزان الجوفي الممتد من رفح إلى الشيخ زويد.
كما توجد المياه الجوفية في الطبقات الرسوبية بوادي العريش بالقرب من مدينتي نخل والحسنة وأماكن الخزانات الجوفية الموجودة بشمال سيناء، وتختلف نوعية المياه الجوفية من مكان إلى آخر، ومن أفضل نوعيات المياه الجوفية تلك الموجودة بالخزان الجوفي الممتد بين رفح والشيخ زويد، حيث تتراوح نسبة الأملاح بين 250 – 2100 جزء في المليون في الطبقات الرملية، بينما تصل نسبة الملوحة إلى أقل من 4000 جزء في المليون في طبقات البلو ستوسين على أعماق تتراوح بين 40 و90 مترا.
وتتراوح نسبة الملوحة في الخزان الجوفي القريب من العريش بين 1200 و5000 جزء في المليون، وتصل نسبة الملوحة في منطقة الوسط حيث طبقات الحجر الرملي النوبي من عصر الكريتاوي الأسفل من 1500 إلى 2000 جزء في المليون.
وأوضح أنه يتم شحن الخزانات الجوفية في شمال سيناء من خلال سقوط الأمطار على مناطق الشحن وحركة المياه من هذه المناطق في اتجاهين: أحدهما في اتجاه البحر المتوسط والآخر في اتجاه المناطق المنخفضة. ومن أهم مناطق الشحن للخزانات الجوفية الرئيسية بشمال سيناء منطقة شحن خزان العريش (200كم2) ومنطقة الشحن عند رفح (180كم2) بالإضافة إلى العديد من أحواض الشحن الموجودة بالمناطق الوسطى القريبة من الجفجافة والحسنة والقسيمة التى تبلغ مساحتها حوالى (240كم2)؛ وبذلك يكون مجموع كميات المياة المشحونة للخزانات الجوفية حوالي 54.4 مليون متر مكعب في السنة بما يعادل 146000 متر مكعب في اليوم.
من جهة أخرى، أكد الباحث في التراث السيناوي محمود حسن الشوربجي أن هناك العديد من الأسماء والمصطلحات التي أطلقها أبناء سيناء على مصادر المياه الطبيعية والصناعية حتى أصبحت معروفة ومتداولة حتى اليوم، ومن بينها: العين: وهي نبع ماء من المياه الجوفية تظل مياهه تسيل على سطح الأرض طوال العام. ويوجد في سينآء الكثير من هذه العيون وغالباً ما تنسب أسماء الأودية في سيناء بأسماء العيون التي تسيل فيها فيقال مثلا: وادي موسى أو وادي العين وغير ذلك من أسماء، كذلك عين القديرات فى منطقة القسيمة والتي يتدفق منها الماء من أعلى قمة جبل في منطقة سميت باسمها حتى الآن، ويضاف إليها عين قديس وعين القسيمة في نفس المنطقة. وتتميز كل هذه العيون بمياهها العذبة التي تستخدم في الشرب والزراعة وباقي الاستخدامات.
ويطلق عليها أيضاً الكثبان والخنادق: وتنتشر الكثبان الرملية في عدة مناطق بشمال سيناء، وتعتبر خزانات طبيعية لمياه الأمطار، حيث تزداد كمية المياه تبعا لزيادة معدلات سقوط الأمطار، وتمتص هذه الكثبان مياه الأمطار بسرعة قبل تبخرها؛ لذلك يتم حفر الخنادق لتجميع مياه الأمطار في الكثبان حتى يمكن الاستفادة منها بدفعها عبر خطوط مواسير لري وزراعة الأراضي.
وهناك أيضاً مسمى الينبوع: وهو ما ينبثق من خطّ واحد، وينشأ من المياه المتسرِّبة من الجبال المحيطة بمساحة من الأرض تسمى سهلا لوصول المياه اليها من الينبوع بسهولة فتعمل على خضرته ونمو الزراعات به. والعِد: وهو نبع ماء حي في حفرة، وتعرف الحفرة لديهم بالجورة، ومياهه ثابتة لا تجري على سطح الأرض، وعرف قديماً لدى سكان سيناء بالثمد. الثميلة: وهي مكان الماء المدفون في أرض السيل، وعند الحفر يخرج منها الماء ويصل عمق الحفرة من نصف المتر إلى المتر، ويتفاوت عرضها وطولها حسب سرعة تجمع المياه داخلها، وتعرف لديهم بالثميلة. وهي تمتلئ بالماء النقي الصافي عقب حفرها، وهذا إذا ما كان المطر غزيرا جداً في فصل الشتاء، ولكنها تجف في فصل الصيف.
وهناك أيضاً مسميات المشاش والسد والصُّنع والمكراع والهرابة والبئر والنَّقْع والغدير والحمَّام والغْراب والبِرْكَة والسَبيل.
أما عن المصادر الحديثة للمياه بسيناء فهي: الخزان، ويعرف أيضاً باسم (الحاووز)، وهو قصر أو برج مائي مرتفع لجمع المياه لتوزيعها على المنازل بضغط مناسب، وكلمة حاووز مأخوذة عن اللغة التركية ومصدرها من كلمة "الحوض" في اللغة العربية، ومن الممكن أن يكون مشتقاً من اللغة العربية من فعل "حاز" أى "مَلَك".
يذكر أن شمال سيناء تشهد حاليا طفرة كبيرة في تنمية الموارد المائية لتعظيم الاستفادة منها؛ من خطوط ناقلة للمياه وسدود لحجزها وأخرى لإعاقة تسربها إلى البحر، إضافة إلى إقامة محطات التحلية وحفر العديد من الآبار العميقة والسطحية لاستغلالها في الشرب والزراعة وباقي الاستخدامات الصناعية والمنزلية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved