وثائق بريطانية سرية: مبارك وافق عام 1983 على توطين فلسطينيين فى مصر مقابل تسوية الصراع العربى الإسرائيلى
آخر تحديث: الأربعاء 29 نوفمبر 2017 - 2:23 م بتوقيت القاهرة
• أسامة الباز: ستكون دولة منزوعة السلاح.. والعرب لن يقبلوا أن تصبح موالية للسوفييت
كشفت هيئة الإذاعة البريطانية «بى بى سى»، نقلا عن وثائق سرية بريطانية، تمت إزاحة السرية عنها بموجب قانون حرية المعلومات فى بريطانيا وحصلت عليها «بى بى سى» حصريا، أن الرئيس الأسبق حسنى مبارك وافق عام 1983 على طلب أمريكى لتوطين فلسطينيين فى مصر، غير أنه اشترط فى المقابل التوصل لاتفاق بشأن «إطار عمل لتسوية الصراع العربى الإسرائيلى».
وتشير الوثائق إلى أن مبارك كشف عن الطلب الأمريكى وموقفه منه خلال مباحثاته مع رئيسة الوزراء البريطانية مارجريت تاتشر فى أثناء زيارته للندن فى طريق عودته من واشنطن فى فبراير 1983 حيث التقى بالرئيس الأمريكى رونالد ريجان.
وجاءت الزيارتان بعد 8 شهور من اجتياح إسرائيل للبنان فى 6 يونيو 1982 بذريعة شن عملية عسكرية ضد منظمة التحرير الفلسطينية إثر محاولة اغتيال سفيرها فى بريطانيا، شلومو أرجوف على يد منظمة أبو نضال الفلسطينية، حيث انتهى الغزو باحتلال الجيش الإسرائيلى لجنوب لبنان حتى عام 2000 عندما انسحبت إسرائيل من جانب واحد تحت وطأة أعمال المقاومة اللبنانية.
وفى ظل ذلك الوضع بالغ التوتر فى الشرق الأوسط، سعى مبارك لإقناع الولايات المتحدة وإسرائيل بقبول إنشاء كيان فلسطينى فى إطار كونفدرالية مع الأردن تمهيدا لإقامة دولة فلسطينية مستقلة مستقبلا.
فى مباحثاته مع تاتشر فى لندن يوم 2 فبراير 1983، طرح مبارك تصوره بشأن التسوية فى الشرق الأوسط.
وحسب محضر جلسة المباحثات فإن مبارك «قال إنه عندما طُلب منه فى وقت سابق الموافقة على استقبال مصر لفلسطينيين من لبنان، فإنه أبلغ الولايات المتحدة أنه يمكن أن يفعل ذلك فقط كجزء من إطار عمل شامل لحل».
وأبدى مبارك استعداده لاستقبال مصر الفلسطينيين من لبنان على الرغم من إدراكه للمخاطر التى تنطوى عليها مثل هذه الخطوة.
ويشير محضر المباحثات إلى أن مبارك قال إنه أبلغ فيليب حبيب (المبعوث الأمريكى إلى لبنان) بأنه «بدفع الفلسطينيين إلى مغادرة لبنان تخاطر الولايات المتحدة بإثارة عشرات من المشكلات الصعبة فى دول أخرى».
وردت تاتشر على هذا التحذير، ملمحة إلى أنه أيا ما تكون التسوية المستقبلية، فإنه لا يمكن أن يعود الفلسطينيون إلى فلسطين التاريخية. وقالت «حتى إقامة دولة فلسطينية لا يمكن أن تؤدى إلى استيعاب كل فلسطينيى الشتات».
غير أن الدكتور بطرس غالى، وزير الدولة للشئون الخارجية آنذاك، رد على تاتشر قائلا إن «الفلسطينيين سيكون لديهم حينئذ، مع ذلك، جوازات سفر خاصة بهم، وسوف يتخذون مواقف مختلفة».
وأضاف: «لا يجب أن يكون لدينا فى الواقع فقط دولة إسرائيلية وشتات يهودى، بل دولة فلسطينية صغيرة وشتات فلسطينى» أيضا.
وحسب الوثائق، فإن المباحثات لم تتطرق إلى أوضاع بقية اللاجئين الفلسطينيين خارج فلسطين. وعندما دون السكرتير الخاص لرئيسة الوزراء البريطانية محضر لقاء مبارك وتاتشر، شدد على ألا يُوزع إلا على نطاق ضيق للغاية.
وبدت رئيسة الوزراء البريطانية مؤيدة لفكرة الفدرالية بين الأردن ودولة فلسطينية. وقالت إن هذا الحل «وهو ما يتصوره معظم الناس». كما أبدت تحفظا على قيام دولة فلسطينية مستقلة عن الأردن قائلة: «البعض يشعر بأن دولة فلسطينية مستقلة قد تخضع لهيمنة الاتحاد السوفيتى».
ورد الدكتور أسامة الباز، المستشار السياسى لمبارك، على هذا التحفظ قائلا: «هذا تصور خاطئ.. فلن تكون أى دولة فلسطينية خاضعة أبدا لهيمنة الروس».
وقال الباز إن «هذه الدولة سوف تعتمد اقتصاديا على العرب الأغنياء بالبترول الذين يعارضون بشدة أن تقام فى المنطقة دولة موالية للسوفييت.. والمملكة العربية السعودية هى مثال لتلك الدول التى لن تسمح مطلقا بأن يحدث هذا».
وأيد الرئيس مبارك طرح الباز قائلا: «لا توجد دولة عربية واحدة تقبل كيانا فلسطينيا يهيمن عليه السوفييت».
ولكى يزيد من طمأنة تاتشر، أضاف مبارك أن «دولة فلسطينية لن تكون أبدا تهديدا لإسرائيل.. الفلسطينيون فى الكويت وبقية الخليج لن يعودوا مطلقا إلى الدولة الفلسطينية».
وعلق الباز قائلا: «أى دولة فلسطينية يجب أن تكون منزوعة السلاح. ولذلك فإنها لن تحصل على أسلحة سوفيتية».
وتساءل وزير الخارجية والكومنولث البريطانى حينئذ، فرانسيس بايم عما إذا كانت إسرائيل سوف تقبل مفهوم دولة فلسطينية صغيرة منزوعة السلاح، فأجاب الباز بأن «الخطوة الأولى يجب أن تكون كيانا فلسطينيا متحدا فى فيدرالية مع الأردن. وهذا سوف يتطور خلال فترة من 10 إلى 15 سنة إلى دولة فلسطينية منزوعة السلاح».