خبراء: اقتراحات البنوك لجذب العملة الصعبة للبلاد حلول مؤقتة وليست جذرية

آخر تحديث: الثلاثاء 29 نوفمبر 2022 - 8:24 م بتوقيت القاهرة

أميرة عاصي وسارة حمزة

هانى جنينة: هذه الإجراءات خطوة فعالة تمثل 30% فقط من حل الأزمة
مدحت نافع: القطاع المصرفى يحاول التعامل مع أزمة ندرة الدولار بكل ما يمتلكه من أدوات محدودة

يرى عدد من الخبراء والمحللين الاقتصاديين أن الأفكار التى ناقشتها البنوك المحلية مع البنك المركزى، وتضمنت إلزام المؤسسات السياحية والفندقية بإيداع إيراداتها بالعملة الأجنبية لدى البنوك المحلّية ودراسة إصدار أوعية ادخارية بالدولار للعاملين فى الخارج، وإبداء مرونة أكثر عند إيداع الدولار، تعد حلولا مؤقتة للتعامل مع أزمة نقص العملة فى الوقت الحالى وليست جذرية.
وأوضح الخبراء والاقتصاديون، أن الحل النهائى لأزمة توفير الدولار فى السوق المحلية، يتمثل فى تحسين بيئة الاستثمار وزيادة الإنتاج المحلى من القطاع الصناعى والزراعى وارتفاع فاتورة الصادرات المصرية، والحد من الاقتراض الخارجى لتخفيض الطلب على الدولار.
وناقش حسن عبدالله، محافظ البنك المركزى، مع رؤساء جميع البنوك العاملة فى السوق المصرية، خطة جذب العملة الصعبة للبلاد وتوطينها، بما يسهم بتعزيز السيولة الدولارية، وتضمنت الأفكار المطروحة إلزام المؤسسات السياحية والفندقية بإيداع إيراداتها بالعملة الأجنبية لدى البنوك المحلّية مقابل حصولها على خدمات وحوافز تمويلية، إلى جانب دراسة إصدار أوعية ادخارية بالدولار للعاملين فى الخارج، وإبداء مرونة أكثر تجاه التمحيص بمصدر النقد الأجنبى عند الإيداع، وفق 5 بنوك تحدث مسئولوها لـ«الشرق بلومبرج».
وركز الاجتماع على دراسة ضوابط تسعير الجنيه وربطه بسلّة عملات، إلى جانب فتح حوار حول المشتقات الدولارية، والتشديد على منح أولوية قصوى لتوفير العملة الصعبة لمستلزمات الإنتاج.
قال محمد حسن، العضو المنتدب لشركة بلوم مصر للاستثمارات المالية، إن هذه الاقتراحات سيكون لها مردود إيجابى وتعد محاولة للتعامل مع أزمة نقص العملة فى الوقت الحالى، حتى يتم توفير حصيلة دولارية فى البنوك مع الحصول على الدفعة الأولى من قرض صندوق النقد الدولى، لكنه يرى أن هذه الاقتراحات لن تحل أزمة توفير السيولة الدولارية على المدى البعيد.
وأوضح حسن، أن الحل النهائى لأزمة توفير الدولار فى السوق المحلية، يتمثل فى زيادة الإنتاج المحلى وارتفاع فاتورة الصادرات المصرية، والحصول على استثمارات من دول الخليج، والتى وعدت بضخها فى شركات مدرجة بالبورصة المصرية.
وتوقع حسن، أن يكون هناك إقبال على الأوعية الادخارية للعاملين بالخارج، مثل ما حدث فى مبادرة السيارات للعاملين بالخارج أيضا، خاصة أنه لا يوجد طرق للاستثمار فى الدولار فى مصر إلا الودائع بفائدة 2% و1.5%، أو شهادات بـ6 و7% لـ5 و10 سنوات، والتى تعد فترات طويلة للعملاء لذلك يجب أن يكون هناك آليات لفترات أقصر من ذلك كأن تكون الشهادات أو الودائع سنوية وبعائد منافس حتى تصبح جذابة.
من جانبه قال هانى جنينة، الخبير الاقتصادى والمحاضر فى الجامعة الأمريكية، إن مقترح إبداء مرونة أكثر تجاه التمحيص بمصدر النقد الأجنبى عند الإيداع من أهم المقترحات، والأكثر تأثيرا فى زيادة الحصيلة الدولارية من حائذى العملة بدلا من تحويلها للسوق السوداء، خاصة أنه من ضمن شروط صندوق النقد إزالة جميع القيود على التعاملات الجارية فيما يخص الاستيراد والتصدير، والمعاملات الرأسمالية والتى من ضمنها أى تعاملات بالدولار مع البنك، متوقعا أن ينفذ البنك المركزى هذا لمقترح قريبا أو طرح ودائع وشهادات ادخار سنوية من البنك الأهلى ومصر بعائد مرتفع قد يصل إلى 22%، شرط أن يكون تحويل قيمة المبلغ بالعملة الأمريكية، «شهادة مقتصرة لمن لديه دولار»، متوقعا طرح هذه الشهادات فى يناير بعد تسلم الشريحة الأولى من قرض صندوق النقد الدولى.
وأضاف جنينة، أنه فيما يخص بإلزام الشركات السياحية بإيداع إيراداتها بالبنوك، فإنه يجب توضيح المقصود به خاصة أنه من الطبيعى أن تضع الشركات إيراداتها فى البنوك، لكن «من الممكن أن يكون المقصود به إلزام المنشآت السياحية بتحويل إيراداتها بالعملة الأجنبية أو جزء كبير منها بسعر الصرف الحالى للبنوك، لاسيما أن المنشآت السياحية ليس لها مطلوب دولارى ولا يستورد مستلزمات كثيرة.
وأوضح جنينة، أن هذه الإجراءات خطوة فعالة تمثل 30% فقط من حل الأزمة، ولكنها ستكون أكثر فعالية بعد اتخاذ الاجراءات الإصلاحية الخاصة بإتمام القرض مع صندوق لنقد الدولى، موضحا أن 70% من حل أزمة نقص الدولار على المدى القصير سيكون بعد الحصول على قرض صندوق النقد الدولى واستثمارات من الشركاء الدوليين ومبالغ الاستحواذات التى تحدث حاليا.
ويرى مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث بشركة العربية أون لاين، أن جميع الاجراءات التى اتخذت فى الوقت الحالى حلول مؤقتة لأزمة الدولار وليست جذرية، موضحا أن إلزام المؤسسات السياحة والفنادق بإيداع الايرادات فى البنوك بالدولار خطوة جيدة، كما أن التسهيلات مع العملاء فى استبدال العملة من البنوك دون تضييق ستساهم فى تدبير العملة للمساعدة فى أزمة نقص الدولار.
وأضاف شفيع، أن اصدار أوعية ادخارية دولارية بفائدة أعلى خطوة جيدة لجذب الدولار للبنوك ممكن أن تصل إلى مستويات تقارب 6 % أو 7% مقابل مستويات تتراوح بين 5% و5.5% حاليا، ولكن ذلك سيمثل عبئا على كاهل البنوك لأنها ملزمة برد الفائدة وأصل المبلغ بالدولار.
وتوقع شفيع، أن تشهد أسعار الدولار ارتفاعا أمام الجنيه خلال الفترة المقبلة ويمكن أن تقارب مستويات 30 جنيها.
من جانبه قال أحمد معطى، المدير التنفيذى لشركة «فى آى ماركتس» فى مصر، إن الإجراءات التى تم مناقشتها ستوفر كمية كبيرة من الدولارات خلال الفترة القادمة، ولكنها تعد جزءا من حزمة إجراءات أخرى تعمل عليها مصر خلال الفترة الحالية لتساهم فى تقليل حدة الضغط على الدولار، مثل مبادرة السيارات للعاملين فى الخارج، موضحا أن مقترح تسهيل إيداع الدولارات فى البنوك مهم جدا، خاصة أن بعض الناس لديهم مخاوف من فكرة إيداع الدولار فى البنك.
وأضاف معطى، أنه مازالت هناك ضغوط واضحة على الجنيه لذلك تسعى الدولة للقيام بإجراءات قصيرة الأجل لتوفير الدولار بطريقة سريعة حتى نصل إلى حل نهائى للأزمة، لافتا إلى أن النظرة طويلة الأجل لحل الأزمة تتمثل فى زيادة إنتاج قطاع الصناعة والزراعة لزيادة الصادرات لتصل إلى مستهدفاتها.
وقال مدحت نافع، خبير الاقتصاد وأستاذ التمويل ورئيس الشركة العربية للسبائك، إن القطاع المصرفى يحاول أن يتعامل مع أزمة الندرة الدولارية بكل ما يمتلكه من أدوات محدودة فى هذا السياق، لكن يبقى على الحكومة أن تتحرك على المستوى الاقتصادى لتحسين بيئة الاستثمار ودعم الإنتاج المحلى ذى القيمة المضافة المرتفعة والحد من الاقتراض الخارجى وإعادة هيكلة الدين الخارجى لتخفيض الطلب على الدولار، مضيفا «لا حاجة لنا بالكثير من الدولار لو لم نكن نستورد معظم استهلاكنا من الخارج ونسدد المليارات من الدولارات فى صورة أقساط الدين الخارجى».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved