الأب المثالي.. رحلة كفاح الحاج فتحي مع بناته الثلاث الكفيفات

آخر تحديث: السبت 30 مارس 2019 - 12:04 م بتوقيت القاهرة

منال الوراقي

يحمل معنى الأبُوَّة كلمة في طياته معانى كثيرة، لا يمكن أن يصفها قلم، مهما استطاع أن يستحضر كلمات وتوصيفات تعبر عنها، وبين الأباء المصريين هناك الكثير من الحكايات وقصص الكفاح والتضحية فى سبيل النجاة بأولادهم، منهم الحاج فتحي الذي توفيت زوجته وتركته هو بناته الثلاث الكفيفات في مهب الريح، إلى أن استطاع الوصول بهم إلى بر الأمان، وتوج بلقب الأب المثالي.

"اللي عند ربنا مبيروحش، تعبي مرحش هدر"، هكذا أعرب الحاج فتحي سليم محمد علي، ابن قرية الرحمانية قبلي بمركز نجع حمادي بمحافظة قنا، عن فرحته وامتنانه بفوزه بلقب الأب المثالي، وتكريمه من قبل الدولة والمحافظة، لإعالته بناته الثلات الكفيفات، حتى أصبح قدوة يحتذي به لكافة الآباء.

بدأت رحلة الحاج فتحي، الذي يملك من الأبناء ستا، ولدين وأربعة بنات، مع بناته الثلاث الكفيفات، من معهد المكفوفين في أسوان، ثم إلي المراحل التعليمية بمدارس قنا، إلي أن وصلن إلي المرحلة الجامعية، لتحصل أسماء، البالغة من العمر 27 عاما، وسحر، البالغة من العمر 25 عاما على ليسانس أداب جامعة جنوب الوادي، فيما حصلت يسرا، البالغة من العمر 34 عاما، على ثانوية عامة من معهد الكفوفين بقنا.

"أمهم كانت شايله معايا كتير"، قالها الحاج فتحي في نبرة ممزوجة بالحزن موضحا أن والدتهم قد وافتها المنية منذ أربع أعوام، وأنه منذ موتها كان لهم الأم والأب، وأنه لم يتوان لحظة في تربيتهن ورعايتهن وتعليمهن، بالرغم من المشقة الشديدة التي واجهها في تعليمهن لكنه كان حريصًا وبناته لحصولهن علي شهاداتهم، "أنا سايب كل حاجة، وقاعد على قدهم، عايزهم يبقوا أحسن الناس".

"الحمد لله، بناتي حققوا حلمي أنا وأمهم، وخلصوا تعليمهم، ويادوب بدأت أبلع ريقي"، مشيرا إلى المتاعب والصعوبات التي واجهته في تعليم بناته، حيث كان يجلب لهم مذكرات الجامعة، ويطبعها بطريقة «برايل» غالية الثمن، بإحدي المكتبات البعيدة عن قريته، حتي يستطيعوا مذاكرة موادهم، "سلكت كل الطرق، لأجل ما أراعيهم وأساعدهم".

"لما قالولي إني بقيت الأب المثالي، فرحتي مبقيتش سيعاني، وسجدت لربنا شكر"، هكذا يصف الحاج فتحى في نبرة مليئة بالغبط والسرور أولى لحظات تلقيه خبر فوزه بلقب الأب المثالى من المجلس القومي لشئون الإعاقة، متابعاً:"من ساعة ما كرموني مش عارف أنام، ربنا جازاني خير علي تعبي مع بناتي"، مشيرا إلى أنه تسلم الجائزة خلال تكريمه في فندق الماسة بشارع صلاح سالم بمدينة نصر.

"ولما قالولي محافظ قنا هيكرمك مبقيتش مصدق نفسي، قولت كرم ربنا كبير أوي أوي، وحان الوقت انه يعوضنا تعبنا خير" موضحا أن السيد عبد الحميد الهجان، محافظ قنا، أصر على تكريمه ومنحه مكافئه مالية لفوزه بلقب الأب المثالي، وأعطى تعليمات برعايته وأسرته والعمل علي تلبية احتياجاتهم، مستطردا أنه طلب من السيد عبد الحميد الهجان، مساعدة بناته ليتم تعينهم بوظائف مناسبة لهم، جزاءا على تعبهن ومثابرتهن، وهو ما قابله المحافظ بالوعد والترحيب، "الله يكرمه".

"أهالي البلد كلهم فرحولي وفرحوا بيا، من ساعة ما أخدت الجايزة الكل بيباركلي"، هكذا أعرب أهالي قرية الرحمانية بنجع حمادي عن فرحتهم وغبوطهم بإبن قريتهم المضحي الحاج فتحي.

ويشير الرجل الستيني، إلى أن أبناء بلده قدموا له طلب للحصول علي حجة لزيارة بيت الله الحرام، تقديرا له لإعالته أربعة أبناء من ذوي الإحتياجات الخاصة، حيث أن لديه نجله الكبير، منتصر، 42 عاما، كفيف مثل شقيقاته، حصل أيضا على ليسانس من كلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر، وعين إمام لمسجد بمحافظة قنا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved