من الحكومة للكنيست.. كيف أصبح جانتس الرجل الثاني في إسرائيل؟

آخر تحديث: الإثنين 30 مارس 2020 - 7:53 م بتوقيت القاهرة

بسنت الشرقاوي:

قبل أيام، ضجت إسرائيل بخبر اختيار بيني جانتس زعيم التحالف اليساري الوسطي السابق "أزرق أبيض"، لتقلد منصب رئيس الكنيست الإسرائيلي، بتصويت 74 من أغلبية الأعضاء، بينهم قلة من تحالف جانتس المنفك، وبقيتهم نواب حزب الليكود اليميني المتطرف، الذي يتزعمه رئيس الوزراء المنتهية ولاية بنيامين نتنياهو.

ووفقا لوسائل إعلام إسرائيلية، فإن هذه الخطوة التحالفية المفاجئة والصادمة بين جانتس ونتنياهو، لم يتوقعها السياسيون والمحللون، والشارع الإسرائيلي الذي انقسم ما بين نتنياهو وجانتس خلال الانتخابات العامة الثالثة من نوعها، التي جرت مطلع مارس الماضي، لتشكيل حكومة إسرائيلية جديدة، وانتهت بتقارب النتائج فيما بينهما.

ووصف سياسيون إسرائيليون الخطوة التي أقدم عليها جانتس بتحالفه مع اليمين، لرئاسة الكنيست، وتجنيب نفسه رئاسة الحكومة وإفساح الساحة لنتنياهو في الوقت الحالي، بأنها قضت على ائتلاف "أزرق أبيض" الذي تكون من 3 أحزاب سياسية وبعض الجنرالات المستقلين في الجيش الإسرائيلي، ممن يرفضون التحالف مع نتنياهو، المتهم والمعرض للحبس في قضايا فساد، بحسب صحيفة "الشرق الأوسط".

وأعلن، الأحد الماضي، عقد اتفاق بين نتنياهو، وجانتس رئيس حزب "حصانة إسرائيل"_ بعد تفكك تحالفه (أزرق أبيض)_ من المقرر أن يدعم بموجبه جانتس قانونا ينص على بقاء نتنياهو في الحكومة رغم لوائح الاتهام ضده، وألا تتم أية تعيينات في مناصب كبرى مثل رئيس الأركان، إلا بموافقة جانتس، في ظل انتظار الإعلان عن التشكيل الحكومي.

* ما تفسير التوافق المفاجئ بين جانتس ونتنياهو؟

في تصريحات خاصة لـ"الشروق"، فسرت الدكتورة حنان أبوسكين، استاذ العلوم السياسية المساعد بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، ما يطلق عليه بالتحالف بين جانتس ونتنياهو بأنه لا يعني التوافق التام بقدر ما يعني المصلحة التي ستعود على كلا الطرفين.

وأضافت "كان يطمح معسكر بيني جانتس في الإطاحة برئيس الكنيست ادلشتاين- المستقيل من منصبه- بسبب انتمائه لحزب الليكود وتعمده تعطيل انعقاد الجلسات لتأخير سن القوانين التي في حال وافق النواب عليها بالإجماع ستقدم نتنياهو للمحاكمة العاجلة وتطيح به.

وتابعت "الدليل على ذلك أن محكمة العدل العليا طلبت من ادليشتاين، بأن يعقد جلسة البرلمان ولكنه رفض، ووصف المحكمة بـ(التي تعدت سلطتها)، ليستقيل بعدها، ويربك المشهد من جديد وتتأخر الجلسات، بما يعطي فرصة لنتنياهو لمد فترة محاكمته، التي من المقرر إجراؤها في مايو المقبل، لذا كانت فرصة ثمينة لجانتس لتقلد منصب رئيس الكنيست، على الرغم من أنه من المتوقع ألا يسير في إجراءات المحاكمة بشكل سريع لأنه جاء بأصوات اليمين".

* جانتس الرجل الثاني "تفكك تحالف أزرق أبيض"

تقول أبو سكين، إن بيني جانتس اختار أن يصبح الرجل الثاني لإسرائيل بعد نتنياهو، عندما انشق عن تحالفه "أزرق أبيض" وتحالف مع أعضاء حزب الليكود، الذين أعطوه أصواتهم ليصبح رئيسا للكنيست، المنصب الذي طالما سيطر عليه اليمين.

ولفتت إلى أن لقب "الرجل الثاني" لجانتس لا يعني خسارته المطلقة، ولكن جانتس سيترك لنتنياهو المرة الأولى لتولى رئاسة حكومة الوحدة التي سيشكلانها معا، على أن يتقلد الأول منصب رئيس الكنيست حتى يحين موعد تناوبه لرئاسة الحكومة مع نتنياهو.

كما أن منصب جانتس كرئيسا للكنيست، سيضمن له أن نتنياهو لن يتخذ قرار حل الكنيست وإجراء انتخابات مبكرة عامة، عندما يتوحب عليه تسليم المنصب لجانتس.

أيضا ضمن المكاسب التي جناها جانتس، هو تأييد قطاع كبير من الشارع الإسرائيلي له، ووصفه ب "ململم" الصف لمواجهة جائحة فيروس كورونا العالمية، التي ارعبت إسرائيل، بالإضافة إلى منع الذهاب لانتخابات رابعة في حال فشله مع نتنياهو في تشكيل حكومة وحدة، حسبما جاء في استطلاع رأي كبير نشرته الصحف الإسرائيلية.

ولكن على الرغم من وصف جانتس بأنه ململم الصف، الذي فضل المصلحة العامة على مصلحته الحزبية، لا يزال يواجه غضب شديد من المتحالفين السابقين معه، الذين حرمهم من المناصب الحكومية بسبب تحالفه مع الليكود، ما أدى إلى فك التحالف وبقائهم في صفوف المعارضة.

* القائمة العربية المشتركة الخاسر الأكبر

لم يخسر تحالف بيني جانتس وحده، بل القائمة العربية المشتركة دفعت ثمنا كبيرًا أيضا، فبعد أن أيدته بـ15 مقعدا لها في الكنيست، ليشكل الحكومة ويرأسها، ذهب جانتس لتولي رئاست الكنيست، وتركهم وراء ظهره.

وحصل جانتس على منصب رئيس الكنيست بأغلبية الأصوات اليمينية، وهذا يعني أنه لم يعد يحتاج إلى مقاعد القائمة ليقف بوجه اليمين الليكودي، وبالتالي فقدت القائمة العربية ورقتها الضاغطة لتحقيق مطالبها، المتمثلة في تعديل قانون الدولة اليهودية "ابارتايد" الذي سنه نتنياهو لإعطاء حق تقرير المصير لليهود فقط، وأيضا ضمان حقوقها في الأرض وقضية صفقة القرن ووقف الاستيطان، حتى أن أعضاءها وصفوا خطوة جانتس بـ"رمي الرمال في أعينهم".

وعلى الرغم من خسارتها الفادحة، إلا أن القائمة، التي تعد ثالث أكبر كتلة برلمانية، ستتمكن بموجب فوزها برئاسة لجنة العمل والرفاه الاجتماعي في الكنيست، من استخراج تصاريح العمل للفلسطينيين العاملين في الداخل الإسرائيلي، ولكن بشكل محدود مراعاة لتوازن القوى.

* هل هرب جانتس من رئاسة الحكومة بسبب كورونا؟

خالفت أبو سكين أن يكون جانتس، ابتعد عن رئاسة الحكومة حتى لا يتحمل أخطاءا سببها، إثر نتنياهو، وقالت: "كورونا أزمة صحية وليست حربا، ولم تكن نتيجة إخفاق شخص معين أو نظام سياسي بعينه، بل هي أزمة عالمية وأمريكا بقوتها تعاني منها؛ لذا فلا علاقة بينها وبين تراجع جانتس عن رئاسة الحكومة".

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved