هدى وصفى: نشاطى فى «الهناجر» و«القومى» مهد طريقى لجوائز الدولة

آخر تحديث: الثلاثاء 30 يونيو 2020 - 7:53 م بتوقيت القاهرة

حوار ــ حاتم جمال الدين:

ــ حصدت الكثير من التكريمات خلال مشوارى.. لكن «التقديرية» هى الأهم لأنها تضع اسمى فى سجل الكبار
ــ تعرضت لمعارك بسبب أسلوب إدارتى لمركز الهناجر.. والبعض انزعج من مساحات الحرية التى منحناها للشباب
ــ المهرجان التجريبى غير وجه المسرح المصرى.. وثماره يجنيها الجيل الحالى
ــ أقنعت يحيى الفخرانى بالوقوف على خشبة القومى بـ«جوازة طليانى»
«أن تأتى متأخرا خيرا من ألا تأتى أبدا» مثل فرنسى استحضرته الدكتورة هدى وصفى فى تعليقها على نيلها جائزة الدولة التقديرية اخيرا، والتى وصفتها بالجائزة طيبة السمعة، وأنها جائزة يسعد أى إنسان أن ينالها لانها تضع صاحبها على قائمة تضم اسماء عظيمة ممن سبقوه فى الحصول على هذا التقدير من الدولة، ورغم تأخير حصولها على الجائزة كما يرى الكثيرون فى الاوساط الثقافية، تؤكد أستاذة الأدب الفرنسى بجامعة عين شمس سعادتها بالجائزة التى تراها تقديرا من بلدها لجهود بذلتها فى مجالات الثقافة والفنون.
وفى حديث خاص لـ«الشروق» تكشف هدى وصفى عن ترشيحها من قبل لجوائز الدولة، حيث قدمتها أكاديمية الفنون فى وقت سابق لجائزة النيل، والتى كان اسمها آنذاك جائزة مبارك، وتم استبعادها لأن الترشيح كان يخالف قواعد الحصول على الجائزة، والتى تشترط ان يكون المرشح لها حاصلا على الجائزة التقديرية، وهذا لم يكن متوفرا فى ذاك الوقت، وهو ما تحقق الآن بعد ترشيح جامعة عين شمس لها.
* سألتها عن الانجاز الذى تعتقد انه كان سببا فى حصولها على الجائزة؟
ــ فأجابت: أظن ان الترشيح جاء بناء على مجمل ما قدمته فى حياتى المهنية سواء فى التدريس بجامعة عين شمس، والذى شاركت
من خلاله فى تخريج اجيال من قسم اللغة الفرنسية، وكذلك الانتاج العلمى والنقدى والدراسات التى قدمتها أو شاركت فيها على مدار سنوات طويلة، وكذلك نشاطى فى إدارة المؤسسات الثقافية سواء فى مركز الهناجر أو المسرح القومى، وكذلك مشاركتى فى ادارة مهرجان المسرح التجريبى. وإدارة مجلة «فصول» لمدة عشرة سنوات، والتى كانت من اهم الاصدارات فى مجال الثقافة والابداع.
• ورغم كل هذا النشاط يظل هناك انطباع بان إدارتك لمركز الهناجر هو المحطة الابرز فى حياتك.. فما السبب؟
ــ مركز الهناجر احدث حالة جديدة فى الحياة الثقافية المصرية، وكان بمثابة تجربة فريدة لكل من شارك فيها، والبداية كانت فكرة فى رأس فاروق حسنى وزير الثقافة آنذاك، تقوم على إيجاد مركز لزواج الفنون والآداب، وفتح آفاق جديدة لمشاركة الشباب فى الحياة الثقافية بإتاحة الفرصة لهم للتعبير عن تجاربهم الخاصة فى الفنون التشكيلية والمسرح والموسيقى والغناء، وهذا التزاوج بين الفنون هو الذى منح هذا المركز الثقافى طابعا خاصا، وجعله مقصدا للمواهب الشابة، ومن هنا اختارته منظمة اليونسكو عام 2000 كأفضل مركز ثقافى فى حوض المتوسط.
• وكيف ترين تأثير مركز الهناجر على الحركة المسرحية؟
ــ مركز الهناجر ساهم فى تغيير شكل المسرح المصرى، وكان له تأثير كبير على جيل كامل من المسرحيين وذلك عبر الورش الفنية التى نظمها، واستضاف فيها العديد من كبار المسرحيين من مختلف دول العالم، ومنهم بوزن بيتر بروك وروجيه عساف، وقاسم محمد، وعونى كرومى، وصلاح القصبى، ويوسف العانى، وكرم مطاوع ونور الشريف، وغيرهم.
وحركة مسرح التسعينيات خرج معظم عناصرها من الهناجر، سواء كانوا ينتمون لمسرح الدولة او للفرق المستقلة، وأذكر هنا ان المخرج خالد جلال كانت بداياته الأولى على مسرح الهناجر، وكذلك الفنان خالد الصاوى ومصطفى شعبان، وخالد صالح والمخرج رامى امام وخالد سرحان وتامر عبدالمنعم.
وفى مجال الادب قدمت ايضا العديد من التجارب المهمة، ومنهم ميرال الطحاوى التى انطلقت من الهناجر.
• ولكن تعرض مسرح الهناجر لاتهامات بالانحياز سواء لبعض الفنانين أو لاتجاهات فنية بذاتها.. فما ردك على هذا؟
ــ معارك كثيرة خضتها بسبب «الهناجر»، ومنها الهجوم الذى تعرضت له بسبب مسرحية «جزيرة القرع» للمخرج رامى عادل امام ومشاركة خالد ابن الدكتور سمير سرحان، وتامر ابن الكاتب الصحفى محمد عبدالمنعم، واتهمونى بالانحياز لابناء المشاهير وتعديل البرنامج من اجل عرضهم المسرحى، وهذا لم يكن صحيحا بالمرة لانهم عرضوا مشروعهم الفنى وتم الموافقة عليه بناء على مستواه، وتم تحديد موعد للعرض، ولان المسرح كان منشغلا بعروض لم نمنحهم مساحة مناسبة للبروفات، فقام الفنان عادل امام بفتح مسرح الهرم لهم كمساعدة منه فى مشروعهم، وبعد تحقيق المسرحية نجاحا جماهيريا ونقديا كبيرا علم الجميع باننا ننحاز فقط للقيمة الفنية.
• وماذا عن الاتهام بتغريب الفن والثقافة المصرية.. والانحياز للثقافة الفراكوفونية؟
ــ هذه كانت معارك مغرضة وادعاءات يروج لها اعداء النجاح داخل وخارج وزارة الثقافة، وبعضهم كانوا مقربين من الوزير فاروق حسنى، وفكرة ايجاد مركز ثقافى للشباب كان يجد معارضة من البعض، وأذكر هنا ان فاروق حسنى كان يريد ان يحضر رئيس الجمهورية افتتاح الهناجر ليمنح المشروع دعما معنويا، وتم تحديد موعد الافتتاح مع رئاسة الجمهورية مرتين ويتم الالغاء بسبب وشاية من احد الوزراء، والذى روج مرة ان المشروع اقل من ان يفتتحه الرئيس، ومرة بدعوى ان المكان غير مؤمن بشكل جيد، لكن فاروق حسنى ظل يلح على قدوم الرئيس حتى تم الافتتاح فى المرة الثالثة. وكان هذا انتصارا كبيرا للثقافة.
وكان من المقرر ان يقدم حفل الافتتاح مسرحية «سلطان النونو» للمخرج محسن حلمى، ولكن تم استبدالها بعرض «كارمينا بورانا» لفرقة باليه الاوبرا خوفا من ان يقال انها اسقاط على الحاكم.
وبعد الافتتاح ظلت الأعين مفتوحة طوال الوقت على مسرح الهناجر، وكان كثير من العروض التى يقدمها لا تلقى ارتياحا بسبب مساحات الحرية فيما قدمه من عروض، وظلت المعارك دائرة حتى تم اغلاق الهناجر بدعوى التطوير، والذى جاء ليفقد المكان خصوصيته وشكله القائم على البساطة فى التصميم والحداثة فى المحتوى الثقافى الذى يقدمه.
• كان لك دور فى مهرجان المسرح التجريبى.. فما تقييمك لهذه التجربة.. والى أى مدى حققت مردودا على فن المسرح؟
ــ شرفت بان اكون مديرا للمهرجان التجريبى لعدة دورات، وكان تجربة مهمة فى المسرح المصرى، والذى كان يسعى فى ذلك الوقت للخروج عن الشكل التقليدى للمسرح، والبحث عن لغة جديدة لهذا الفن، وبالفعل ساهم المهرجان فى تغيير الشكل التقليدى للمسرح عبر استقدامه لتجارب متعددة من مختلف دول العالم، وبدأ هذا التجديد فى الاهتمام بادوات المسرح الحديث، ومنها السينوغرافيا والتى تشمل عناصر مختلفة لتكون لوحة مكاملة فى العرض المسرحى تجمع الديكور والاضاءة والشاشات العرض واستخدام التكنولوجيا التى فتحت افاقا اوسع للابداع المسرحى، وهو ما استفاد منه الجيل الحالى كثيرا.
• وماذا عن النقلة الكبيرة من مسرح ما بعد الحداثة فى الهناجر.. إلى المسرح القومى الكلاسيكى الرصين؟
ــ استفدت كثيرا من تجربة الهناجر، وعندما توليت ادارة المسرح القومى فى عام 1995 وحتى 2001، فتحت الباب امام مشاركة الشباب فى إعادة ربتوار العروض التى يقدمها القومى، ومنها مسرحية «حكمت هانم ألماظ» والتى اخرجها محمد عمر.
وخلال 6 سنوات قدمت 46 عرضا، واربع مسرحيات يوميا، فى عروض ماتنيه وسواريه على المسرح الرئيسى، واخرى فى قاعة عبدالرحيم الزرقانى، وكانت هناك ايضا عروض مسرحية صباحية للمناهج التعليمية.
وفى تلك الفترة عملت على تقديم روايات عالمية باللغة العربية، وبدأت بـ«جوازة طليانى» وأقنعت النجم يحيى الفخرانى بالقيام ببطولتها، وبعدها انفعل مع الفكرة وقدم «الملك لير».
كذلك قدمت اعمالا مهمة لكتاب مصريين، ومنها عرض «الساحرة» ليسرى الجندى، واخراج محسن حلمى، ولعب البطولة سيدة المسرح سميحة ايوب، واسعدنى جدا اشادة سيدة المسرح الفنانة سميحة ايوب بإدارتى للقومى، وهى من شغلت هذا المكان من قبل.
• وبعد كل هذا كيف استقبلت استبعادك من الترشيح لجائزة النيل؟
ــ لم يشكل لى الأمر أى اهمية لأنى ببساطة احترم النظام الذى وضعته وزارة الثقافة لمنح جوائزها، ويكفينى ان اكاديمية الفنون رشحتنى لجائزة هى فى الترتيب تراها من الاكبر، ولكنى اعتز كثيرا بالجائزة التقديرية لانها جائزة الدولة.
وخلال مشوارى فى مجالات العمل العام حصلت على كثير من الجوائز والتكريمات داخل مصر وخارجها، وان كان لتقدير وزارة الثقافة مذاق خاص، لانى عملت فيها لسنوات طويلة وانجزت من خلال موقعى الوظيفى فيها الكثير من المشروعات المهمة، والمؤثرة على حركة الثقافة والفنون فى مصر، وتأتى الجائزة اعترافا بهذا الدور.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved