دارسة جديدة: المصابون بـ«أفانتازيا» لديهم أيضا مشاكل في الذاكرة

آخر تحديث: الثلاثاء 30 يونيو 2020 - 1:37 ص بتوقيت القاهرة

محمد نصر

لدينا جميعا قدرات ليس من السهل التعبير عنها، كالتخيل، أن تستطيع رسم عالم جديد مصور في ذهنك، أو استدعاء لحظات عايشتها مضت منذ زمن، وقد نعتقد أن الجميع من حولنا يمكنه ذلك باعتباره أمرا مسلما به، تحاول مثلا مشاركة صديق بما يجول بخاطرك أو تحدثه عن جمال مدينة قمتم بزيارتها، فتتراءى لك الصور في ذهنك، بينما من الممكن ألا يستطيع هو مجرد التخيل، فكل منا لديه ثلاثة عيون وحين تغيب الثالثة أو "عين العقل" فتسمي هذه الظاهرة باسم أفانتازيا «Aphantasia» أو اللا تخيّل، حيث لا يستطيع بعض الأشخاص رؤية الصور في أذهانهم عندما يغمضون أعينهم ويستدعون الأفكار والأحداث.

وفي حين أدرك البشر هذه الظاهرة منذ القرن التاسع عشر، لكنها لم تدرس على نطاق واسع، ولم يبدأ البحث فيها إلا مؤخرًا وتم تسميتها باسم "aphantasia" في عام 2015 على يد البروفيسور آدم زيمان Adam Zeman، اختصاصي علم الأعصاب المعرفي والسلوكي في جامعة إكستر البريطانية.

تشير الدراسات الحديثة إلى أن أفانتازيا هي في الواقع فقدان للصور المرئية، وليست افتقار إلى الوعي بوجود صور مرئية داخلية، وقد يعاني بعض الأشخاص من فقدان هذه القدرة جراء الإصابات؛ والآن تكشفت الأبحاث الجديدة أن لدى المصابون بأفانتازيا اختلافات إدراكية أخرى.

ويقول المتخصص في علم الأعصاب الإدراكي، أليكسي داوس من جامعة نيو ساوث ويلز الأسترالية وفق موقع ساينس أليرت العلمي: "وجدنا أن أفانتازيا لا ترتبط فقط بغياب الصور المرئية، ولكن أيضًا بنمط واسع من التغييرات في العمليات الإدراكية الهامة الأخرى".

في سلسلة من ثمانية استبيانات حول التصور والذاكرة والحلم والاستجابة للصدمة، سأل داوس وزملاؤه، 667 شخصًا كان منهم 267 منهم شخصوا أنفسهم بأنهم مصابون بأفانتازيا، وشمل ذلك استبيان حول مدى حيوية الصور المرئية حيث طُلب من المشاركين تقييم مستوى وضوح الذكريات على مؤشر من واحد إلى خمسة عن طريق اختيار إما أنه لا توجد صورة على الإطلاق، أو أنا فقط "أعرف" واستدعى الذاكرة، أو "الصورة واضحة في ذهني مثل الرؤية الطبيعية".

وأوضح داوس أن "الأشخاص المصابون بأفانتازيا أفادوا بوجود ضعف في قدرتهم على تذكر الماضي، تخيل المستقبل، وحتى الحلم، وهذا يشير إلى أن الصور المرئية قد تلعب دورًا رئيسيًا وظيفيًا في معالجة الذاكرة".

لم يكن لدى المصابون بأفانتازيا أحلام أقل فحسب، بل كانت أحلامهم أقل في حيويتها وتفاصيلها الحسية. ويقول عالم الأعصاب الإدراكي جويل بيرسون، مدير مختبر المستقبل في جامعة نيو ساوث ويلز: "يشير هذا إلى أن أي وظيفة ادراكية تنطوي على مكون بصري شعوري وحسي - سواء كان ذلك بشكل طوعي أو لا إرادي - وعلى الأرجح ستنخفض في حالة أفانتازيا".

أفاد بعض الذين يعانون من بأفانتازيا من انخفاض التخيل مع الحواس الأخرى، وكتب الفريق: "أظهرت بياناتنا أيضًا أن الأفراد المصابين بأفانتازيا لم يعبروا فقط عن عدم قدرتهم على التصور، بل عن انخفاض الصور نسبيًا في جميع الأنماط الحسية الأخرى، بما في ذلك السمعية واللمسية والحركية والحسية والشم والعاطفة".

يدعم هذا التقارير الشخصية من المصابين بأفانتازيا، في كتابه «Aphantasic» يشارك المؤلف آلان كيندل إحساسه باللحظة التي أدرك فيها أن الناس جميعا، خلافا له، يمكنهم سماع الموسيقى التي تعزف في أذهانهم.

وكتب: "لم أستطع فهمها في البداية، كانت القدرة على تشغيل الموسيقى في ذهني استثنائية - تقريبًا مثل خدعة سحرية تراها في التلفزيون".

ولكن ليس كل أولئك الذين يعانون من اللا تخيل البصري فقدوا خيالهم الحسي الآخر، ما يشير إلى تباين في معاناة عقلنا الباطن.

يختتم داوس حديثه بقوله: "لقد بدأنا للتو في معرفة مدى الاختلاف الجذري بين العوالم الداخلية لمن ليس لديهم التخيل".

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved