من كتابة الشعر لرسم القلال.. أماني محفوظ حكاية أصابع أخرجت القلال عن صمتها بالألوان

آخر تحديث: الأربعاء 6 يوليه 2022 - 3:50 م بتوقيت القاهرة

أدهم السيد

تعطي الفنانة التشكيلية السكندرية أماني سعيد محفوظ، القلال خاصتها عناية خاصة إذ تقوم بتنعيمها وغسلها وإلباسها زيا جديدا من الرسم والألوان لتجعلها تخرج عن صمتها كقطعة مهملة في البيت يعلوها غبار الأيام؛ لتصبح تحفة تنبض بكل أصناف الجمال والتعبير عن التراث المصري.

لتحمل بريقها الخاص في كل بيت مصري ورغم ما يتضمنه تحويل تلك القلال لقطع فنية لكثير من المشقة والوقت؛ يطغى شغف الرسم على أماني لينسيها مرور الساعات أمام قطعها الفخارية التي تكن لها الكثير من المودة.

وتقول أماني سعيد محفوظ، شاعرة وفنانة تشكيلية، في حوارها لجريدة "الشروق" إنها انشغلت في طفولتها وشبابها بكتابة الدواوين وتقديم قصائدها لاحقا بالأسلوب المسرحي؛ إلا أن شغفا قديما بالرسم تجدد لديها أتي مصحوبا بحبها في طفولتها للقلال التي كانت تراها كثيرا في مطبخ المنزل لتحتار في صمتها وتبحث عن سبيل لجعلها تعبر عن نفسها.

وعن عراقة القلال في الحضارة الإنسانية تقول أماني إن الفخار من أوائل الأشياء التي تعامل معها الإنسان القديم لحفظ طعامه وشرابه والتي أرخت لكثير من الحضارات ومنها الحضارة المصرية القديمة.

وعن ارتباط القلال بالتراث المصري تقول أماني إنها خاضت رحلة قراءة متعمقة عن القلال لتجد دورها في كثير من جوانب الحياة اليومية للمصريين من تجهيز العرائس بالزواج لطقوس استقبال المواليد وغيرها، بينما ترتبط القلال بالعادات القديمة مثل القيام بكسر القلال خلف أشخاص غير مرغوب بعودتهم والمستوحاة من فعل لقدماء المصريين مع أحد حكامهم المستبدين.

وعن بدايتها بالرسم على القلال، تقول أماني إنها شرعت في ذلك مؤخرا في صورة من الحنين لهوايات الماضي لتقوم بتعليم نفسها بنفسها وتطوير كيفية التعامل مع القلال التي تقول عنها إنها بمثابة أسطح غير مستوية خشنة الملمس يصعب رسمها وتلوين طينها الذي يمتص الألوان.

وعن أسلوبها في وضع الرسمات على القلال تقول أماني إنها تبدأ بتهيئة القلال بسنفرتها جيدا حتى تصبح بنعومة الأكواب الزجاجية إلا أن تلك المرحلة تستغرق منها جهدا كبيرا واستنشاق الكثير من الغبار المتطاير وتعريض اليدين لخشونة ملمس الفخار الخاص بالقلال.

وتضيف أماني، إنها تقوم لاحقا بغسل القلال بعد سنفرتها وتجفيفها قبل تفريغ الرسم عليها.

وفي مرحلة وضع الرسم تقول أماني، إنها تستخدم فن الديكوباج والذي يعتمد على تفريغ الرسومات عن طريق المناديل الورقية بينما تمرست في التعامل مع القلال لدرجة جعلتها تستغني أحيانا كثيرة عن استخدام الديكوباج لتقوم برسم القلال كتعاملها مع أي لوحة رسم عادية مع ما في ذلك من صعوبة.

وتستطرد أماني إن مرحلة التلوين قد تستغرق وقتا نظرا لامتصاص طين بعض القلال للألوان ما يتطلب تثقيل اللون وتكراره حتى يثبت.

وعن الرسومات التي تفضلها توضح أماني إنها تستوحي تصاميمها من الحالة التي تحيط بها لذلك تفضل استخدام رسومات الورد والفراش لحبها للربيع وكذلك رسومات البحر والمراكب لارتباطها بذلك لكون ابنها يعمل بحارا ونظرا لطبيعتها السكندرية التي تميل لكل ما يتعلق بالمياه الزرقاء.

وتضيف أماني، إنها تفضل استخدام الرموز الخاصة بالتراث الشعبي لتناسقها مع فكرة القلال لذلك تكثر من استخدام الأعين والكفوف وغيرها من الأشياء التي تساعد في إحياء التراث.

وعن استخدام القلال المرسومة تقول أماني إنها لا تصلح لشرب المياه، إذ أن تلوينها يعمل على إغلاق المسام الخاصة بها التي تعطيها القدرة على ترشيح الرواسب من داخلها.

وتوضح أنه يتم استخدام القلال كقطع فنية للديكور، لكنها أضفت استخداما جديدا للقلال بعد رسمها بتحويلها لمباخر تفوح منها الروائح العطرية كما يتناسب استخدامها كمبخرة مع رسومات الرموز الخاصة بالتراث الشعبي عليها.

وعن مصدر القلال التي تضع رسوماتها عليها تقول أماني إنها لا تفضل القلال المصنوعة في المحلات الخاصة بقطع الأنتيكات، إذ حسب قولها فإن القلال رمز شعبي تحب شرائه من الباعة البسطاء الذين يكسبون قوت يومهم من حرفة القلال وقد قل الإقبال عليها.

وعن روح الابتكار في التصاميم تقول أماني إنها أرادت إضفاء نوعا من الرومنسية على إحدى تصاميمها لتقوم برسم الممثلة شيرين على إحدى القلال مع عبارة قلة حبنا التي اشتهرت في مسرحية المتزوجون.

وتضيف أماني أنها استخدمت الحس الفكاهي ذات مرة في قلة مكسورة عن طريق الخطأ كتبت عليها المثل المصري الشهير العين فلقت الحجر مصحوبا برسمة لعين.

وعن تزايد الشغف بالقلال، تقول أماني إنها قد تمضي ليلة كاملة دون أن تبرح مكانها أمام إحدى القلال لتتم رسمتها بينما تقطع الرحلات إلى معاقل صناعة القلال لتنتقي الأنواع المناسبة لرسمتها.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved