نائب المركز المصري للدراسات الاستراتيجية: المسئولية العربية ضرورية لدعم تونس.. والموقف ليس في حاجة لزيادة عدد الأزمات بالمنطقة

آخر تحديث: الجمعة 30 يوليه 2021 - 11:18 ص بتوقيت القاهرة

أ ش أ

أكد اللواء محمد ابراهيم الدويري، نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية، أن المسئولية العربية لدعم تونس أصبحت ضرورية للغاية، حيث إن المنطقة العربية ليست فى حاجة إلى زيادة عدد الدول التي تعاني من أزمات مزمنة وغير قابلة للحل فى المدى المنظور وهى كلها أزمات تنال من رصيد الوضع العربي الذي نأمل في أن يستعيد قوته.

وقال اللواء محمد ابراهيم ، - في تصريح خاص لوكالة انباء الشرق الأوسط اليوم الجمعة- ،إن الوضع فى تونس يعد محل إختبار قوى لهذه المسئولية العربية فى مواجهة بعض القوى التى تحاول النيل من إستقرار الشقيقة تونس.

واعتبر أن القرارات التى اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد مؤخراً لم تأت من فراغ بل جاءت فى وقت وصلت فيه الأوضاع في تونس إلى مرحلة من التدهور فى المجالات المختلفة وخاصة من جانب حركة النهضة التى بدأت سياساتها وتحركاتها تؤثر بالسلب على الوضع السياسى الداخلى ، الأمر الذى تطلب التدخل العاجل من قبل رئيس الجمهورية من أجل إنقاذ البلاد من تدهور يمكن أن يؤدى إلى دخول الدولة التونسية فى دوامة قد لا تخرج منها لفترة طويلة .

وأضاف أنه لم يكن أمام الرئيس التونسي ، وهو من رجال القانون البارزين، إلا أن يتخذ مجموعة من الإجراءات الاستثنائية فى مواجهة أوضاع متردية حاول من قبل أن يعالجها من خلال التفاهم والتنسيق مع بعض المؤسسات التنفيذية والتشريعية ولكن دون جدوى الأمر الذى اضطره إلى إقالة رئيس الحكومة وبعض كبار المسئولين وتعليق عمل البرلمان ورفع الحصانة عن أعضائه وتطبيق إجراءات حظر تجول فى البلاد وهى كلها إجراءات إضطرارية كان لا بد له من اللجوء إليها مهما ترتب عليها من ردود فعل داخلية وخارجية.

وتابع:" ولعل أهم المتغيرات في هذه الأزمة تمثلت في موقف الشعب التونسي الذى عبر عن تأييده لقرارات الرئيس خاصة وأن تونس تمر بمرحلة صعبة على المستويين الإقتصادى والصحى وتكاد المنظومة الصحية أن تنهار تماماً بسبب إنتشار فيروس كورونا وعدم القدرة على مواجهته ، ومن ثم فإن الرئيس التونسى أصبح يستند فى هذه القرارت وفى استمراريتها على قاعدة شعبية قوية توفر له الأرضية المناسبة لمواصلة سياساته لإعادة الإستقرار إلى البلاد كما أن أهم الكيانات المؤسسية التونسية لم تعارض هذه القرارت مع مطالبتها بعدم التوسع فيها".

ونوه إلى أنه وفى نفس الوقت كان الرئيس التونسي حريصاً على إتخاذ خطوة شديدة الأهمية تمثلت في إشراك القوات المسلحة والشرطة فى منظومة حماية البلاد والحفاظ على الأمن الداخلى فى هذا الوقت الحرج وتفويض المؤسسات العسكرية والأمنية لمواجهة أية محاولات من جانب مؤيدى حزب النهضة لإحداث الفوضى فى البلاد والخروج على القانون رداً على هذه القرارات الرئاسية.

ورأى أن القيادات الوطنية فى أية دولة تصبح عليها المسئولية الأكبر في حماية البلاد من الإنهيار أو نشر الفوضى والعنف والإرهاب ومن ثم فهى المنوطة باتخاذ ماتراه من إجراءات مناسبة لمنع الدولة من الإنهيار حتى إذا وصل الأمر إلى تعطيل العمل بالدستور حيث أن الدولة تظل فوق القانون وفوق الدستور لأنها هى التى تصنعه وتطبقه ، ومن المؤكد أن تعطيل الحياة السياسية لفترة أو حتى إلغاء الدستور أمر يمكن أن نجد له حلولاً وبدائل أما إذا إنهارت الدولة فلن تقوم لها قائمة مرة أخرى .

وأوضح أنه وبالرغم من هذه الإجراءات التى اتخذها الرئيس التونسي إلا أنه أكد أنها قرارات مؤقتة حيث سيتم بلورة خريطة طريق يتم تنفيذها خلال أسابيع قليلة تهدف فى النهاية إلى تصحيح أية أوضاع مغلوطة وإعادة الإستقرار مرة أخرى إلى البلاد حتى يمكن أن تعود تونس دولة قوية مستقرة ولا تتجه إلى مصير دولاً أخرى.

وشدد على أن حركة النهضة لم تستطع الخروج عن عباءة تنظيم جماعة الإخوان وفشلت تماماً فى أن تكون مقنعة للشارع التونسى وهو نفس الإسلوب الذى إنتهجته نفس الجماعة خلال الفترة القصيرة التى تولوا فيها حكم مصر ، مع الأخذ فى الإعتبار أن الهدف الرئيسى لحركة النهضة ينطلق من الفكر الذى تتبناه جماعة الإخوان والذى يتمثل فى مبدأ التمكين والسيطرة التدريجية على مقدرات الدولة ومؤسساتها المختلفة دون النظر إلى المصالح العليا للدولة وهو ما يؤكد أن مثل هذه الجماعات تضع مصلحتها فوق مصلحة الدولة مهما كانت النتائج السلبية المترتبة على هذا الفكر الغريب على حياة الشعوب التى ترنو إلى أن تعيش فى تقدم وأمن وإستقرار .

وأشار إلى أن ردود الفعل الإقليمية والدولية لم تكن معارضة أو رافضة لقرارات الرئيس التونسى بل تفاعلت بقدر كبير من الإيجابية معها وركزت فى مجملها على أهمية أن تؤدى هذه القرارت فى النهاية إلى الحفاظ على إستقرار الدولة التونسية مع التأكيد على ضرورة إنجاح مسار الحوار السلمى والديمقراطى.

وقال إن التطورات التي شهدتها تونس مؤخرا تشير إلى مدى عمق الأزمة التى يعيشها "الإسلام السياسى" فى المنطقة العربية خلال المرحلة الحالية وفشله الذريع فى أن ينتهج الأساليب الطبيعية فى الحكم أو الإدارة أو التنمية أو تقدم البلاد من خلال رؤية شاملة ، وبالتالى فمن المؤكد أن هذا الوضع سوف ينعكس بالسلب على وضعية هذا التيار خلال المرحلة القادمة.

ونبه بأن الموقف فى تونس لايزال يحمل في طياته بعض المخاطر فى ضوء إستمرار بعض عناصر القوة التى تتمتع بها حركة النهضة التى لن تستسلم لهذه القرارات بسهولة حتى وإن عبرت فى بعض مواقفها عن غير ذلك ، بالإضافة إلى تأييد عدد قليل من الدول لمواقف هذه الحركة وهو أمر تعيه القيادة التونسية جيداً وتتحسب له من خلال مواصلة إتخاذها القرارات التى تحمى البلاد .

واختتم اللواء محمد ابراهيم بأن مسألة عبور تونس لهذه المرحلة يمكن أن تتم بصورة طبيعية فى ضوء ضمان مجموعة من العوامل أهمها التأييد الواضح من جانب الشعب التونسى والقوات المسلحة لقرارات الرئيس ، وبلورة خريطة طريق تضمن إستقرار تونس دون أن تتحكم فيها جماعة ذات أهداف معروفة ، بالإضافة إلى مدى ما يمكن أن تقدمه الدول العربية من دعم للقيادة التونسية فى هذه الأزمة التى تتطلب دعماً قوياً سياسياً وإقتصادياً وصحياً حتى تخرج الدولة التونسية من هذه الأزمة بدون خسائر تذكر.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved