المحلل الأمريكي خافيير بلاس: أمريكا تدعم معركة إيران ضد أمريكا
آخر تحديث: الأربعاء 31 يناير 2024 - 9:00 ص بتوقيت القاهرة
د ب أ
دفع الهجوم الجوي الذي أسفر عن مقتل 3 جنود أمريكيين وإصابة عدد آخر منهم على الحدود الأردنية السورية المواجهة الصامتة بين إيران والولايات المتحدة إلى مستوى جديد خطير، في ظل المخاوف من طبيعة الرد الأمريكي المنتظر على الهجوم الذي تقول واشنطن إن وراءه فصائل مسلحة موالية لطهران.
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن إنه "سيحاسب كل من له صلة" بسلسلة الهجمات التي تعرضت لها القوات الأمريكية في الشرق الأوسط خلال الأيام الماضية، محملا مليشيات موالية لإيران المسؤولية عن هذه الهجمات. وقال بايدن إن الرد الأمريكي سيأتي "في الوقت وبالطريقة التي نختارها".
وفي تحليل نشرته وكالة بلومبرج للأنباء يقول المحلل السياسي خافيير بلاس إن وزارة الدفاع الأمريكية ستقدم بلا شك للبيت الأبيض الخيارات العسكرية المتاحة للرد على الهجمات، لكن هناك طريقة أخرى يمكن أن تصبح أقوى تأثيرا وهي وقف غلق صنبور البترودولار لإيران.
وخلال العام الماضي تقريبا تمكنت إيران من زيادة إنتاجها النفطي إلى 2ر3 مليون برميل يوميا وهو أعلى مستوى له منذ 5 سنوات، لتحقق إيرادات بمليارات الدولارات. يأتي ذلك رغم أن قطاع النفط الإيراني بشكل خاص هو المستهدف بالعقوبات الأمريكية على الأقل من الناحية الرسمية. هذه الأموال الإضافية التي تجنيها إيران تصل إلى حلفائها في سوريا والعراق واليمن ولبنان.
ويقول بلاس إنه لا يمكن تقدير عائدات إيران النفطية الإضافية بدقة "لكن حساباتي التقديرية تشير إلى أن إيران حصلت على مبلغ كبير يبلغ نحو 10 مليارات دولار في العام الماضي بفضل زيادة إنتاجها النفطي".
وبحسب تقديرات وكالة الطالة الدولية زاد إنتاج إيران خلال العام الماضي بمقدار 445 ألف برميل يوميا عن العام السابق، وهو ما جعلها ثاني أكبر مصدر للزيادة في إمدادات النفط العالمية خلال العام الماضي بعد قطاع الزيت الصخري في الولايات المتحدة.
وبلغ متوسط سعر خام برنت القياسي للنفط العالمي في العام الماضي 82 دولارا للبرميل، لكن طهران مضطرة لبيع نفطها بسعر مخفض للمشتريين في دول مثل الصين. ويمكن الافتراض جدلا أن إيران باعت نفطها الخام بخفض يبلغ 20 دولارا للبرميل أي بسعر 62 دولارا وهو ما يعني تحقيقها لإيرادات إضافية تزيد على 10 مليارات دولار. وفي العام الماضي باعت أيضا إيران حوالي 80 مليون برميل من النفط الخام والمنتجات النفطية المخزنة في مستودعات عائمة. وهذه المبيعات حققت إيرادات إضافية بقيمة 5 مليارات دولار.
والحقيقة أن نجاح إيران في زيادة إنتاجها النفطي رغم استمرار العقوبات الأمريكية عليها أمر مثير للجدل، وإن كان يمكن القول إن السبب في ذلك هو محاولة إقناعها بالعودة إلى مائدة المفاوضات بشأن برنامجها النووي. ومنذ وصول بايدن إلى السلطة زاد إنتاج إيران من النفط بنحو 50%. وبالطبع ساعدت زيادة إنتاج النفط الإيراني في خفض أسعار الخام في السوق العالمية قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
أما النظرية الثانية فتقول إن إدارة بايدن اضطرت لعقد صفقة مع الشيطان. في العام الماضي كانت الأولوية في واشنطن هي خفض أسعار النفط لحرمان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من جني عائدات كبيرة من صادرات بلاده النفطية لتمويل حربه ضد أوكرانيا. وكانت زيادة النفط الإيراني السبيل الوحيد لتحقيق هذا الهدف. وهناك نظرية ثالثة تقول إن إيران أصبحت أذكى، ووجدت طرقا للالتفاف على العقوبات، وأن واشنطن غير قادرة على سد الثغرة التي تنفذ منها.
مهما كان السبب يمكن القول إن الإدارة الأمريكية تبدو متواطئة سواء بسبب العجز أو عدم الكفاءة في التعامل مع الملف الإيراني حتى أصبحت أمريكا تدعم إيران في حربها ضد أمريكا بحسب خافيير بلاس.
وفي الواقع يمكن القول إن النظريات الثلاث المفسرة لزيادة عائدات إيران من النفط تلعب دورا. فإيران تستغل السوق السوداء المتنامية لبيع النفط بعيدا عن العقوبات الأمريكية. وفي الوقت نفسه لا يبذل الأمريكيون الجهد المطلوب لوقف هذه الممارسات. وفي تشرين الثاني/نوفمبر الماضي على سبيل المثال وعد البيت الأبيض بخفض صادرات النفط الإيراني. لكن لم يحدث أي شيء يشير إلى أن إدارة بايدن تحاول تحقيق هذا الهدف بشكل جدي. وفي العام الماضي، ربما تكون واشنطن قد رأت أن تحقيق هدف الإضرار بعائدات النفط الروسية يحتاج إلى قبول زيادة إنتاج إيران من الخام.
ويقول بلاس إن إجبار إيران على خفض إنتاجها النفطي أمر ممكن، بمجرد تعزيز العقوبات الأمريكية مجددا، والبدء بمعاقبة كل ناقلات النفط العاملة فيما يعرف باسم "الأسطول المظلم" والتي تخدم دولا خاضعة للعقوبات مثل روسيا وإيران وفنزويلا. ولم يتم تحديد سوى ربع هذه الناقلات تقريبا باعتبارها "أسطول مظلم" يعمل بطرق غير قانونية.
وبدون أي تحرك أمريكي فإن إيران ستجني المزيد من الأموال. وفي تقريرها الشهري حذرت وكالة الطاقة الدولية من أن إيران يمكن أن تسجل نموا سنويا في إنتاجها خلال العام الحالي للمرة الرابعة على التوالي إذا حافظت على معدلات الانتاج الأخيرة، بما يعني استمرار تدفق العائدات المالية على طهران والتي تستخدمها في دعم حلفائها الإقليميين الذين يحاربون الولايات المتحدة.