عبدالرحمن الخميسي.. صراع الوالدين ووحدة الطفولة يخلفان كاتبا وشاعرا مبدعا - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 9:42 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عبدالرحمن الخميسي.. صراع الوالدين ووحدة الطفولة يخلفان كاتبا وشاعرا مبدعا

الشيماء أحمد فاروق:
نشر في: الأربعاء 1 أبريل 2020 - 1:07 م | آخر تحديث: الأربعاء 1 أبريل 2020 - 1:13 م

يصادف اليوم 1 أبريل، ذكرى رحيل الكاتب والشاعر والقصاص عبدالرحمن الخميسي، الذي لم يترك نوعا من الفن إلا وسلكه، فكتب السيناريو وعمل صحفيًا في مؤسسات كبرى، وإذاعيًا عُرف بصوته المميز، ووضع الموسيقى التصويرية لبعض أعماله، واشتهر كممثل بدور الشيخ يوسف في فيلم "اﻷرض" مع المخرج يوسف شاهين.

وفي هذا الصدد، يمكننا التعرف على "الخميسي"، من خلال كتاب "عبدالرحمن الخميسي القديس الصعلوك"، للكاتب السياسي الساخر يوسف الشريف.

يقول الكاتب في مقدمة كتابه :"وجدت نفسي في حيرة إزاء اختيار المنهج المناسب لوضع كتابي عنه، فهل اختار التاريخ أم الأدب أم المنهج العلمي أم السياسي، واستقر قراري في النهاية على منهجنا نحن أصدقاءه وتلاميذه وحواريه كلما تحدثنا عنه، أعني منهج الذكريات التي تعتمد على السرد والحكي، فقد كان الخميسي سلسلة من الحكايات أشبه بالنوادر كل حكاية تحمل معنى ودلالة خاصة ربما تتناقض مع غيرها، لكنها في السياق العام متجانسة مع واقع حياته العجيبة وتقلباته الأعجب".

عرف عبدالرحمن الخميسي وسط أصدقائه بلقب القديس، ويضيف الشريف: "هو نموذج للرجال النادرين، كان ماركة مسجلة للأصالة والتميز غير قابلة للتقليد أو التزييف كامل الأوصاف في شتى المتناقضات ينشد الهدوء في الصخب، والإلهام في سيارة تجوب شوارع القاهرة بلا هدف، وكان يرى تمام النظام في طوفان الفوضى، يتعقب الرتابة والسأم عبر إثارة البهجة أينما ارتحل، بمقالبه المحبوكة وحكاياته وبنزواته وغيرها".

• شهادة ميلاد على قسيمة طلاق

ولد عبدالرحمن الخميسي في قرية منية النصر، حيث تزامن صدور شهادة ميلاده، 13 نوفمبر 1920، مع قسيمة من مأذون القرية بطلاق والدته، ويروي الكاتب من واقع مذكرات الخميسي التي لم تكتمل: "كانت والدتي حضرية من بورسعيد، وكان والدي قرويا بسيطا يعبر عن أفكاره وعواطفه الريفية بأسلوب خشن، كانت هي تمثل المدينة الساحلية المضاءة بالكهرباء، وكان هو يمثل الحقل غير المهذبة حواشيه، ولكنه يفوح برائحة النمو، ويشرب أضواء الشمس، ولم يكن من الممكن أن يعيش النقيضان تحت سقف واحد، فتم بينهما الانفصال، وضيعاني وأنا طفل صغير، وهكذا عشت سنوات طفولتي الأولى متنقلا بين بورسعيد والسويس"، ولكن الخميسي لم ينشأ في بورسعيد بل اختطفه والده إلى قريته في سن السادسة ليعيش معه.

ويقول الشريف: "إن الانفصال الذي حدث ومجابهته الحياة بمعزل عن الرعاية والحنان، واعتماده على نفسه في تصريف شئونه وهو لا يزال طفلًا والتزامه التقشف والتدبير في حدود 10 قروش مصروف أسبوعي، ولد في نفسه شعورًا عميقًا بالوحدة، وإدراك بأن حياة الإنسان بين يديه وحده وأن عليه صنعها".

ومن الدروس التي تعلمها الطفل من والده، كان أن الإنسان لابد وأن يصمد أمام الملمات فلا يبكي ولا يصح أن يعتدي على أحد، غير أنه إذا اعتدى عليه الآخرون لابد أن يرد العدوان، وكان ذلك نتيجة لموقف حدث له في الطفولة.

يروي الخميسي في مذكراته: "كنت ألعب الكرة في سن الثامنة واعتدى علي أحدهم فخرجت عدوا ورحت أجري إلى داري وأبكي، ولقيت والدي في مواجهتي، فصاح بي مالك ياولد وانفجرت في البكاء قائلا ضربني السيد، وكنت أتوقع أن يمسح دموعي أو يحيطني بذراعيه، ولكنه صفعني على وجهي صفعة عنيفة وأتبع صفعته بصيحة مرتفعة (اخرس يا جبان.. يضربك وتسكت، والله إذا ما رحت وفلقت رأسه لا تبقى ابني ولا أعرفك)"، وبالفعل ضرب الخميسي الرجل فما كان من والده إلا أن قال: "أنت ما يصحش تضرب حد لكن إذا مخلوق ضربك لازم تضربه".

• التناقض يولد الإبداع الفني

يحكي الكاتب أنه سأل الخميسي في ساعة صفوة عن بدايته الأولى مع الإدراك المعرفي والفني، فقال له الخميسي: "التناقض بين أبي ووالدتي بين المدينة والقرية بين إدراكي للمسئولية وتحمل أعبائها صغيرا حركاني من الرعاية والحنان واللعب وحقي في التجريب والخطأ مثل أقراني الأطفال، وهذا التناقض كان له أثر عميق في وجداني كأنما خلق الله لي عقلين في عقل واحد، وهكذا بينما كان الناس ينظرون إلي باعتباري طفلاً، كان أقراني يتعاملون معي وكأني رجل أو أكبر منهم في السن وفي رجاحة العقل والشجاعة، مما أورثني ذلك الصراع المرير الذي يعتمل في تفكيري ورفضي للمسلمات والنظرية النقدية التلقائية للشيء ونقيضه".

ويصف ذلك ضاحكا وساخرا كما يحكي الكاتب: "على ما يبدو أن الرغبة الحبيسة في التنفيس عن مكنونات نفسي عندما صادفت ميكانيزم الصراع بين المتناقضات في تفكيري قد ولدت لدى الرغبة في التعبير المبكر الذي قدره غيري إبداعا".



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك