تجسيد حياة الفراعنة على الشاشة.. لماذا تميز شادي عبدالسلام واختلفت رؤيته في تقديمها؟ - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 2:23 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تجسيد حياة الفراعنة على الشاشة.. لماذا تميز شادي عبدالسلام واختلفت رؤيته في تقديمها؟

شادي عبدالسلام
شادي عبدالسلام
الشيماء أحمد فاروق
نشر في: الخميس 1 أبريل 2021 - 6:58 م | آخر تحديث: الخميس 1 أبريل 2021 - 6:58 م

كان يعمل بتركيز شديد، تجده في المتحف أو عند سفح الأهرامات، أو منكباً على أوراقه ممسكاً بقلمه، يرسم ويُعد صوراً للقطات يتخيلها، ويجهز ملابس أو يصنع إكسسواراً لشخصية يُعدها في عقله، أو يقرأ ويجمع معلومات عن ملك من ملوك مصر القديمة، إنه الراحل شادي عبدالسلام.

عندما تكثر الأحاديث عن الأعمال الفنية المرتبطة بالتاريخ عموماً والحضارة المصرية القديمة خصوصاً، لا يغيب اسم شادي عبدالسلام، فيكون حاضراً وبقوة رغم وفاته عام 1986، وحالياً يستحضر العديد من متابعي مواقع التواصل الاجتماعي صوراً من أفلامه الروائية والتسجيلية، وينشرون كلماته، بعد ارتفاع لغة الهجوم على مسلسل "الملك" المأخوذ عن رواية "كفاح طيبة" للروائي نجيب محفوظ، المقرر عرضه في رمضان 2021؛ نتيجة عدم توافق تفاصيل العمل البصرية مع الحقبة التاريخية التي ينتمي لها.

ويتسائل المعلقون لماذا تميز شادي عبد السلام، واختلف في عمله وكان دقيقا لهذه الدرجة، وبعد بحث ربما تجد الإجابة في أحد حواراته التي نشرت بعد وفاته، في مجلة "أدب ونقد" العدد رقم 26.

قالت الصحفية أمل فؤاد، إنه كان ممنوعاً من النشر، وأنها أجرته معه أثناء وجوده في المتحف المصري، وكان وقتها يعد فيلمه التسجيلي "كرسي الملك توت عنخ آمون"، الذي يقوم ببطولته بشكل أساسي طفل يتجول في المتحف ويستكشف آثاره مع معلمه.

من خلال حديثه عن الفيلم، نستطيع فهم رؤية شادي لأعماله، ومدى حبه لها، وأنها تحمل فكراً في كل لقطة من لقطاتها وليس مجرد مشهد عابر لاستكمال العمل، فهو يقول عن الطفل بطل الفيلم: "هو عنصر تواصل بين مجد مضى ومجد سيجيء، والفيلم تعليمي فنحن نفتقر في مناهجنا الدراسية هذا البعد الخاص بتاريخ مصر القديم فتناوله محدود، مصر ليست فقط أهراماً درجت ضمن معجزات الدنيا السبع، ولكن وراء هذه الأهرام عرق واستعباد وسخرة، فملحمة الأهرام كملحمة حفر قناة السويس راح من أجلها خيرة أبناء الشعف وإن اختلفت الأهداف".

والمدقق في حديثه يجده يفتخر دائماً بكونه من أبناء الصعيد، رغم أنه ولد في الإسكندرية، ولكنه لم ينس أبداً بيت عائلته في المنيا، وكان يردد أن لون البشرة الصعيدية هو اللون المريح لعينه، وللمنيا تحديداً مكاناً مميزاً في قلبه.

وقال شادي: "أنا مصري فخور بأنني ابن المنيا، التي اختار فرعون التوحيد إخناتون، الضفة الشرقية لنيلها عاصمة لدولته الجديدة، الانتماء رسالتي، وواجبي نحو أبناء وطني قد كرست حياتي لهذا الهدف، نحو تحريف الانسان المصري بحضارته وتاريخه معرفة عميقة يصبح بها الانتماء طريقاً نحو مستقبل عريق".

المتتبع لأرشيف شادي سوف يجده اهتم كثيراً بقصة إخناتون، وشخصيته حياته، وكان يتمنى أن يخرج فيلمه للنور، لأنه يحمل رؤية خاصة من خلال هذا العمل، ليس مجرد نقل لتاريخ أو فترة زمنية ولكن لأهداف بعينها في عقله.

وقال عن ذلك: "هو فرعون مميز، فهو المتمرد الأول الذي يخرج من طبقة الحكام ويعري فسادهم، ولا يكتفي بذلك بل يلغي سلطة كهنة آمون في عهده وينتقل بالعاصمة إلى أرض بكر لم تطأها قدم لعبادة آتون، وفي حياة إخناتون دراما تستهويني، فهو الباحث عن الحقيقة في مجتمع تعددت فيه الآلهة واستفحلت فيه سلطة رجال الدين، وكان فنه منفرداً من تجميل الصورة الملكية إلى فن واقعي، وتماثيله تنقل لنا جسداً يشكو علة إصابته".

رغم حلمه الكبير وطموحه في الخروج بإخناتون كعمل فني إلى النور، إلا أنه رحل دون أن يرى هذا الحلم وهو يتحقق، وهو حلم كان يسري في دمه عايشه 12 عاماً، يدرس ويدقق ويبحث حول هذا الملك الظاهرة، كما روى شادي في حواره، أن أمنيته كانت إعادة اعتبار إخناتون ليس فقط كملك بل كمفكر ديني له فلسفته الرائدة.

قال أيضاً: "لازلت أعيش إخناتون رغم علمي بأنه لا يوجد من يقوم بإنتاجه فهو عمل تاريخي ضخم... ومن قرار بالموافقة إلى قرار بالإلغاء وأنا مستمر في الأبحاث والدراسات على نفقتي الخاصة"، وإن دل ذلك على شيء إنما يدل على صبره وقدرته على الاستمرار ومحاربة الإحساس باليأس طول سنوات حياته.

يعد البحث والقراءة والإعداد للعمل وصناعة الصورة الفنية من أهم مراحل التجهيز للإبداع الفني خاصة المرتبط بالسينما، لأن الصورة هي التي تتحدث في البداية ولها الأهمية الأولى، لأن التكوين الجيد للصورة السينمائية مثل أي عمل من أعمال الفن لا يمكن حصره في وصفة قابلة للتعميم المطلق لأن الموضوعات تختلف والأذواق تختلف.

ولكن، مهما يكن الاختلاف حول أصول التكوين فهناك نقطة اتفاق واحدة يجمع عليها كل المصورين وهي أن الصورة ذات التكوين الجيد هي الصورة التي تترك لدى المشاهد انطباعاً أقوى بموضوعها، وتدعم التأثير الخاص بالصورة.

ويجب أن يكون واضح في الذهن أن مناظر الفيلم الجيدة هي نتاج التكوينات المشحونة بالفكر، ونتاج الحركة المعبرة عن معنى، سواء كانت للممثلين أو الكاميرا، وفق ما ذكر في كتاب "التكوين في الصورة السينمائية" لجوزيف ميشيللي وترجمة هشام النحاس، نتيجة عمل شادي الطويل في تصميم الديكورات والأزياء وخبرته، حيث كان بارعاً في تكوين هذه الصورة بكل ما تحمله من معاني فكرية يريد أن يجعلها تصل للمشاهدين.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك