في اليوم العالمي لأدب الطفل.. كيف تناول توفيق الحكيم حكايات الصبيان والبنات؟ - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 2:01 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

في اليوم العالمي لأدب الطفل.. كيف تناول توفيق الحكيم حكايات الصبيان والبنات؟

سارة النواوي:
نشر في: الخميس 2 أبريل 2020 - 11:52 م | آخر تحديث: الخميس 2 أبريل 2020 - 11:54 م

أهدى توفيق الحكيم كتابه "حكايات توفيق الحكيم للصبيان والبنات" إلى أحفاده الصغار، كما سجلها بصوته لاحقا، هو مجموعة قصصية قصيرة، تحوي ثلاث قصص، وهي: "العصفور والإنسان"، "المؤمن والشيطان"، "الله وسؤال الحيران"، مع رسوم بريشة الفنان، حلمي التوني.

أبدع الحكيم تلك الحكايات الثلاث للصغار ليستطيع من خلالها أن يحاورهم ما يدور في عقولهم من أفكار وتساؤلات، ربما يعجز عن إجابتها الكبار في كثير من الأحيان.

ولذلك يقدم تلك المجموعة القصصية بأسلوب رشيق ممتع، في محاولة منه لأن يجسد صراع الإنسان بين الخير والشر، وكيف ينتصر الإنسان بإيمانه على حيل الشيطان؟، وما هو معنى حب الله؟.. كل تلك الأفكار العميقة التي ربما يقف الكثير منا عاجزا أمامها، مثلها "علم الأدب العربي" في أسلوب شيق وحوار ممتع.

كما تمكن الحكيم، عبر هذه القصص، أن يقدم دروسا وقيما تصل إلى قلب الصغار مباشرة، مازجا فيها بين الواقع والخيال بأسلوب ممتع يسير.

قصّها جميعا باللغة العربية، مشيرا إلى أن حرصه على إلقاء حكاياته بلغة فصيحة يعود إلى رغبته في أن يشب الصغار على لغة صحيحة سليمة لا يعتريها أي خلل.

«الله وسؤال الحيران»

وكان هدف الأديب في المقام الأول من هذه القصص مخاطبة عقول الصغار وما يدور برؤوسهم من تساؤلات وحيرة، وهو ما تتطرق إليه في قصة "الله وسؤال الحيران"؛ تحكي عن طفل يسأل والده أن يريه الله جهرًا، فيذهب الأب باحثا عن أحد يدله على الطريق إلى رؤية الله، إلى أن يرشده الناس على حكيم مؤمن، يخبره بأنه يمكنه أن يرى الله في الأشياء، ولكنه لا يستطيع رؤيته بالعين؛ معللا ذلك بأن هناك أشياء لا نستطيع نحن البشر تحملها، ثم طلب منه الحكيم أن ينظر مباشرة إلى الشمس ويحدق بها طويلا، فإذا بالرجل تؤلمه عيناه حتى كاد أن يفقد بصره، أراد الحكيم أن يلقنه درسا من ذلك قائلا "هذا نور مخلوق، فكيف بنور الخالق إذن!".

ويخلص في نهاية القصة إلى أن السبيل إلى رؤية الله يكمن في الإحساس وليس البصر؛ فالأعمى يمكنه أن يحس بوجود الشمس ويغمره دفئها، بالرغم من أنه لا يراها، كما يخبره الحكيم بأنه من أراد طريق الله، فعليه محبته أولا. ومن هنا يسأل الطفل أباه متلهفا أن يدله على كيفية الوصول إلى محبة الله، فيجيبه الأب بأن حب الله ينبع من العمل الطيب الصالح وحب الخير.

«العصفور والإنسان»

وفي القصة التالية "العصفور والإنسان"، أراد "الحكيم" أن يعلم الصغار درسًا عن الشوكة التي تؤرق الإنسان دومًا وتفسد عليه سعادته، ألا وهي "الطمع"، وربما كان "الحكيم" موفقا في اختيار قص هذه الحكاية على لسان العصفور، ذاك الكائن الذي يحبه الصغار حبا شديدا.

ويبدأ في قص حكايته التي يوضح من خلالها طمع الإنسان، حينما يقع العصفور في يده، ويهم بذبحه ولكن العصفور يرجوه أن يتركه، مقابل أن يعلمه ثلاث حكم، يستطيع من خلاله أن يحصد خيرا كثيرا، بشرط أن يطلق سراحه، قبل أن يخبره بالحكمة الثانية، كانت الحكمة الأولى ألا يتحسر على ما فاته، وحينما أطلق سراحه أخبره بالحكمة الثانية "لا تصدق ما لا يمكن أن يكون".

ويطير العصفور قائلا له: "أيها الإنسان المغفل.. لو ذبحتني لأخرجت من بطني جوهرة ثمينة غالية، وزنها ثلاثون مثقالا، وقتها يعض الرجل على شفتيه من الألم والحسرة، ويطلب من العصفور أن يأتي بالحكمة الثالثة، فيقول له: "أيها الطماع، طمعك أعماك فنسيت الحكمتين الأولى والثانية، فكيف لي أن أخبرك بالثالثة.. ألم أقل لك، لا تصدق ما لا يمكن أن يكون، إن لحمي وعظمي وريشي لا يصل في الوزن إلى عشرين مثقالا، فكيف تكون ببطني جوهرة وزنها أثقل من وزني!".

«المؤمن والشيطان»

أما عن القصة الثالثة، فيحكي فيها الحكيم عن قوم كانوا يعبدون شجرة ويتركون عبادة الله الواحد، وحينما يسمع رجل مؤمن عن هؤلاء القوم، يعزم أن يذهب إلى تلك الشجرة ليزيلها؛ حتى يكف الناس عن عبادتها، ويعرفون أنها ليست سوي مخلوق، وأن عليهم عبادة الله خالق كل شيء.

ولكن حينما يذهب المؤمن لقطع الشجرة، يعترض طريقه إبليس ويصارعه كي يكف عن عزمه، إلا أن الرجل المؤمن كان يغلبه في كل مرة، ولما رأى الشيطان أنه لا جدوى من مصارعته، تفكر بحيلة أخرى، طالبا من المؤمن أن يُعرِض عن ذلك الأمر؛ في سبيل أن يمنحه كل يوم دينارين من الذهب، فإذا بالرجل يقبل ذاك العرض، وبالفعل يجد كل يوم تحت وسادته الدينارين، إلى أن يجئ يوما ويدس يده فتخرج فارغة، فيذهب إلى الشجرة مرة أخرى لقطعها، ولكنه في هذه المرة لا يقدر على غلبة إبليس، ولا يلبث أن يقع تحت حافره، فيهزمه وهو يقول ضاحكا: "لما غضبت لربك وقاتلت لله غلبتني، ولما غضبت لنفسك وقاتلت لنقودك غلبتك.. لما صارعت لعقيدتك صرعتني، ولما صارعت لنفسك صرعتك..".



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك