تفاصيل أهم بحث عن أسرار التحنيط والمومياوات: مواد مستوردة وتقنيات سبقت الزمن - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 5:49 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تفاصيل أهم بحث عن أسرار التحنيط والمومياوات: مواد مستوردة وتقنيات سبقت الزمن

آية صلاح وأحمد حسن
نشر في: الجمعة 3 فبراير 2023 - 5:12 م | آخر تحديث: الجمعة 3 فبراير 2023 - 6:07 م
اعتبر المصريون القدماء حفظ الجسد بعد الموت أمرا ضروريا للعبور إلى العالم الآخر، فطوروا قدراتهم المتميزة على حماية جسم الإنسان من التحلل أو الفناء بعد الموت من خلال عملية التحنيط، التي لا تزال تثير التساؤلات حول كيفية تنفيذ تلك العملية الكيميائية والروحانية عمليا حتى اليوم.

في هذا السياق، خلصت دراسة نشرتها مجلة "نيتشر" العلمية البريطانية، إلى أن نتائج فحوص كيميائية حيوية لـ 31 وعاء خزفي كانت تحوي مواد تحنيط، اكتشفت في ورشة تحنيط تعود للأسرة الـ26 بمنطقة سقارة، كشفت أن المصريين القدماء استخدموا مجموعة من المكونات الأجنبية بعضها مستورد من أماكن بعيدة لتحنيط موتاهم.

وأشارت الدراسة إلى أن الأوعية احتوت على خليط من الزيوت العطرية والمطهرة ومواد صمغية وقطران، وكتب على بعضها تعليمات مثل "لتحنيط على الرأس".

وسلطت الدراسة الضوء على الوضع الاجتماعي والاقتصادي لتلك الحقبة، حيث يتيح التعرف على المواد العضوية "غير المحلية" في الأوعية إعادة بناء الشبكات التجارية التي زودت المصريين القدماء بالمواد اللازمة للتحنيط، فقد عزز الطلب الواسع على المنتجات الأجنبية، التجارة مع مناطق في محيط البحر المتوسط والغابات الاستوائية.

وأشارت إلى أن عملية التحنيط تطورت من مرحلة الحفظ الطبيعي البسيط (بواسطة التجفيف) خلال عصور ما قبل التاريخ (حوالي 4300-3100 قبل الميلاد)، إلى الإجراءات الفرعونية المعقدة للتجفيف البشري (باستخدام النطرون) والإخراج ونزع الأحشاء واستخدام كل من مضادات الجراثيم ومضادات الفطريات والمثبتات، مضيفة أن عملية التحنيط تستغرق ما يصل إلى 70 يومًا حتى تكتمل.

واستلزمت عملية التحنيط مجموعة من الطقوس الروحانية وتلاوة نصوص شعائرية، يتم من خلالها إحياء الجسد المعالج كيميائيا وكسبه هوية جديدة كمتوفي يتحلى بالبركة ليستحق أن يعيش في العالم الأخر "العالم السفلي"، بحسب معتقدات قدماء المصريين.

وبحسب الدراسة، تعود المعرفة الحالية بمواد التحنيط إلى مصدرين رئيسيين: المصادر المكتوبة القديمة مثل تحنيط ورق البردي وتحليلات البقايا العضوية للمومياوات المصرية.

• المواد المستخدمة في التحنيط

وأفضت تحليلات المواد المكتشفة إلى تحديد مجموعة واسعة منها، بما في ذلك الزيوت النباتية والقطران والصموغ والدهون الحيوانية. كما كشفت العينات عن وجود مجموعة من المنتجات الثانوية الصنوبرية، مثل العرعر أو السرو، في شكل زيت أو قطران أساسي أو عطري في 21 وعاء، ما يمثل (60%) من الأوعية المكتشفة.

وكانت ثاني أكثر المواد التى عثر عليها في الموقع، هي زيت الأرز في 19 إناء، فيما تم اكتشاف صموغ من نبات الكاناريوم المعروف باسم "elemi" في 15 وعاء على الأقل، ويتواجد ذلك النبات في أفريقيا الإستوائية وجنوب شرق آسيا.

واكتشف الباحثون وجود دهون حيوانية في 18 وعاء ، وزيوت نباتية في 5 أوعية، يرجح أنها زيت زيتون، ولا يمكن استبعاد وجود زيوت الأرغان أو البندق، كما وجد الباحثون أثارا لزيت الخروع وشمع العسل في 5 أوعية. وعثر أيضا على مادة القار "القطران أو الزفت" في حاويتين من غرف الدفن بالورشة، والذي يشير تركيبه الكيميائي إلى أنه من أعماق البحر الميت.

ووجد الفريق البحثي العلامات الجزيئية للوصفات التي تنطوي على خلط وتسخين المواد الصمغية مع الدهون أو الزيت في ثلاث أوعية.

• إرشادات لحفظ أعضاء الجسد

وقالت الدراسة إن النقوش الموجودة على أوعية الورشة تحتوي على تعليمات لمعالجة أجزاء محددة من الجسم، وخاصة الرأس، ولإعداد ضمادات الكتان، وتضمنت بعضها تحضير وخلط العديد من المواد.

وأضافت أنه تم العثور على نقوش على 8 حاويات تتضمن تعليمات لعلاج الرأس، وأظهرت العينات استخدام 3 تركيبات مختلفة، بالإضافة إلى وجود عينات في 8 أوعية مع ملصقات تشير إلى "التغليف"، والتي من المرجح استخدامها لتحضير ضمادات الكتان لتكفين المومياء.

وبحسب الدراسة، قدمت 6 أوعية معلومات عن المواد المستخدمة في غسل الجسم، وتطيب رائحته وتليين الجلد، بالإضافة إلى وصفة لحفظ الكبد وأخرى للمعدة، ووجد الفريق إشارات على الأوعية مثل "للغسل"، و "لجعل رائحته لطيفة"، و"معالجة الجلد"، فيما نقش على 2 من الأوعية اسم الإله "إمسيتي"، الذي يحمي الكبد، والآخر اسم الإله "دواموتيف"، الذي يحمي المعدة. وحمل الوعاء الـسادس نقشاً بعنوان "مسؤول ورشة التحنيط والمقبرة" تتعلق بشكل أساسي بتحنيط الرأس.

• أسرار لم تكتشفها الترجمات

كان أحد التحديات الهامة التي تواجه العلماء في فهم ممارسات التحنيط لدي المصريين القدماء على أساس النصوص القديمة، هي معرفة ما تمثله الأسماء المدرجة في النصوص في الواقع من مواد.

من الناحية المعجمية، تم ربط كلمة "أنتيو" مبدئيًا بمادة "المر" على أساس التخمين اللغوي، لكن وجد الباحثون أن 5 أوعية من ورشة التحنيط التي تحمل اشارة "أنتيو" تحوي مزيجًا من زيت من الأرز والعرعر أو السرو مع دهون الحيوانات.

وبحسب الدراسة يشير ذلك بقوة إلى أن "أنتيو" هو منتج تم تصنيعه عن قصد بواسطة القائمين على عملية التحنيط ويستلزم تحضيره خلط نوعين على الأقل من الزيوت أو قطران الصنوبر ثم مزجها مع الدهون الحيوانية، وبذلك خلص فريق البحث إلى استبعاد ترجمة كلمة "أنتيو" كمادة خام مثل المر.
وبرغم أنه في علم المصريات، عادة ما تشير كلمة "سيفت" إلى زيت، لكن 3 حاويات تحمل اسم "سيفت" بورشة التحنيط كانت تحوي عطرا من تركيبة قائمة على الدهون مع إضافات نباتية.

• عولمة واقتصاد عالمي قديم

توصلت الدراسة إلى أن عملية التحنيط كانت محفزة لعولمة وتجارة عالمية لاستقطاب المواد اللازمة من مناطق تبعد آلاف الأميال عن مصر، أو حتى تقبع في قاع بحر ميت.

ورجحت الدراسة أن مادة القار التي وجدت في الورشة تم الحصول عليها من قاع البحر الميت، وهو ما يطابق ما ورد بدراسات سابقة تفيد بتصدير القار إلى مصر في الألفية الأولى قبل الميلاد خصيصًا للتحنيط.

كما لا يوجد في مصر أشجار الفستق التي تنتج الصمغ وأشجار الزيتون والأرز والعرعر والسرو، ولكنها تنمو في مواقع مختلفة في حوض البحر المتوسط.

واستورد المصريون القدماء المنتجات الثانوية ذات الصلة، على الأرجح من بلاد الشام مثل الأرز اللبناني، كما تأتي صموغ نبات الكاناريوم المعروف باسم "elemi" من أفريقيا الإستوائية وجنوب شرق آسيا.


قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك