نبيل نعوم يكتب عن أخناتون والساعات الرولكس - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 7:22 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نبيل نعوم يكتب عن أخناتون والساعات الرولكس

نبيل نعوم
نبيل نعوم

نشر في: الجمعة 3 يوليه 2020 - 7:52 م | آخر تحديث: الجمعة 3 يوليه 2020 - 7:57 م

فى الواحد والعشرين من شهر يونيو الماضى، ولمدة يوم واحد، قامت دار أوبرا المتروبوليتان الشهيرة فى مدينة نيويورك ببث عبر الإنترنت فيلم تلفزيونى بجودة عالية لأوبرا أخناتون للموسيقار فيليب جلاس من ضمن برنامج تقوم به الدار لتحويل الأعمال الأوبرالية المهمة إلى أفلام تلفزيونية لعرضها بالسينما حول العالم لنشر الثقافة الموسيقية وأيضا للمساهمة فى تمويل الدار.
وأوبرا أخناتون للموسيقار المعاصر فيليب جلاس هى العمل الثالث من ثلاث أوبرات خصصها المؤلف لثلاث شخصيات ثورية أثرت فى تاريخ الحضارة. الأوبرا الأولى عن أينشتين (أينشتين على الشاطئ)، والثانية عن غاندى (ساتياجراها)، والثالثة عن أخناتون (أخناتون)، الذى قام بثورة دينية، أثناء حكمه خلال الأسرة الثامنة عشرة، بتخليه عن تعدد الآلهة المصرية القديمة وإدخال عبادة جديدة تركزت على إله واحد (آتون) الذى يرمز إليه بالشمس، والذى بسبب اعتناقه لهذا الدين الجديد اضطر لترك مدينة طيبة مركز عبادة الإله آمون وتشييد مدينة جديدة حيث تشرق الشمس بالضفة الشرقية (أخيت آتون)، وموقعها الحالى هو تل العمارنة، وفيها ظهرت النقوش التى تمثل مدرسة جديدة فى الفن تسمى بمدرسة أو أسلوب العمارنة حيث يتميز بالإحساس بالحركة والتعبير عن الجسد البشرى بطريقة مختلفة. والتأكيد على مشهد الإله آتون قرص الشمس الذى يرسل أشعته على أفراد العائلة الملكية، أخناتون وزوجنه المحببة الجميلة نفرتيتى وبناته الست التى نرى فى بعض النقوش الملك يحمل إحدى بناته ويقبلها. وقد دمرت المدينة بعد موته وعودة السلطة لمدينة طيبة وللإله أمون وكهنته.
وقد استفاد الموسيقار فيليب جلاس، المعروفة موسيقاه بالتكرار للجمل الموسيقية، بكل تفاصيل حياة أخناتون فى أوبراه التى قام فيها بدور أخناتون مغنى الأوبرا «الكاونتر تينور» (انتونى روث كوستانزو)، وبدور نفرتيتى مغنية الأوبرا «الكاونتر ألتو» (جناى بردجس). وقام بإخراجها (فلم ماكدرموت)، مضيفا إلى شخصيات الأوبرا الرئيسية أخناتون ونفرتيتى والملكة تى والملك أمنحت وكاهن الإله آمون، مجموعة من أمهر لاعبى الكرات باليد لتتوافق ألعابهم الغاية فى الدقة مع موسيقى فيليب جلاس المركبة، وإن كان تكرار واستمرار تواجدهم طوال العرض قلل من أهميتهم، كما صرف النظر أحيانا عن متابعة الأحداث الهامة التى تجرى على خشبة المسرح. وقام بتصميم المناظر (توم بي) جامعا بين حوامل معدنية، وما قد يشير إلى جدران المقابر أو المعابد الفرعونية. كما قام بتصميم الملابس (كيفين بولاند) الذى جمع بين أسلوب الملابس فى فترة العشرينيات من القرن الماضى إشارة إلى فترة اكتشاف رأس الملكة نفرتيتى فى 1912 مع ملابس تبدو كما لو كانت دفنت لآلاف السنين فى المقابر الفرعونية.
وتقع الأوبرا فى ثلاثة فصول، الأول جنازة الملك أمنحت الثالث ويليها تنصيب الملك أخناتون. الفصل الثانى وفيه نشاهد علاقة المحبة والمساواة بين أخناتون ونفرتيتى، كما ينشد الراوى قصيدة الحب المشهورة التى يناجى فيها أخناتون إلهه آتون، والتى وجدت نسخة منها منقوشة على جدران مقبرة آى الموجودة بمقابر تل العمارنة».. كم كثرت أعمالك والخافى منها، أنت الإله الواحد، لا مثيل له..».. أما الفصل الثالث والأخير ففيه نشاهد نهاية مرحلة العمارنة ودمار المدينة بهجوم كهنة آمون وعودة السلطة إلى طيبة والإله آمون.
ولأن الأوبرا صورت كفيلم وقد شاهدته، ولم أشاهد الأوبرا نفسها والتى تم عرضها فى نيويورك لثمانى مرات فقط خلال شهرى نوفمبر وديسمبر الماضيين، ولأن كما فى الأفلام التى تصور حفلات الأوبرا والموسيقى والمسرحيات، هنالك الكثير من الصور المقربة (كلوز ــ أب) والتى من الصعب رؤية التفاصيل التى تظهرها لمن بقاعة المسرح، لفت نظرى عدد الساعات الرولكس التى تحلى معصمى مغنى الأوبرا (زخارى جيمس) والذى يقوم بدور روح أمنحتب وأيضا الراوى أو التاريخ. بالطبع من الرائع والهام مساهمة ومساندة الشركات الكبرى وأصحاب الأموال المكدسة فى إنتاج الأعمال الفنية كما فى مثل هذا العمل الضخم الأوبرالى الموسيقى بكل المساهمين فيه من المغنين وأفراد الأوركسترا والكورال وبذخ مناظره وملابسه ومنفذيه وكل المساهمين فى انتاجه، ولكن هل كان من الأفضل لو اكتفت شركة كبيرة مثل شركة ساعات رولكس (4.6 بليون أرباح عام 2016)، بذكر اسمها فى صفحة شكر المساهمين فى انتاج العمل والتى يتضمنها عادة الملف الذى يوزع على المشاهدين، أو فى نهاية الفيلم فى الجزء الخاص بالشكر؟ أم بسبب مساهمتها فمن الجائز إدماج منتجها كإعلان فى صلب العمل الفنى حتى لو كان عن أخناتون؟ وربما يقول قائل وما الضرر فى ذلك فالمهم هو استمرار مساهمة الشركات، وقد يقول آخر «ماشافش فى الورد عيب فقال يا أحمر الخدين»، على كل حال هذه ملاحظة قابلة للنقاش.
وبذكر هذا العمل الجدير بالإعجاب والتقدير للموسيقار فيليب جلاس، يجب ذكر الفيلم الهام والذى للأسف لم ير النور للمخرج الراحل شادى عبدالسلام عن أخناتون. وقد استغرق العديد من السنوات لتحضيره وإعداده بما فى ذلك الرسومات التفصيلية للمناظر والديكورات والملابس وخلافه، وقد ساهم معه فى ذلك الفنان الراحل القدير صلاح مرعى. والآن هل من يساهم من الشركات العملاقة ومن رجال الأعمال بل وبالطبع من القطاعات العامة فى إنجاز هذا الفيلم الحلم الذى راود خيال الراحل شادى عبدالسلام صاحب الفيلم العالمى والرائع «المومياء»؟
ــ من الممكن مشاهدة أوبرا أخناتون لفيليب جلاس عبر اليوتيوب
Akhnaten by Philip Glass



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك