ما يجب أن تعرفه عن الصحافة (1).. الظروف المحيطة بالأخبار الحديثة اختبار لحياد الصحفي ونزاهته - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 2:28 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ما يجب أن تعرفه عن الصحافة (1).. الظروف المحيطة بالأخبار الحديثة اختبار لحياد الصحفي ونزاهته

كتب – إسماعيل الأشول:
نشر في: الجمعة 3 يوليه 2020 - 7:55 م | آخر تحديث: الجمعة 3 يوليه 2020 - 7:59 م

انتقال المعلومات سريعا يعنى أنه من الممكن دمار العالم قبل فهمها
وسائل الإعلام الإخبارية أصبحت السلطة الأولى القادرة على الإطاحة بالعروش

بين حين وآخر، يتجدد الجدل حول أزمات الصحافة الراهنة ومستقبلها، لا فرق فى ذلك بين صحف تصدر فى واشنطن ونيويورك ولندن، أو أخرى تصدر فى القاهرة وبغداد وبيروت، فالأزمات متشابهة، رغم فوارق الثقافات والسياسات والرؤى والظروف.

عن التناقض الواقع بين كون الصحافة باتت أكثر تأثيرا، رغم كل ذلك، وتعرضها ــ فى الوقت نفسه ــ لهجوم غير مسبوق من أوساط عدة، تدور فصول كتاب «ما يجب أن تعرفه عن الصحافة» لمؤلفه الصحفى البريطانى وأستاذ الصحافة بجامعة كارديف بالمملكة المتحدة إيان هارجريفز، والصادر عن دار «الشروق» (2011) من ترجمة بدر الرفاعى.

يقارب المؤلف فى بداية كتابه بين الأطعمة السريعة وصحافة الاستهلاك السريع، قائلا: عندما تنتقل المعلومات بالسرعة التى تنتقل بها اليوم، فمن الممكن أن يحل الدمار قبل أن يتاح الوقت لفهم تلك المعلومات.

ففى عالم الصحافة العاجلة، تُدمر السمعة وتُنتهك الخصوصيات فى اللحظة التى يستغرقها تحويل قنوات التلفزيون.

فـ«الوجبات السريعة الجاهزة» ربما تكون مناسبة وطعمها لا بأس به عند القضمة الأولى، ولكن انتشارها ورواجها قد يثير أسئلة بشأن الصحة العامة على المدى البعيد. وكذلك الحال بالنسبة لـ«الصحافة السريعة الجاهزة». فصحفيو التلفزيون اليوم يلتقطون صورا أثناء الحرب فى المناطق الصحراوية ويبثونها فى كل أرجاء العالم عبر الفضائيات. وتنال هذه القصص شهرة أكثر إذا كانت اللقطات مثيرة بصريا: فالعنف مطلوب، والموت يزيد من الأهمية. ومن الأفضل إذا كان الصحفى شابا، أنيقا ومشهورا. بينما تحظى القصص الأقل إثارة، عن التعليم والصحة والدبلوماسية والعلاقات الاجتماعية بتغطية أقل وإن كانت هى القصص الأكثر أهمية.

وهكذا، فإن الظروف المحيطة بالأخبار الحديثة تعد اختبارا لحياد الصحفى ونزاهته، ليس بأساليب جديدة فى الأساس، وإنما بسرعة وروتينية غير مسبوقتين. وإذا كان الصحفى أداة سرية لآليات علاقات عامة غير منظورة، أو يتبنى مصالح تجارية، فإنه بذلك يخون الصالح العام.

ويعود بنا المؤلف إلى عام 1828، حين أطلق المؤرخ البريطانى ماكولى على قاعة الصحافة فى البرلمان «السلطة الرابعة» فى عالم الصحافة. مضيفا: اليوم أصبحت وسائل الإعلام الإخبارية السلطة الأولى القادرة على الإطاحة بالعروش وتحويل البرلمان إلى دكان للكلام، يزول من الوجود فى حال أدار الصحفيون ظهورهم له.

أزمة الثقة
كما يشير إيان هارجريفز إلى وجود «الكثير من أعراض المصاعب التى تتراكم الآن حول هذه الصحافة المتغلغلة. فنحن نعرف، من استطلاعات الرأى، أن الصحفيين أصبحوا يتمتعون بتقدير وثقة أقل مما كانت عليه الحال. ومن منظور الثقة، فإن حال الصحفيين من حال السياسيين الذين يسهمون فى إسقاطهم، لكنهم يأتون فى مرتبة تالية بعد مديرى المشروعات والموظفين العموميين، وهم أبعد ما يكونون عن المهنيين الأكثر احتراما مثل الأطباء، والمعلمين، والعلماء».

فى مواجهة كل ذلك، يذكر المؤلف ظهور حركة من «الصحفيين المعنيين»، فى عام 1999 تدعو إلى العودة إلى المعايير المهنية الأساسية الداعية إلى التغطية الدقيقة والمتوازنة، وأقامت حملة على ما تراه إعلاما إخباريا مفرطا فى تجاريته. فأصحاب وسائل الإعلام الجدد، كما يقول الصحفيون المعنيون، جعلوا الصحافة تنحرف عن رسالتها المقدسة وهى إعلام المواطنين دون خوف أو انحياز، ويركزون بدلا من ذلك على إشباع شهية حملة الأسهم لتحقيق أكبر قدر من الأرباح.

ويقول واضعو واحد من أهم البيانات التى أصدرتها الحركة: «إننا نواجه احتمال أن تحل محل الصحافة المستقلة روح تجارية لا يعنيها إلا مصالحها الخاصة».

تحد جديد لحرية الصحافة
فى هذا المناخ، ألقت الفيلسوفة الدكتورة أونورا أونيل فى عام 2002، سلسلة محاضرات ريث، وهى سلسلة قيمة سميت باسم أول مدير عام لهيئة الإذاعة البريطانية (بى بى سي) تكريما له. وهى ترى أن أفكار القرن الثامن عشر الكلاسيكية عن حرية الصحافة لم يعد لها جدوى، وأنها تنتمى إلى زمن أكثر نبلا. وفى الديمقراطيات الحديثة، تستخدم حرية الصحافة كعباءة لحجب سيطرة الكتل الإعلامية على مناقشات الجمهور «التى تروج لأفكار خاطئة، والتى تتعرض فيها السمعة للتمزيق أو التبجيل بطريقة انتقائية، فحرية الصحافة ليست جيدة فى كل الحالات». وعندما يضلل الإعلام، فإن «ينابيع الخطاب الجماهيرى والحياة العامة يصيبها التسمم».

وهناك رواية أكثر دقة للحالة الأخلاقية للممارسة الصحفية قدمتها جانيت مالكولم فى دراستها عن النزاع بين قاتل مدان وصحفى كتب قصة حياة المجرم. وهنا توضح مالكوم حجتها الأساسية فى بداية مقالها: «كل صحفى لا يتسم بالغباء الشديد أو الغرور ويراقب ما يدور حوله، يعلم أن ما يفعله لا يمكن الدفاع عنه أخلاقيا. إنه رجل محل ثقة، يستغل غرور الناس أو جهلهم أو وحدتهم، ويكسب ثقتم ويخونها دون أى شعور بالندم.. ويبرر الصحفيون خداعهم بأكثر من طريقة حسب مزاجهم، بالكثير من الحديث الطنان عن حرية التعبير و«حق الجمهور فى أن يعرف»، والقليل من الحديث المنمق عن الفن، وهمهمات باهتة عن كسب العيش.

ولم يفت الكتاب أن يتحدث عن مخاوف أهل المهنة قائلا: الصحفيون قلقون كذلك من أن التقنيات الإعلامية الجديدة يمكن أن تحولهم إلى كتّاب مأجورين آليين، وهذا فيه «نهاية الصحافة»، حسب ما قاله أحد المعلقين.

وهناك قلق بشأن استقطاب الإعلام الخبرى للشباب ضعيفى الأجر، وأحيانا سيئى التدريب، فى صحف ومحطات إذاعة ومجلات وإصدارات إلكترونية أصغر فى جانب، وفى الجانب الآخر حفنة من صحفيى المشاهير الذين يقدمون العروض التلفزيونية أو يكتبون أعمدة صحفية شهيرة ويحصلون على أجور مثل الذين يعملون فى عالم العروض الترفيهية.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك