«إيكونوميست»: الشرق الأوسط المنطقة الأكثر تأثرا بانخفاض أسعار النفط - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 6:15 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«إيكونوميست»: الشرق الأوسط المنطقة الأكثر تأثرا بانخفاض أسعار النفط

محمد هشام
نشر في: الإثنين 3 أغسطس 2020 - 2:44 م | آخر تحديث: الإثنين 3 أغسطس 2020 - 2:44 م

300 مليار دولار أرباحا متوقعة للدول العربية النفطية العام الحالي ولكنها لاتغطى النفقات.. وتراجع تحويلات العمالة بالخارج يسبب أضرارا للدول غير المنتجة للنفط

اعتبرت مجلة "إيكونوميست" البريطانية أن الاضطراب الأخير في أسواق النفط ليس وضعا استثنائيا، ولكنه لمحة عن المستقبل، مشيرة إلي أن العالم دخل عصر الأسعار المنخفضة وأن المنطقة الأكثر تأثرا بتلك التطورات هي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وأوضحت المجلة في تقرير موسع لها أن اقتصادات العالم باتت تبتعد عن الوقود الأحفوري، مضيفة أن زيادة العرض والقدرة التنافسية المتزايدة لمصادر الطاقة النظيفة يعني أن النفط قد يبقى رخيصا في المستقبل المنظور.

وأشارت المجلة إلي أن القادة العرب أدركوا أن أسعار النفط المرتفعة لن تستمر إلى الأبد، فقبل أربع سنوات، أعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، عن خطة تسمى "رؤية 2030" تهدف إلى التخلص من اعتماد اقتصاد المملكة على النفط.

وبحسب المجلة، يشير صندوق النقد الدولي إلي أن عائدات النفط في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا انخفضت من أكثر من تريليون دولار في عام 2012 إلى 575 مليار دولار في عام 2019، ومن المتوقع أن تجني الدول العربية هذا العام حوالي 300 مليار دولار فقط من بيع النفط، وهو مبلغ غير كاف لتغطية نفقاتها.

ورأت "إيكونوميست" أيضا أن الأضرار ستشمل أيضا دول المنطقة غير المنتجة للنفط، إذ أنها اعتمدت منذ فترة طويلة على جيرانها من الدول النفطية لتشغيل مواطنيهم، حيث تبلغ قيمة التحويلات أكثر من 10٪ من الناتج المحلي الإجمالي في بعض البلدان.

وأشارت المجلة البريطانية إلى أن النفط عمل على تمويل اقتصادات غير منتجة، ودعم أنظمة حكم لا تحظى بقبول، وكان حافزا لتدخل أجنبي غير مرحب به، لافته إلي أنه لكى لا تكون نهاية هذا العصر كارثية، لابد من تحفيز إصلاحات تخلق اقتصادات أكثر ديناميكية وحكومات تمثيلية، مشيرة إلى أنه من المؤكد أن تكون هناك مقاومة على طول الطريق.

واعتبرت المجلة أن أغنى منتجي النفط في المنطقة يمكنهم تحمل الأسعار المنخفضة على المدى القصير، موضحة أن كل من قطر والإمارات تمتلكان صناديق ثروة سيادية ضخمة، كما أن المملكة العربية السعودية، صاحبة أكبر اقتصاد في المنطقة، لديها احتياطيات أجنبية بقيمة 444 مليار دولار ، وهو ما يكفي لتغطية عامين من الإنفاق بالمعدل الحالي.

وتابعت المجلة: "لكن جميعهم تضرروا بشدة من وباء كورونا المستجد وأسعار النفط المنخفضة وتجاوز حد الإنفاق"، مشيرة إلي أنه في فبراير قبل ظهور وباء كورونا في منطقة الخليج العربي، تنبأ صندوق النقد الدولي بأن دول مجلس التعاون الخليجي الستة - السعودية والإمارات والبحرين والكويت وعمان وقطر - ستستنفد 2 تريليون دولار من احتياطياتها بحلول عام 2034.

وأوضحت إيكونوميست أن السعودية أنفقت منذ ذلك الحين ما لا يقل عن 45 مليار دولار من أموالها، وإذا استمرت على هذا الوتيرة لمدة ستة أشهر أخرى، سيؤدى ذلك لانخفاض قيمة الريال السعودي ويؤثر على الدخول الحقيقية بشدة في بلد يستورد كل شيء تقريبا.

وأشارت المجلة إلى أنه في محاولة لتحقيق التوازن، أوقفت السعودية صرف بدل غلاء المعيشة للعاملين في الدولة، ورفعت أسعار البنزين وضاعفت ضريبة المبيعات ثلاث مرات، ومع ذلك ، قد يتجاوز عجز الميزانية 110 مليار دولار هذا العام (16% من الناتج المحلي الإجمالي). ويمكن أن يتبع ذلك المزيد من الضرائب ربما على الشركات والدخل والأراضي، لكن رفع الضرائب يهدد بمزيد من الضغط على التجارة ، التي تعثرت من أجل احتواء فيروس كورونا.

ونوهت المجلة البريطانية إلى أن البعض يرى جوانب إيجابية في تلك الاضطرابات بالنسبة للدول المنتجة للنفط، فدول الخليج تنتج أرخص نفط في العالم، لذلك ستحظى بحصة سوقية إذا ظلت الأسعار منخفضة، كما أنه مع رحيل العمالة الوافدة، يمكن للسكان المحليين أن يأخذوا وظائفهم، فضلا عن أن الصراعات بالمنطقة قد تقنع بعض الدول بالتعجيل بالإصلاحات.

وأشارت المجلة البريطانية إلى إشادة وكالات التصنيف الائتماني برفع الضرائب في السعودية كخطوة نحو تحويل الاقتصاد الريعي إلى اقتصاد منتج، ولفتت إلى حديث القادة العرب عن موجة من الخصخصة، فعلى سبيل المثال أعلنت السعودية مؤخرا عن بيع أكبر محطة لتحلية المياه في العالم في رأس الخير، ولكن في الوقت الحالي يبدو المستثمرون أكثر ميلًا إلى سحب أموالهم من المنطقة تمام، على حد قولها.

ولفتت "إيكونوميست" إلي تنامى الغضب الشعبي في المنطقة إزاء الأوضاع الاقتصادية وأنه لم يعد بإمكان الحكومات شراء ولاء الجماهير، ففي العراق دعم المسؤولون الغاضبون من تخفيض الأجور حركة احتجاج تسعى لإسقاط النظام السياسي بأكمله، وفي الجزائر، حيث انخفض متوسط دخل الفرد سنويا من 5600 دولار في عام 2012 إلى أقل من 4 ألاف دولار حاليا، عاد المتظاهرون إلي الشوارع.

وأشارت المجلة البريطانية إلي استئناف الاحتجاجات في لبنان، حيث أوقف الوباء بشكل مؤقت شهورا من المظاهرات ضد الفساد وانهيار الاقتصاد، لافته إلي أن لبنان دولة ليست منتجة للنفط، فاقتصادها يعتمد بشكل كبير على الخدمات والقطاع المالي لكن الركود في الخليج جعل الوضع أسوأ، ما يعني أن انخفاض أسعار النفط على المدى الطويل سيجلب المزيد من الأضرار حتى للدول العربية غير النفطية.

وأوضحت المجلة أن التحويلات المالية من الدول الغنية بالنفط هي شريان الحياة للمنطقة بأسرها، مشيرة إلي أن أكثر من 2.5 مليون مصري، أي ما يعادل 3% تقريبا من السكان يعملون في الدول العربية النفطية، وهذه الأرقام أكبر في دول أخرى، حيث تبلغ 5% في كل من لبنان والأردن و9% في فلسطين، وتشكل الأموال التي يرسلونها جزءا كبيرا من اقتصادات أوطانهم، ومع انخفاض عائدات النفط، ستنخفض تحويلات العمالة في الخارج.

كما أشارت المجلة إلى أن ذلك سيؤدي إلى قلب العقد الاجتماعي في الدول التي اعتمدت على الهجرة لامتصاص البطالة، فعلي سبيل المثال يتخرج حوالي 35 ألف لبناني من الجامعات سنويا، يوظف الاقتصاد اللبناني 5 ألاف منهم فقط، والباقي يبحث عن عمل في الخارج، فضلا عن ظاهرة الهجرة الجماعية التى أدت إلى تسريع هجرة العقول، لافته إلي هجرة أكثر من 10 ألاف طبيب مصري منذ عام 2016، العديد منهم توجه إلى الخليج.

ولفتت المجلة البريطانية إلى أن الشركات ستضرر أيضا، فمنتجي النفط يشكلون أسواق كبيرة لدول عربية أخرى، ففي عام 2018 حصلوا على 21% من صادرات مصر، و 32% من صادرات الأردن ، و 38% من صادرات لبنان.

وأشارت المجلة إلى أن أكثر من نصف أجهزة التلفاز التى يتم تصديرها من مصر تتجه إلي دول مجلس التعاون الخليجي، كما يصدر قطاع صناعة الأدوية في الأردن - يشكل أكثر من 10٪ من إجمالي صادرات المملكة ويوفر عشرات الآلاف من الوظائف- ، ما يقرب من ثلاثة أرباع صادراته إلى الدول العربية المنتجة للنفط.

واختتمت "إيكونوميست" تقريرها بالقول إن الشرق الأوسط الأقل مركزية بالنسبة لإمدادات الطاقة في العالم سيكون أيضا أقل أهمية بالنسبة للولايات المتحدة، وقد تملأ روسيا الفراغ في بعض الأماكن، لكن مصالحها الإقليمية ضيقة، مثل الحفاظ على تواجدها عبر ميناء طرطوس في سوريا.

ورأت المجلة أن "روسيا لا ترغب في - وربما لا تستطيع - تمديد مظلة أمنية عبر شبه الجزيرة العربية، كما أن الصين تركز على السعي وراء الفوائد الاقتصادية فقط وتبتعد عن الأمور السياسية في المنطقة".



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك