تاريخ مختصر لعلاقة المصريين بالأوبئة.. صلاح عيسى: الكوليرا واحدة من أقسى الهجمات على المصريين - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 4:08 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تاريخ مختصر لعلاقة المصريين بالأوبئة.. صلاح عيسى: الكوليرا واحدة من أقسى الهجمات على المصريين

الكاتب الراحل صلاح عيسى
الكاتب الراحل صلاح عيسى
كتب ــ أحمد بدراوى:
نشر في: السبت 4 أبريل 2020 - 12:57 م | آخر تحديث: السبت 4 أبريل 2020 - 12:57 م

تاريخ العالم مع الأوبئة قديم وحزين، إذ إن الأوبئة التى حملتها الرياح إليهم حصدت مئات الآلاف من الأرواح، وفيما كان الناس يسارعون لدفن موتاهم، كان آخرون يحاولون كلما أمكن توثيق تاريخ تلك الأوبئة.
وفى ظل انتشار وباء «كورونا» فى دول العالم منذ مطلع العام الحالى، الكل يفكر فيما سيكتبه التاريخ بعد قرون عن تلك الحقبة.
ويقول الكاتب الراحل صلاح عيسى، إن الوباء كان جزءًا من العذاب الطويل الذى ابتليت به مصر على امتداد تاريخها، وطوال العصور الوسطى كانت الطواعين والأوبئة تحدث بشكل دورى، وراءها دائمًا الفقر والقحط والمضاربون.
فى تلك السطور تقدم «الشروق» عرضًا مختصرًا لكتاب «هوامش المقريزى» للكاتب الصحفى الكبير والمؤرخ الراحل صلاح عيسى الذى أعادت طباعته «دار الكرمة»، لعل الذين يكتبون تاريخنا الحالى يسيرون على هديهما لينيرا الطريق لمن سيأتون بعدنا، لعلهم يعقلون من دروس التاريخ.
«هوامش المقريزى»: تجمع على المصريين الفقر والغلاء والطاعون
يقول الكاتب الصحفى الكبير والمؤرخ الراحل صلاح عيسى فى كتابه «هوامش المقريزى» الذى أعادت طباعته «دار الكرمة»: «جاء شهر رمضان من عام 903 هـ 1497 مـ والناس فى مصر مشغولون بأمر الطاعون، إذ كان السلطان وقتها هو الملك الناصر أبوالسعادات محمد بن الأشرف قايتباى، وكان الطاعون قد بدأ فى شهر رجب، وتزايد فى شعبان، ثم انفجر ليصبح كارثة لا تبقى ولا تذر فى رمضان».
ويشير عيسى، إلى أن المصريين عانوا أيضًا مع خطر الموت وشر الطاعون من قسوة قلوب المماليك، وعندما انفجر الطاعون فى رمضان فشلت كل وسائل الوقاية التى لجأ إليها المماليك لحماية أنفسهم من عدواه.
لكن بعد ذلك فى نهاية شهر رمضان انحسر الطاعون نسبيًا.
وفى موضع آخر بالكتاب، يقول عيسى إن شهر رمضان هل على المصريين فى عام 917 هـ 1511 مـ وهم يعانون من أزمة فى الوقود بعد أن عز وجود الحطب، واستمرت الأزمة وتعطلت مطابخ الأمراء، ثم فى الشهور التالية تزايدت الأزمات وتفاقمت وظهر الطاعون فى مصر، فتجمع على الناس الفقر والغلاء والجوع والطاعون كما يقول المؤرخ ابن إياس، فأمر حينها السلطان ليوفر لبيت المال بعض الموارد، أن يؤخذ لحساب الخزينة قسم من تركة كل من يموت بالطاعون، فى محاولة من السلطان أن يدفع بما يتجمع من أموال الموتى كارثة الطاعون والغلاء والمجاعة.
ويقول عيسى، إن الوباء كان جزءًا من العذاب الطويل الذى ابتليت به مصر على امتداد تاريخها، وطوال العصور الوسطى كانت الطواعين والأوبئة تحدث بشكل دورى، وراءها دائمًا الفقر والقحط والمضاربون.
ويتحدث عن وباء الكوليرا فيقول، «كانت الكوليرا التى ظهرت بشائرها فى مصر فى مايو من عام 1896 واحدة من أقسى وأضرى هجمات الوباء على مصر، فقد تميز موسم الوباء فى تلك السنة لا بكثرة ضحاياه فحسب، ولكن أيضًا بذلك العنف الذى واجه به المصريون الإجراءات الوقائية التى أرادت الحكومة فرضها عليهم لمحاصرة الوباء والقضاء عليه، وكان قد مضى على احتلال الإنجليز لمصر 14 عامًا، عانى فيها الناس من الشعور بالذل والمهانة، ومن كبت مشاعر الغضب مما جعلهم فى حالة توتر مستمر، سرعان ما انفجر ضد الكوليرا الحقيقية».
ويضيف عيسى: «كان الأطباء يتصرفون بعصبية، ويحاولون إذلال الناس من دون مبرر، إذ كانوا يفتقدون الوعى البسيط بأن مصر موبوءة لا بالكوليرا وحدها، ولكن أيضًا بالفقر والاحتلال، كانوا يدمرون غذاء الناس الذى لا يملكون غيره كإجراء وقائى يحول دون انتشار ميكروبات الكوليرا، من دون أن يفكروا لحظة واحدة فى بديل لما دمروه يقى أصحابه الجوع».
وفى يوم عيد الأضحى من عام 1896 حدث هياج شديد فى مصر القديمة، فقد أتلف أحد الأطباء الأجانب خبزًا وقمحًا لأحد الأهالى الفقراء، بدعوى أنه ملوث بميكروبات الكوليرا، وعندما احتج الناس فتح الطبيب زجاجة من حمض حارق كان يتلف به الأطعمة الملوثة وألقى به على وجوه المتجمهرين، وأصاب الحمض وجوه بعضهم، لحظتها لم يعد فى قوس الصبر منزع، إذ هجم عليه الفقراء وأخذوا الزجاجة منه، وصبوا ما بقى فيها على جسمه.
وفى اليوم نفسه، هاجم الأهالى طبيبًا إنجليزيًا فى باب الشعرية، وكسروا ذراع أحد مساعديه لأنه أتلف طعامهم، وفعل أهالى بولاق الشىء نفسه فى طبيب ثالث.
ويفسر عيسى ذلك بقوله، إن تصرفات الناس لم تكن تخلفًا أو رفضًا للعلاج، لكنهم وهم يواجهون الموت بالوباء أو بالجوع كانوا يعون أن الاحتلال هو الكوليرا الحقيقية.
ويقول عيسى، إن الهوامش كانت صلاة فى معبد مصر الشعب، موضحًا أن هذه المجموعة كانت فى النهاية صلاة صوفية فى معبدالأم الشجاعة التى تعلمنا على يديها الحب والصبر والكبرياء.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك