على الرغم من معاناة القطاع المصرفى العالمى وسط تحديات ضخمة جراء الأزمات المالية التى كبدت البنوك خسائر كبيرة ودفعت بعضها إلى بيع وحداتها فى عدد من الدول، غير أن الأمر كان مغايرا على الساحة الإفريقية التى رأى خبراء أن قطاعات مصرفية فى عدد من الدول الإفريقية أبلت بلاء حسنا وحققت نتائج مشهودة على صعيد معدلات النمو والربحية التى حققت فى بعضها ضعف متوسط المعدلات العالمية.
وكشف التقرير من شركة «ماكنزى» العالمية للاستشارات أن قطاع المصارف الإفريقية حقق ثانى أسرع نمو بين قطاعات البنوك على مستوى العالم بأسره.
وصنفت البنوك الإفريقية إلى أربعة نماذج من يأتى فى صدارتها نموذج «سوق المصارف الناضجة» التى تتمتع بنصيب معتبر من الدخل، ولديها مستوى مرتفع من الاختراق المصرفى، ونمو فى إيراداتها وربحيتها ومتانة هياكلها المالية، ولفت إلى أن مثل هذه الأسواق يوجد فى مصر وجنوب إفريقيا حيث يرتفع نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى ومعدلات اختراق الأصول المصرفية.
أما النموذج الثانى الذى صنفه «تقرير ماكنزى» فكان أسواق مصارف فى مراحل انتقالية وذات معدلات نمو متسارعة وتتسم بمعدلات اختراق مصرفية متصاعدة على نحو ملفت للأنظار مثلما هو الحال فى غانا وكوت ديفوار وكينيا، وهى أسواق تتميز بانتشار بعض الخدمات المصرفية المبتكرة كالتحويلات المالية عبر الموبايل.
وخص التقريرالذى خرج فى 54 صفحة، النموذج الثالث بمزيد من الإسهاب واصفا إياه بأسواق «المصارف العملاقة النائمة»، وهى سوق موجودة فى نيجيريا وأنجولا، مبينا أن هذه المصارف العملاقة موجودة فى بلدان تعتمد بكثافة على النفط كمصدر للدخل الأمر الذى يدفع القطاع المصرفى إلى الابتعاد عن إقراض القطاعات الإنتاجية الأخرى، فضلا عن تجاهل سوق الإقراض للمستهلكين. وتتسم سوق «العمالقة النائمة» بضآلة معدلات الاختراق المصرفى على الرغم من التنوع الثرى فى الهيكل الديموغرافى للبلاد الذى يحمل آمالا وفرصا هائلة للنمو فى المستقبل.
أما النموذج الرابع الذى تحدث عنه «تقرير ماكنزى» فتمثل فى «الأسواق المصرفية الخاملة» التى شملت بلدانا مثل إثيوبيا وتنزانيا.
وعاد التقرير إلى الحديث عن قطاع المصارف العالمية بنتائجه المحبطة ونموه الضئيل، مبينا أنه خلال السنوات السبع الأخيرة ظل «العائد على حقوق الملكية» ROE للمصارف العالمية محشورا بين هوامش ضيقة للغاية مسجلا ما بين 8 و10 %، وهو مستوى يعتبره خبراء المصارف يعكس كلفة حقوق الملكية نفسها فى قطاع البنوك. بينما يبدو المشهد مغايرا فى القارة الإفريقية، على حد تعبير خبراء «ماكنزى»، ففى بنوك نيجيريا وغيرها من البلدان الإفريقية تنطلق بوادر أمل بأن أسواقها المتسارعة ونمو ربحيتها إلى الضعف تقريبا ستفتح آفاقا واسعة لانتعاش قطاع البنوك فى القارة.
ويرى التقرير أنه «رغم ازدياد حدة المنافسة وتشديد القوانين، فإن هناك مساحة للنمو: فمعدل اختراق المصارف فى إفريقيا يظل عند مستوى 38 % من الناتج المحلى الإجمالى، وهو نصف المتوسط العالمى للبلدان البازغة».
وكشف «تقرير ماكنزى» أنه رغم كل التحديات والتفاوت فإن قطاع المصارف الإفريقية بوجه عام حقق ثانى أسرع نمو بين قطاعات البنوك على مستوى العالم بأسره، مبينا أن الفترة بين 2012 و2017، فإن مجمع إيرادات البنوك الإفريقية نما بمعدل نمو سنوى مركب بلغ 11 % على أساس أسعار الصرف الفورية فى 2017، متوقعا أن تستمر سوق المصارف الإفريقية فى نموها الرائدة بمعدل نمو 5ر8 % خلال السنوات الخمس المقبلة.
وبالنسبة لعموم قارة إفريقيا يقول التقرير «البنوك الإفريقية تواجه فيضا من التحديات، بما فيها انخفاض مستويات الدخل فى الكثير من الدول، وشيوع استخدام النقود فى التداول داخل معظم الاقتصادات، والافتقار إلى تغطية مكاتب الائتمان، غير أن بعض البنوك تمكنت بالفعل من التقاط الفرص المرتبطة بتلك التحديات، فقد استثمرت على سبيل المثال، انتشار خدمات الهواتف المحمول وارتفاع نسبة تغطياتها لتتمكن من تقديم عروض زهيدة السعر ونماذج توزيع مبتكرة ومتطورة».