حفلات يومية لكبار المغنيين، وأفلام عربية وأجنبية تملأ قاعات السينما، أما الدوري المصري ففي أفضل حالاته، عاد أخيرا ليلعب لأول مرة بعد النكسة، بعد توقف وتعثر دام لما يقرب من 6 سنوات، ليشاء القدر أن يعود في عام الحرب، وأن يتم إذاعة بيان النصر من داخل الاستاد.
هذه كانت أجواء البلاد التي تستعد للحرب خلال أيام قليلة، حيث استطاعت حكومة السادات أن تطوّع الفن والرياضة لخدمة خطة الخداع الاستراتيجي لحرب أكتوبر المجيدة، وذلك بالدفع بالعديد من الأفلام التجارية والكوميدية، واشتعال المنافسة الرياضية بين الفرق، لينشغل الشعب المصري، ويرى العالم من خلال الإعلام والرياضة، أن هذه البلد تريد لعب الكرة، والضحك على الأفلام، ولا تفكر في الحرب أبدا.
وفيما يلي، نرصد ماذا كان يشاهد المصريون؟ ومن كان متصدر الدوري المصري آنذاك؟ وذلك من خلال استعراض أخبار شهر سبتمبر لعام 1973م، بالأعداد الصادرة عن جريدة "الأخبار".
• الحياة الفنية.. ضحك ولعب وحب
نافس الإسماعيلي بطل كينيا في كأس أندية إفريقيا لعام 1973م، وقد تمكنت بعثة الإسماعيلي من تحقيق التعادل مع فريق "وبروريز" الكيني بقيادة كابتن علي أبو جريشة، وعادوا إلى مصر قادمين من نيروبي، آملين في اقتناص 3 نقاط بعد هزيمة الفريق الكيني في مباراته التي ستقام على أرض مصر في 14 سبتمبر لعام 1973م، أي قبل حرب أكتوبر بـ3 أسابيع فقط.
أما في الدوري المصري، فقد لعبت الفرق المصرية الكرة بضراوة، بعد فقدانهم لفرصة اللعب في الدوري منذ النكسة في عام 1967م، فقد هزم الزمالك منتخب السويس، بحسب وصف جريدة "الأخبار"، بينما هزم الإسماعيلي القنال، في حين هزم الأهلي طنطا.
لكن وصفت "الأخبار" مباراة الزمالك والمحلة على أنها "أقوى مباريات الدوري المصري"، وقد كانت تذاكر مباريات الدوري المصري التي كانت تلعب في الـ4:30 عصرا، تتراوح بين 20 و50 و125 قرشا.
ظل الدوري يلعب بحماس، وواصل غزل المحلة تصدر ترتيب أندية الدوري الممتاز متفوقًا على الأهلي والزمالك والإسماعيلي -حامل اللقب آنذاك- حتى جاءت المباراة الحاسمة أمام البلاستيك حينما كان الزمالك يحتاج لنقطة وحيدة، بينما يحتاج المحلاوية للفوز.
وفي المباراة الفاصلة، ازدحمت شوارع القاهرة بالمحلاوية القادمين من الدلتا على متن القطارات لمؤازرة غزل المحلة في مباراة تحقيق المعجزة، وتحركوا سيرًا على الأقدام من محطة رمسيس وحتى ملعب مباراة البلاستيك، في ملحمة لم تشهدها كرة القدم المصرية من قبل سوى خلال فوز الإسماعيلي ببطولة إفريقيا أمام الإنجلبير في 1967.
حقق غزل المحلة الفوز المنتظر، وأغلقت جماهير المحلة شوارع المحروسة احتفالاً بالإنجاز التاريخي، الذي رسم البسمة على وجوههم رغم قسوة سنوات الانكسار تحضيرًا للحرب المجيدة.
احتل غزل المحلة صدارة دوري 1972/73 بنهايته برصيد 33 نقطة، وبفارق نقطة وحيدة عن الزمالك الوصيف، بعدما قدم لاعبو قلعة الفلاحين موسمًا للتاريخ تغنت به الصحافة المصرية، وكان العنوان الأبرز "الفلاحين غلبوا البندر".
دخل غزل المحلة الموسم التالي 1973/74 بمعنويات مرتفعة باعتباره بطل الدوري، وحاول الجيل الذهبي الحفاظ على لقبه وانطلق الموسم وتحددت الساعة 2:30 ظهر يوم 6 أكتوبر عام 1973 لمباراة غزل المحلة والطيران على ملعب الفلاحين، وانطلقت المباراة في موعدها ببداية ساخنة.
تقدم الطيران بهدف، وتعادل عمر عبدالله لغزل المحلة بعد 5 دقائق فقط، وقبل أن تنتهي المباراة فوجئ الجميع بهتافات "الله أكبر" تتعالى من المدرجات بعد أن أعلنت القوات المسلحة المصرية بيانها الأول بعبور القناة وبدء الحرب المجيدة.
أنهى الحكم اللقاء فور إذاعة بيان القوات المسلحة، ورقص لاعبو غزل المحلة فرحًا بأنباء العبور والنصر المنتظر، واحتفلوا مع الجماهير على أرض قلعة الفلاحين.