كان وأصبح (2) دار الأوبرا الخديوية.. أسطورة التهمتها النيران - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 1:52 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كان وأصبح (2) دار الأوبرا الخديوية.. أسطورة التهمتها النيران

إنجي عبدالوهاب
نشر في: الثلاثاء 7 مايو 2019 - 9:07 م | آخر تحديث: الثلاثاء 7 مايو 2019 - 9:07 م

لا ينفصل تاريخ الفنون عمارة وتصويرًا ونحتًا عن السياسة والاجتماع والاقتصاد، ولا تقتصر قيمته على الجمال والإبداع والاحتراف، بل هي شهادة حية على أيام خلت وأحداث مضت وشخصيات كان يمكن أن تتوه في غياهب النسيان.

وفي سلسلتنا الجديدة «كان وأصبح» التي ننشر حلقاتها على مدار شهر رمضان، نعرض نماذج لحكايات منشآت معمارية أو قطع آثرية مصرية تنتمي لعصور مختلفة، تسببت التحولات السياسية والاجتماعية في تغيير تاريخها، أو إخفاء معالمها، أو تدميرها بالكامل، لتخبو بعدما كانت ملء السمع والبصر.

وتنشر الحلقة الجديدة من هذه السلسلة يومياً في الثامنة مساءً بتوقيت القاهرة.

كانت دار الأوبرا الخديوية التي افتتحها الخديو إسماعيل عام 1869 تقع بين حي الأزبكية وحي الإسماعيلية «ميدان التحرير حاليًا»، لكن اليوم لم يتبق من أولى أوبرات إفريقيا والشرق الأوسط اليوم سوى اسم الميدان التي بنيت عليه، وظل يحمل اسمها كشاهد على هذا المبنى الفريد الذي ألتهمت النيران أركانه؛ قبل أن يحل محله لاحقًا، «جراج متعدد الطوابق» سمي بـ«جراج العتبة».

قصة المبنى العريق قبل احتراقه
مزجت تصميمات مبنى دار الأوبرا الخديوية المدشن بالكامل من خشب الأرز اللبناني، بين طرز الـ«الروكوكو» و«الباروك» إذ أسند الخديو إسماعيل تصميمها إلى الإيطاليين، بيترو وأفوسكاني وروسي في نوفمبر1867، واستغرق بناؤها نحو 6 أشهر، وشيدتها أيادي مصرية بتكلفة بلغت مليونًا وستمائة ألف جنيهًا.

تكون المبنى من 3 طوابق، ومسرح يتسع لـ850 متفرج خصص الطابق الأول به للتدريبات، وغرف الممثلين والثاني لورش صناعة الديكورات والملابس والثالث لحفظ والأدوات المسرحية.

زوجة نابليون وعاهل النمسا يحضرون الافتتاح
لفت افتتاح دار الأوبرا الخديوية في 1 نوفمبر 1869 أنظار العالم كأول دار أوبرا في أفريقيا والشرق الأوسط، وحضره، برفقة الخديو إسماعيل، عدد من رواد الفن والسياسة حول العالم كان ضمنهم الامبراطورة أوجيني دي مونتيخو، زوجة الامبراطور نابليون الثالث، والامبراطور فرانسو جوزيف عاهل النمسا، وولى عهد روسيا.

يوم حزين
ظل مبنى دار الأوبرا الخديوية صرحا ثقافيا لمدة 102 سنة، وزارته نخب من عظماء الغناء الأوبرالي الإنجليز والفرنسيين والروس قبل احتراقه واستقبل مسرحها رواد فن الأوبرا الكلاسيكية العالمية، فعرضت عليه أوبرا"ريجوليتو" للمؤلف جوزيبي فريدي وأوبرا "سميراميس" لمؤلفها روسيني، التي عرضت في 19 فبراير 1970.

وفي فجر يوم 28 أكتوبر عام 1971، استيقظت القاهرة على الحزن واتشحت الأوساط الفنية والثقافية بها بسواد دخان احتراق مبنى دار الأوبرا الخديوية الذي تهاوت أجزاءه واحد تلو الآخر جراء حريق هائل نشب واستمر لنحو 6 ساعات.
ولم يتبق من الأوبرا الخديوية، سوى مجموعة صور فوتوغرافية، وتمثالا «الرخاء» و«نهضة الفنون» اللذان انتقلا عقب الحريق إلي حديقة مسرح الطليعة قبل أن يستقرا في مكانهما الحالي بدار الأوبرا المدشنة حديثًا في عام 1988.

أوبرا عايدة .. أسطورة الأوبرا الخديوية الخالدة
كما اهتم الخديو إسماعيل بمبنى الأوبرا وجعله محاكي للاوبرات العالمية، كلف عالم المصريات الفرنسي، وأول مدير لمصلحة الآثار، أوجست فردينان فرانسوا مارييت، الشهير بـمارييت باشا، بترشيح قصة من التاريخ المصري تصلح نواة لأوبرا مصرية خالصة ، فكانت «أوبرا عايدة»، التي استلهم مارييت باشا، أحداثها من تاريخ مصر القديم دون التقيد بفترة بعينها، وأصر على تسميتها بهذا الاسم المصري الخالص، حتى يعبر عن هوية مصر الفنية المستقلة، بحسبما أورده الكاتب والمؤرخ الفرنسي، روبير سوليه في كتابه، "مصر ولع فرنسي".

وبحسب سوليه، وقع مارييت باشا، بالنيابة عن الخديو إسماعيل عقدًا مع المايسترو فيردي لتلحينها في 29 يوليو عام 1870، مقابل 150 ألف فرنك فرنسي بالذهب.

وارتبطت الأوبرا الخديوبة ارتباطا وثيقًا بـ«أوبرا عايدة» لكونها ألفت خصيصًا لتعرض في افتتاحها لكنها عُرضت بها لأول مرة في 24 ديسمبر عام 1871، بقيادة المايسترو الإيطالي الشهير جاكومو بوتشيني، وبعدما حققت نجاحا غير متوقع، عرضت في2 فبرايرعام 1872 في أوبرا «لاسكالا» الإيطالية، أحد أعرق دور الأوبرا في العالم، بحسبما أوردته الكاتبة ياسمين فراج، في كتابها المعنون بـ " الغناء والسياسة في تاريخ مصر".

واستمر تقديم أوبرا عايدة سنويا على مسرح دار الأوبرا الخديوية لنحو مائة عام، حتى احترق المبنى بالكامل عام1971، كما ظلت أسطورة «أوبرا عايدة» خالدة رغم احتراق المبنى الذي دشن لتعرض في احفتتاحه؛ فعرضت في منطقة الأهرام، عام 1987، بشاركة 1600 فنان، وحضور 27 ألف متفلرج، على مسرح بلغت مساحته 4300 متر مربع ، كما قُدمت أمام معبد حتشبسوت في الدير البحري بالأقصر متخذة من عمارة المعبد خلفية لها، في العام 1994.

ظلت أسباب الحريق الذي شب في مبنى دار الأوبرا الخديوية، في الرابعة فجرًا، واستمر لنحو 6 ساعات، لغزًا لم يستطع أحدًا من المؤرخين تقديم حله، وتضاربت الروايات حوله رغم أن التحقيقات المطولة انتهت إلى أن السبب وراءه "ماس كهربائي".

وغداً حكاية جديدة...



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك