رجال دين: تزوير الكتب أكل لأموال الناس بالباطل ومعصية يشترك فيها من يشترون النسخ المزورة - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 12:46 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رجال دين: تزوير الكتب أكل لأموال الناس بالباطل ومعصية يشترك فيها من يشترون النسخ المزورة

الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية الدكتور نظير عيّاد
الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية الدكتور نظير عيّاد
كتب ـ أحمد بدراوى:
نشر في: الجمعة 7 مايو 2021 - 10:41 م | آخر تحديث: الجمعة 7 مايو 2021 - 10:42 م
ــ أمين البحوث الإسلامية: إعادةٌ طبع كتابٍ سرقةٌ ومعصيةٌ واعتداءٌ يُوجب مصادرة النسخ وتعويض المؤلف
ــ أمين دار الإفتاء المصرية: التجرؤ على ملكيات الناس الفكرية استباحة لما حرم الله
ــ على جمعة فى رد على خطاب «اتحاد الناشرين المصريين» منذ 11 عامًا: نشر الكتب إلكترونية بدون علم أصحابها تعدٍ وتضييع لحقوق أصحابها
ــ نائب بطريركية الأقباط الكاثوليك: الاعتداءُ على حقوق الملكية اختلاسٌ فكرىٌ
ــ إكرام لمعى: فعل مرفوض يمارسه لصوص لا يعرفون شيئًا عن القراءة
ــ مدير دار الثقافة الإنجيلية: تطوع شخص ما برفع كتاب على الإنترنت هو سرقة لمجهود الغير وليست فعلًا خيريًّا

فى الأسابيع الماضية نشرت «الشروق» ملفا واسعا، على مدى أكثر من شهرين، حول حقوق الملكية الفكرية وكيف أن تزوير الكتب يهدد صناعة النشر بأكملها، ويضرب بقوة فى القوى الناعمة لمصر، ونشرنا مناشدات كثيرة من ناشرين وكتّاب وقانونيين لوقف عمليات التزوير الكبرى التى تنتشر فى ظاهرة تقضى بدون مبالغة على حركة التأليف والنشر فى مصر والعالم العربى.
وهنا يرى علماء دين إسلامى ومسيحى أن تزوير كتب المؤلفين وطباعة نسخ أخرى منها دون موافقة دور النشر المالكة للكتاب، أو نشره بصيغة «بى دى إف» عبر الانترنت، يعد أكلًا لأموال الناس بالباطل، وهو سرقة وجريمة وخطيئة ومعصية، يشترك فيها من يشترى تلك النسخ، بمساعدة الناشر المزور على الاستمرار فى أفعاله، مادام يلقى رواجًا لها بين الناس. كما اتفقت المؤسستان الدينيتان فى مصر، الأزهر والكنيسة، على اعتبار تزوير الكتب جريمة ومعصية.
ويقول الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية الدكتور نظير عيّاد: «إن الراجح شرعا هو أن للمؤلف حقا ماليا على مؤلَّفه، وقد أفتت بذلك المجامع الفقهية، فاعتبرت أن العلامة التجارية، وبراءة الاختراع، وحق المؤلف من الحقوق المالية، ذلك أن حقيقة المال عند كثير من الفقهاء هو ما يتمول عرفا، بمعنى أن له قيمة مالية وفق عرف الناس، فيباع ويشترى، وبناء عليه يعتبر إعادة طبع الكتاب أو تصويره اعتداء على حق المؤلف، أى أنه معصية موجبة للإثم شرعًا، وسرقة موجبة لضمان حق المؤلف فى مصادرة النسخ المطبوعة عدوانًا وظلمًا، وتعويضه عن الضرر الأدبى الذى أصابه».
وأضاف فى رد مفصل على أسئلة «الشروق»، «أن ذلك، يحدث سواء كُتب على النسخ المطبوعة عبارة: (حق التأليف محفوظ للمؤلف) أم لا، لأن العرف والقانون السائد اعتبر هذا الحق من جملة الحقوق الشخصية، والمنافع تعد من الأموال المتقوسة فى رأى جمهور الفقهاء غير الحنفية، لأن الأشياء أو الأعيان تقصد لمنافعها لا لذواتها، والغرض الأظهر من جميع الأموال هو منفعتها كما قال شيخ الإسلام عز الدين بن عبدالسلام. بل إن متأخرى الحنفية أفتوا بضمان منافع المغصوب فى ثلاثة أشياء: المال الموقوف، ومال اليتيم، والمال المُعَدّ للاستغلال».
وذكر عيّاد: «أنه إذا وقع اعتداء على مصنف ما طباعة أو تصويرا، فإن عرضه للبيع للجمهور يوجب على الناس عدم الإقدام على شرائه، لأن ذلك من باب التعاون على الإثم والعدوان المنهى عنه شرعا».
وشدد عيّاد، «على أن تذرّع بعض الناشرين بأنهم فى إعادة الطبع أو التصوير إنما ينشرون العلم ويخدمون المؤلّف هو تحايل شيطانى وذريعة فاسدة، لأن الحرام لا يكون ولا يصح بحال طريقا للحلال، ويُبطل زعمَهم، أنهم لولا قصد الربح المادى المنتظر من وراء شهرة كتاب انتشر تداوله لما أقدموا على الطبع أو التصوير».
وعن علاج هذا الخلل الأخلاقى قال: «هذا الخلل مرجعه قلة التوعية، وقصور فى تعليم الناس الحلال والحرام، وتوغل قيم واردة على المجتمع تشيع الرغبة فى الثراء دون سبب، بأخذ أموال الناس بالباطل، فضلا عن ضرورة وجود قوانين رادعة للمخالف».
وقال أمين عام الفتوى بدار الإفتاء المصرية الدكتور خالد عمران، إن الله يقول فى كتابه العزيز: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ۚ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا» (29) ــ سورة النساء، والتجرؤ على ملكيات الناس الفكرية هو نوع من أنواع أكل أموال الناس بالباطل، واعتداء على حقوق الناس الإبداعية.
وأضاف لـ«الشروق»: «وبعض الناس للأسف يخلطون بين نشر العلم، وبين التجرؤ على حقوق الناس، وهذا الذى يحدث ليس من باب نشر العلم، فالحقوق مصونة، وخاصة حقوق الإبداع والحقوق الفكرية، والتجرؤ على حقوق الناس ليس من نشر العلم، بل فى الحقيقة هو استباحة لما حرم الله».
وأوضح: «الدين قرر أنه لا يجوز الاعتداء على الملكية الفكرية للآخرين، لأن حفظ الملكية وحفظ الأفكار وحفظ الإبداع هذا مقصد شرعى تستقيم به الأمور، وإلا إذا صارت الأفكار والملكيات الفكرية مشاعًا ومستباحة سيؤدى إلى مفاسد كبيرة، وهذا هو ما استقرت عليه دار الإفتاء المصرية وقرارات المجامع الفقهية».
واستطرد: «علينا أن نربى أنفسنا وأبناءنا على احترام ملكيات الآخرين، وحينها لن يستغرب الناس حينها أن نقول لهم صونوا ملكيات الناس الفكرية».
ومنذ 11 عاما، حصل اتحاد الناشرين المصريين على خطاب رسمى من دار الإفتاء المصرية، فى وقت تولى الدكتور على جمعة منصب مفتى الجمهورية.
ويقول جمعة فى فتواه ــ ويشغل الآن منصب عضو هيئة كبار العلماء ورئيس اللجنة الدينية فى مجلس النواب ــ إن دار الإفتاء المصرية حرمت نشر الكتب على المواقع الإلكترونية مجانًا دون موافقة من صاحب الكتاب ودار النشر الصادر عنها الكتاب، مضيفًا أن نشر الكتب إلكترونية بدون علم أصحابها تعدٍ على الحقوق الملكية الفكرية، وتضييع لحقوق أصحابها وأكل لأموالهم بالباطل.

ويقول النائب البطريركى لشئون إيبارشية بطريركية الإسكندرية للأقباط الكاثوليك والمتحدث الرسمى للكنيسة الكاثوليكية فى مصر الأنبا باخوم، إن الاعتداء على حقوق الملكية الفكرية يعد من طرق الاختلاس الفكرى، ونعتبرها خطيئة، ولها قوانين مدنية تحكمها، مضيفًا فى تصريحات خاصة لـ«الشروق»: «هناك خلل أخلاقى إن لم يشعر الشخص المرتكب لتلك الخطيئة بالذنب، ومهم جدًا التوعية الدينية وشرح الأمور للناس أن تلك الحقوق هى حقوق ملكية خاصة، مثل ملكية المنزل والمال هناك ملك الفكر».
ويقول رئيس مجلس الإعلام والنشر بالكنيسة الإنجيلية بمصر وأستاذ مقارنة الأديان، الدكتور القس إكرام لمعى، إن المسيحية ترى من خلال الكتب المقدسة أن هذا السلوك هو سرقة، أى أن تسرق نقود شخص أو جهده، وهو أمر أكثر جرمًا حتى من سرقة النقود، لأن من يفعل ذلك يسرق جهد مؤلف مكث سنوات فى تأليف كتابه واستعان بمراجع لإثبات فكرته، والسرقة هنا كأنك تسرق مجهود سنوات.
وأضاف لـ«الشروق»: «البعض ينشر تلك الكتب بدافع تنوير الناس وأنه يقدم خدمة إنسانية للناس، التنوير لا يبرر هذا الفعل المرفوض فى الفكر المسيحى، والتنوير لا يمكن أن يكون مجانيًا، من حق المؤلف أن يحصل على عائد مادى لمجهوده».
وأكد: «المؤلف يبذل وقتا وجهدا وعملا، وقد يدفع نقودا للحصول على مراجع معينة أو كتب، لتوصيل فكره للآخرين، وهو يبذل النفس والنفيس عشان ينشر فكره الذى لا يقدر بثمنه، فيأتى آخرون ويسرقون جهده بنشره دون إذنه، ومن يفعلون ذلك بسرقة حقوق المؤلف ودار النشر بالأساس مجموعة من اللصوص لا يعرفون شيئًا عن القراءة، ويهدفون فقط إلى المتاجرة عبر نسخ شعبية من أجل الربح المادى فقط».
واعتبر لمعى، أن الذى يقوم بالتزوير والمشترى لتلك الكتب المزورة شريكان فى الجريمة، لأن المشترى حين يعلم أن هناك نسخة أصلية وأن النسخ التى يقع عليها مزورة، عليه ألا يشترى النسخ المزورة لتوفير نقوده، لأنه بذلك يساعد اللص فى نجاح واستمرار عملية السرقة، ومثله مثل الذى يشترى النسخة الأصلية وينشرها بصيغة «بى دى إف»، والقانون المصرى يضع من سهل السرقة فى مرتبة أقرب للسارق.
وعن دور الكنيسة فى مواجهة ظاهرة تزوير الكتب قال لمعى: «هناك فى الكنيسة كتب لاهوتية، وكتب طقس، وكتب للتفسير للكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، وكتب بحثية تصدر من اللاهوتيين والقساوسة، وهم أيضًا كتبهم تعرضت للنشر عبر الانترنت أو طباعة نسخ منها دون إذن منهم، وما يحدث فى الكتب العلمية والأدبية والعلمانية، يحدث أيضًا فى الكتب اللاهوتية، وهو أشد جرمًا حين يحدث للكتب الدينية، إذ هو إهدار لجهود بحثية مهمة وشديدة، خاصة كتب الفلسفة اللاهوتية، التى بحاجة إلى ترجمة، خاصة وأن اللاهوتى حتى ينشر كتابًا يبذل مجهودا خرافيا، ليأتى أحدهم ويسرق جهده بذريعة تثقيف الناس دينيًا.
واستطرد: «الحقيقة أن هذه عملية غير شريفة بالمرة، وغير دينية، وتضيع حقوق العلماء، وتعرضهم للإحباط ما يجعلهم يفكرون فى التوقف عن النشر والكتابة بما يمثل خسارة كبيرة للفكر والعلم».
وضرب لمعى مثالًا بالكنائس فى الغرب وقال: «هناك يعطون منحًا للمؤلفين، ونجد الكنيسة تجمع أموالًا لتساعد على صدور كتاب معين لشخص لاهوتى، ويشجعون الناس على تأليف الكتب اللاهوتية».
ومضى: «ليس لدينا وعى فى مصر، ومن ينشر كتابا لاهوتيا أو تفسيرا، يقل له وزعه مجانًا، وهذا لىٌّ لعنق الحقيقة».
وأوضح: «هناك محاولات كنسية ومدنية تتم لمواجهة التزوير والسرقة للملكيات الفكرية لكن هذا التيار شديد جدًا، وهناك من يشجعه، والأمر بحاجة لتدخل من الدولة لكنها لا تتدخل فى الأمر، والبعض يعتبر الحديث عن تلك الحقوق نوعا من الرفاهية».
وذكر: «نحن بإزاء خلل أخلاقى ودينى، فى فهم النصوص المقدسة، عن طريق لى عنق النص، وتطبيقه على أمور خاطئة، وتطبيقها على الثقافة، والتشريعات جيدة لكن تشديد التشريعات لم يردع السارق عن السرقة، هناك دور مهم للتوعية فى الكنيسة والمسجد، أن يقال للناس إن ما يحدث هو خطيئة ضد الله، وسرقة جهود الناس لا تقل عن سرقة الذهب والفضة، والأهم من عمل قوانين هو التوعية، لأن الناس يتفننون فى إيجاد حيل للتهرب من القانون، لكن فى الدين ما يحدث خطيئة وإثم، والله لا يرضى عن ذلك، أن يسرق أحدهم جهد الناس».
وأكد: «التوعية مهمة من خلال التليفزيون والإذاعة والصحافة والمدارس، أن يتربى الطلاب فى المدرسة على قيمة الكلمة وأنها غالية جدًا، وأنهم حين يجدون كتبهم المدرسية مباعة على الأرصفة بثمن رخيص يتأكدوا أن هذا خطأ وسرقة، وأنه يمكن فقط بيع نسخ رخيصة حين يمول رجال الأعمال تلك الكتب لدعم تعليم الطلاب غير القادرين».
وتقول مدير دار الثقافة التابعة للهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية، أمانى لطيف، إن صناعة النشر مكلفة للغاية، وفكرة التعدى على حقوق كل القائمين على الصناعة تعد سرقة، ويعلمنا الكتاب المقدس أن أى فعل من شأنه التعدى على ملكية الغير هو سرقة، والشخص الذى يقوم بشراء النسخة المُزورة يساعد بشكل مباشر فى عملية التزوير، فلو لم يجد المزور من يشترى نسخه، لما قام بفعلته من الأساس.
وأضافت لـ«الشروق»: «أعتقد أن دور الكنيسة يجب أن يتمثل فى التوعية وأن يكون القادة الدينيون قدوةً فى رفض بيع كتب مزورة أو تحميلها من على الإنترنت أو رفعها، ومن الممكن إذا كانت قادرة أن تتيح الكتب بسعر مناسب لغير القادر، أو تتيحها من خلال مكتبة للاستعارة مثلًا».
واعتبرت لطيف، أن الحديث عن نية الخير فى نشر الكتب، يمثل خلطًا للأوراق وتلفيقًا غير لائق، هل يمكن أن يتصدق شخصٌ ما أو ينفق فى عمل الخير من مال غيره؟ بالطبع لا، وفكرة أن يتطوع شخص ما برفع الكتاب على الإنترنت هى سرقة لمجهود الغير وعدم أمانة، وليست فعلًا خيريًّا.
وأكدت فى تصريحاتها، أننا فى مجتمع، للأسف، لم يتعلم قيمة حقوق الملكية الفكرية، ولا أتحدث هنا على الكتب فقط، فالمواد المُقرصَنة تملأ أجهزة جميع المصريين، ولكى نعالجه عينا أن نبدأ بالتوعية، للصغير قبل الكبير، بأن ما يفعلونه جُرم لا يقل عن أى سرقة.
وذكرت، أنه يجب أن تكون التشريعات الخاصة بمنع تداول الكتب المزورة أو نشرها عبر الإنترنت أكثر فاعلية، فعلى سبيل المثال، «نحن فى دار الثقافة الإنجيلية، قدمنا بلاغًا ضد أحد المواقع التى تقوم بنشر كتبنا، ولكننا لم نصل لأى شيء لصعوبة ملاحقة هؤلاء الأشخاص لأنهم خارج مصر».


قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك