كورونا يعيد الاعتبار للحدود الجغرافية ويضع آمال الشعبويين على المحك - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 3:57 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كورونا يعيد الاعتبار للحدود الجغرافية ويضع آمال الشعبويين على المحك

واشنطن - د ب أ:
نشر في: الخميس 9 أبريل 2020 - 1:06 م | آخر تحديث: الخميس 9 أبريل 2020 - 1:06 م

مهدت الأزمة الاقتصادية العالمية الأخيرة طريق البعض إلى السلطة، ومع تفشي فيروس كورونا المستجد المسبب لمرض (كوفيد 19) في العالم منذ أكثر من 3 أشهر، يتبادر إلى الذهن سؤال عما إذا كانت هذه الأزمة الجديدة ستضعف سيطرة هؤلاء علي السلطة.

وذكرت وكالة بلومبرج للأنباء في تقرير لها حول الوضع الجديد الذي يواجهه عالم اليوم، أن تداعيات الانهيار المالي لعام 2008، أفرزت زلزالا انتخابيا قلب السياسات الحزبية في عالم ما بعد الحرب، وجاءت سلالة جديدة من الشعبويين إلى الحكم وحولت موازين القوى العالمية عن أمريكا باتجاه الصين. وربما يكون لأزمة كورونا نفس التأثير.

ولكن من السابق لأوانه التكهن بالحكومات التي ستعاني سياسيا من تعاملها مع الفيروس الشرس، حيث يستمر ارتفاع عدد الوفيات، ويظل ربع سكان العالم في حالة إغلاق. ومن غير الواضح معرفة تأثير كورونا على رؤساء مثل دونالد ترامب في أمريكا أو جاير بولسونارو في البرازيل، أو زعيم المعارضة الإيطالية ماتيو سالفيني.

كذلك ليس من الواضح ما إذا كانت الصين ستنجح أو تفشل في تحويل مرض، يبدو أنه بدأ رحلته من مقاطعة هوبي إلى جميع أنحاء العالم، إلى فرصة جيوسياسية، حيث تنقل فرقا طبية وإمدادات من الأقنعة ومعدات أخرى لتلميع صورتها في دول مثل إيران وإيطاليا.

ولكن ما هو واضح بالفعل هو أنه بالنسبة للقادة الشعبويين الذين يسعون جاهدين من أجل تصوير بلادهم على أنها واقعة تحت الحصار، يثبت فيروس كورونا أنه يمثل تحديا، هذه المرة العدو غير مرئي لا يتناسب بسهولة مع الرواية البسيطة لمناهضة النخبة أو المهاجرين أو العلم والتي أثبتت أنها مثمرة سياسياً من قبل.

ويقول الطبيب آهن تشول سو، وهو مرشح سابق لرئاسة كوريا الجنوبية، إن فيروس كورونا لا يخلق فقط اختبارًا داروينًيا يكشف عن أى الأنظمة والمجتمعات أقدر على التأقلم مع الوضع، بل سيزيد من عدد المواطنين الذين يؤكدون على أهمية دعم القرارات السياسية بالحقيقة.

ويضيف آهن، الذي شكل مجموعة سياسية تفرض تحديا في الانتخابات البرلمانية في 15 أبريل: "سيساعد ذلك في نهاية المطاف على بناء مشهد سياسي لا تتأثر فيه الجماهير بالشعبوية. وهذا سيجعل الشعبويين يخسرون الأرض في نهاية المطاف".

في الوقت نفسه، سعى بعض القادة إلى الاستفادة من عدم الارتياح على نطاق واسع الناجمة عن انتشار فيروس كورونا عبر الكرة الأرضية المترابطة بشدة بفضل سرعة الطائرات الحديثة. لقد أجبر الفيروس الشرس، حتى الحكومات التي تفضل العولمة، على وقف حركة السفر وتعطيل سلاسل الإمداد.

بعد رفض شدة الجائحة في البداية، غرد ترامب بأن "هذا هو سبب حاجتنا إلى الحدود!"، وأشار إلى فيروس كورونا على أنه "صيني" قبل التراجع عن موقفه.

في المجر، ركز رئيس الوزراء فيكتور أوربان في البداية الغضب الشعبي على مجموعة من الطلاب الإيرانيين الذين تم عزلهم، وأظهرت نتيجة فحصهم في وقت لاحق أنها إيجابية. ومع انتشار الفيروس في المجتمع بشكل أوسع نطاقا، تخلى أوربان عن موقفه المناهض للمهاجرين الذي ساعده على الفوز في انتخابات ثالثة على التوالي في عام 2018.

وربط سالفيني، زعيم حزب الرابطة الذي يضرب بجذوره في شمال إيطاليا الأكثر تضررا من فيروس كورونا، انتشار المرض بالمهاجرين الذين عبروا البحر الأبيض المتوسط إلى إيطاليا من شمال إفريقيا، ولكنه لم يقدم أي دليل يعزز رؤيته.

وقال مسؤول في حزب الرابطة إن حكام الأقاليم في شمال إيطالي طلبوا في أوائل فبراير فرض الحجر الصحي على كل القادمين من الصين، مشيرا إلى أن هذه الجائحة انفجرت بسبب عدم تصرف حكومة روما بالسرعة الكافية. وقال المسئول إن الرابطة تعتقد أنه يجب إجراء المزيد من عمليات الفحص للأشخاص الذين يصلون من خارج إيطاليا.

وصور سالفيني، وهو وزير داخلية سابق، رئيس الوزراء جوزيبي كونتي على أنه لا يفعل إلا القليل وببطء لمكافحة فيروس كورونا، بينما يتهمه في الوقت نفسه بفرض قرارات نخبوية دون استشارة البرلمان. غير أن أي من هذه الحجج لم تكتسب زخمًا حتى الآن، في بلد يكافح للتعامل مع ما أصبح بسرعة أكبر تفش للمرض في العالم.

وبدلا من ذلك، يحتشد الإيطاليون خلف مؤسساتهم في حالة الطوارئ. وساهمت سياسة كونتي بفرض أكثر حالات الإغلاق صرامة حتى الآن، في تسجيل شعبية حكومته رقما قياسيا وصل إلى دعم 71% من الإيطاليين لها في مارس.

يبدو أن هناك ديناميكية مماثلة تتكشف في ألمانيا. تعرضت المستشارة أنجيلا ميركل وحزبها الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحاصر بالمشاكل لأضرار بالغة في الانتخابات، بسبب موجة اللاجئين الذين فروا إلى ألمانيا هربا من الحرب السورية في 2015-2016.

وهم يشهدون الآن ارتفاع مستوى شعبيتهم على خلفية استجابتهم لفيروس كورونا. وأظهر استطلاع حديث أن دعم الديمقراطيين المسيحيين قد قفز بـ5 نقاط مئوية.

انضم الحزب تقليديا إلى أقرانه الذين يتوخون الحذر من الناحية المالية مثل الجمهوريين الأمريكيين والمحافظين البريطانيين، في التخلي عن الالتزامات الإيديولوجية لخفض عجز الميزانية.

وقال بنجامين موفيت، وهو محاضر بارز في العلوم السياسية بالجامعة الكاثوليكية الأسترالية في ملبورن، ومؤلف كتاب "الشعبوية": "الأزمة الاقتصادية وزيادة الهجرة، هذه أمور يمكنك إلقاء اللوم فيها بسهولة على جماعة أو نخبة سياسية، ولكن الأزمة الحالية بيولوجية، لكي توقفها، لا يمكنك فقط تصريف المستنقع أو منع اللاجئين من القدوم".

في حين أن سالفيني يتمتع برفاهية المعارضة ويواجه في أسوأ الأحوال مخاطر التهميش، تعد المخاطر أكبر بالنسبة لترامب وبولسونارو.

وتعرض الرئيس الأمريكي لهجوم من حكام الولايات لأنه لم يتصرف بالسرعة الكافية لاحتواء (كوفيد-19)، على الرغم من حزمة مساعدات بقيمة 2 تريليون دولار للاقتصاد، وافق عليها الكونجرس. وادعى أن الكنائس ستكون ممتلئة مرة أخرى في عيد الفصح، بعد نحو أسبوعين بقليل. ويوم الخميس، تجاوزت الولايات المتحدة إيطاليا في الحالات، بأكثر من 80 ألفا و700 حالة إصابة، ومن المرجح أن تتجاوز الصين.

وفي البرازيل، أدى إصرار بولسونارو على ضرورة استمرار مظاهر الحياة والعمل كالمعتاد، على الرغم من الفيروس، إلى احتجاجات في المدن الكبرى حيث كان السكان يطلون من نوافذ منازلهم وهم يقرعون الأواني. ويبدو بولسونارو ضعيفا حيث تعرض لضغوط قبل تفشي الوباء، مع انتشار فضيحة حول عائلته وفشل النهضة الاقتصادية الموعودة .

وقال كرومار دي سوزا، الرئيس التنفيذي لمؤسسة دارما للمخاطر السياسية والاستراتيجية في البرازيل: "لقد أزاحت هذه الأزمة الحكومة من مدارها. إن الخصائص التي يتمتع بها والتي كانت تبدو إيجابية، مثل القتال والعناد، ينظر إليها الآن على أنها تحولت إلى عبء ومثار شكوك".

وقلل الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادو، الشعبوي اليساري، من خطورة التهديد الذي يشكله فيروس كورونا، داعيا الشعب إلى "الاستمرار في الخروج مع العائلة لتناول الطعام".

وعلى الرغم من أن عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا محدود نسبيا في المكسيك، أظهر استطلاع عبر الهاتف أجراه مالك صحيفة ريفورما أن 44% من المكسيكيين يرفضون الآن أسلوب تعامل رئيسهم مع تهديد فيروس كورونا، مقابل 37% يقبلون ذلك، ولكن بدا الرئيس المكسيكي يوم الخميس أنه غير من لهجته، عندما دعا الشركات إلى حث عمالها على البقاء في منازلهم.

وفي المملكة المتحدة، طغت الضرورة الملحة المحيطة بكوفيد-19 على الجدل حول شروط خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي، وكذلك على الحديث عن بداية مغازلة رئيس الوزراء بوريس جونسون، الذي يعالج حاليا بعد إصابته بفيروس كورونا، للشعبوية.

وقد عبر جونسون بشكل واضح عن احترامه لخبراء الطب وعلماء الأوبئة في محاولته الأولية لاتخاذ نهج مدروس لمكافحة المرض، وخلال حملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كان هؤلاء الخبراء موضع سخرية متعمدة.

غير أن الفكرة القائلة بأن مكافحة فيروس كورونا ستؤدي إلى استعادة الثقة التي كانت سائدة فيما قبل الأزمة المالية، ربما تكون مجرد أمنية، وفقًا لموفيت. هذا ينطبق بشكل خاص على الولايات المتحدة.

وقال: "الخبرة، فيما يتعلق بفكرة المعرفة المحايدة هذه، لا وجود لها في كثير من العقول، لا يمكنك أن تقضي عقدا من الزمان تجادل بأن تغير المناخ هراء، وأنك لست بحاجة إلى لقاحات، ثم تستدير وتقول في الواقع، نعم نحن بحاجة إلى خبراء".



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك