في ذكرى ميلاده.. كيف جسّد عمر الشريف الواقعية «شابا وكهلا»؟ - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 7:49 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

في ذكرى ميلاده.. كيف جسّد عمر الشريف الواقعية «شابا وكهلا»؟

عمر الشريف
عمر الشريف
محمد حسين
نشر في: الجمعة 10 أبريل 2020 - 6:22 ص | آخر تحديث: الجمعة 10 أبريل 2020 - 6:22 ص

الشناوي: الشريف كان واعياً للنصوص الأدبية.. لذلك نجح في التعبير عن روح العمل
القعيد: بالرغم من اختلاف وجهات النظر.. استطاع تقديم ما رسمته في روايتي بدقة

تمر اليوم الذكرى الـ88 لميلاد الفنان الكبير عمر الشريف، والذي ولد لأسرة غنية ذات أصول شامية، أنجبت طفلًا أظهر بداية تميزه من خلال الرياضة، لكن كان للقدر الدور الأكبر في جذبه للتمثيل؛ فخلال دراسته في فيكتوريا كوليدج وقع عليه الاختيار ليقوم ببطولة مدرسية مع فريق التمثيل بالمدرسة، ليكون التصفيق الذي ناله بعد العرض المسرحية هو الحافز الذي دفعه للدخول إلى التمثيل والاستمرار فيه، ويصبح شغفه الأول، ويمنحه الشريف عطاءه الكبير، ليعطيه الفن في المقابل شهرة واسعة وتقدير كبير من كل عشاق السينما بالعالم .

مع بداية الخمسينيات كان صديق عمر، المخرج يوسف شاهين، يقدمه في أفلامه اعتمادًا على وسامته وجاذبيته؛ لكن ذلك لم يستمر طويلا فمع زيادة الأعمال الفنية، اكتسب الشريف خبرة من مبدعي عصره الذين شاركوه في أعماله، ليبدأ مع الستينيات محطة جديدة معتمداً على نضجه، ليقف أمام كاميرا صلاح أبو سيف، والذي عرف بـ "رائد السينما الواقعية"، وتكون تجربته الصعبة من خلال شخصية معقدة ومركبة كتبها نجيب محفوظ في روايته " بداية ونهاية"، وهي الرواية التي تمثل جزءً هاماً بين أعمال نجيب محفوظ الأدبية، وأسباب تلك الأهمية يوضحها الناقد محمد سليم شوشة لـ"الشروق"، والتي يعتبره الرواية تمثل تأريخاً لأوضاع المجتمع المصري، وتحديدًا الطبقة الوسطى في عهد ما قبل ثورة يوليو 1952، فأفراد أسرة الموظف الذي يفاجئه الموت، يمثلون المجتمع بأسره، وتصرفات كل واحد منهم تمثل اتجاها مجتمعياً، وأبرزهم بطل الصراع "حسانين"، والذي مثل حالة نفسية صعبة بين صفحات الرواية.

تعقيد شخصية حسانين على صفحات الرواية، كان تحدٍ كبير أمام صلاح أبو سيف ليحولها أمام الكاميرا، ما جعل اختيار ممثل لتأدية هذا الدور أمرًا ليس سهلًا؛ ليكون قادر على تجسيد هذا الجانب من الصراع والتعقيد؛ لكنه وفق تماماً حين وقعت عينه على عمر الشريف، فهو كما يصفه الناقد الشناوي لـ"الشروق" أكثر المخرجين تميزاً في (الكاستينج)، "حيث كان تسكين كل ممثل في دوره المناسب مهمة لا يخطئها أبو سيف"، وعن تميز الشريف في تجسيد شخصية حسانين، يري الشناوي أن مرجعها الأول أنه فهم مقصد (نص) نجيب محفوظ الأدبي، وبرع في تجسيد رؤية صلاح أبو سيف في المشاهد المناسبة.

ويوضح الشناوي أن الشخصية لا تمثل شراً مطلقاً كما يرى البعض؛ لكن حسانين كان طموحاً، وإن كان عنيفاً، بفعل الصراع المجتمعي الطبقي، والذي كان يطحن الفقراء وأحلامهم؛ لذا كان تمرد حسانين والذي أصابت نيرانه عائلته الصغيرة؛ فلم يلق بالاً بأن يعتمد على أموال أخيه التي تكسبها من تجارة المخدرات، وما أن تصادم ذلك مع طموحه بالصعود لطبقة اجتماعية جديدة تناسب عمله كضابط، طلب من أخيه أن يبتعد عن طريقه غير المشروع؛ ليواجه حينها فلسفة جديدة مبررة لجرائم أخيه، لينصرف حينها معتمداً على سلاح الهروب.

من أبرز ما ميز سينما صلاح هي تصوير مشاهد "الذروة " والذي يلخص معه كل أحداث عمله الفني، ومشهد الذروة في "بداية ونهاية" سينمائياً كان مختلفًا عن نص رواية نجيب محفوظ؛ فالبطل المتمرد الذي لم يقف أمام عائق كسره منظر أخته وهي بين العاهرات بقسم الشرطة، ليقرر أن يدفعها للموت، ثم ينتحر بعدها، بعد فقده لقدرته علي مواجهة مجتمعه بعد ذلك!

وبعد رحلة طويلة في استوديوهات "هوليوود" كانت عودة عمر الشريف مجدداً للسينما المصرية، بفيلم "المواطن مصري" ليكون شاهداً على آخر أعمال صديقه القديم صلاح أبو سيف، والذي أصر أن يكون بطله في عمل واقعي جديد عن قصة للأديب يوسف القعيد، في روايته "الحرب في بر مصر" التي صدرت في عام 1978؛ لتسرد واقع مصر بعد رحيل جمال عبد الناصر باعتبار أن رحيله صاحب ضياع أحلام وحقوق الفقراء.

ويؤكد يوسف القعيد لـ" الشروق" أن عمر الشريف وجهة نظره الشخصية، تعارض وجهة نظري في تقديم الرواية؛ لأنه كان من أنصار عهد السادات، وكارها للحقبة الناصرية؛ "لكني لا أستطيع نفي تميزه المهني الكبير، في تقديم شخصية العمدة التي رسمتها في روايتي؛ فقد كان حريصاً للغاية علي البحث عن أدق التفصيلات، فمثلا ذهب للعتبة من أجل شراء ملابس الشخصية بنفسه، واختار كل ما يمكن أن يرتديه عمدة قرية في فترة السبعينات، حتي ماركة الساعة والنظارة لم يغفل عنها؛ لذا ظهرت الشخصية بشكل جيد ومرضي لي شخصياً، وإن كنا نختلف معاً في وجهات النظر!".

30 عاماً هم الفارق الزمني بين فيلمي"بداية ونهاية "و "المواطن مصري"، كان لهما التأثير الكبير في كل شيء مجتمعيا وفنيا، وبالرغم من هجرة عمر الشريف السينما المصرية خلال هذه الفترة، إلا أن صلاح أبو سيف ظل متمسكًا به، ليجسد صراع جديد في الداخل الإنساني والتعبير عن تناقضات الشخصية البشرية.

ليكون عمر الشريف معبرًا جيدًا عن الواقعية، كهلا كان أم شاباً، وكما يؤكد طارق الشناوي كان التناول في "المواطن مصري" مختلف عن "بداية ونهاية"، فهي شخصية باب التعاطف معها ضيق للغاية، وإن كانت تشترك في صراع منطقي آخر مثل الطموح وهو غريزة حب الابن؛ لكن رؤية أبو سيف كانت أن تظهر بشكلها المستبد وبدون مشاعر انسانية تدفعنا للتعاطف، ليكون بكاؤنا في المشهد الختامي على الفلاح المقهور وليس علي حسناين الذي قتله طموحه قبل أن ينتحر.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك