سامي شرف يكتب: هل استنزفت ثورة اليمن الاقتصاد المصرى؟ (1- 3) - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 12:42 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سامي شرف يكتب: هل استنزفت ثورة اليمن الاقتصاد المصرى؟ (1- 3)

سامي شرف
سامي شرف

نشر في: الجمعة 10 يوليه 2020 - 9:00 م | آخر تحديث: الجمعة 10 يوليه 2020 - 9:00 م

- التكلفة المالية لحرب اليمن لم تتعد 500 مليون جنيه.. والمساعدات التى حصلت عليها مصر فى قمة الخرطوم كانت أكثر من ذلك
- خلال سنوات حرب اليمن استطاعت مصر أن تحقق بنجاح غير عادى أهم خطة للبناء والتنمية فى العالم الثالث كله
- الدولة فى عهد عبدالناصر كانت تعتمد على سياسة إحلال الصادرات محل الواردات.. وكان يتم استيراد السلاح والمعدات الصناعية مقابل الصادرات المصرية من القطن والمنسوجات والبترول

يتشدق من يدعون العلم ببواطن الأمور ـ وهم لا يعلمون منها شيئاً ـ بأن حرب اليمن استنزفت موارد مصر الاقتصادية، فهل يعقل أن يقدم نظام حاكم فى دولة تتطلع إلى النمو والبناء على إهدار موارده الاقتصادية هكذا هباءً؟!!

وهذا نص ما جاء فى محضر اجتماع الرئيس جمال عبدالناصر بمجلس الوزراء فى القصر الجمهورى بالقبة فى الساعة السابعة والربع من يوم الخميس الموافق 19 أكتوبر سنة 1961 ـ وهو أول اجتماع ينعقد بعد عملية الانفصال بين مصر وسوريا ـ حيث جاء فى الصفحات 36 و37 من المحضر الرسمى ما يوضح السياسة التى كان ينتهجها الرئيس جمال عبدالناصر فى دعمه المادى للدول العربية والأفريقية، وما يؤكد أن تلك السياسة كان الغرض الأول منها هو فى المقام الأول المصلحة المصرية، ونصه الآتى:

«د.عبدالمنعم القيسونى:

بخصوص النقطة التى أشار إليها الأخ فتحى الشرقاوى وهى الخاصة بمدى التعاون مع الدول العربية ـ خصوصاً فى هذه الظروف ـ أخشى أن الظروف التى نمر بها والمرارة التى فى نفوسنا قد تجعلنا نتراجع فى هذا الخط، وخاصة مع سوريا، وأعتقد من الناحية الاقتصادية أننا إذا حققنا التعاون فى النواحى الاقتصادية فإن ذلك يشمل نواح كثيرة. وهناك اتجاه فى سوريا بأن يعيدوا التعريفة الجمركية، ويعاملوا البضائع المصرية على أنها بضائع أجنبية حتى لا تتمتع بالتعريفة الممنوحة للدول الصديقة، ومن الجائز أن يكون لهم حجة قانونية فى هذا لعدم وجود اتفاقية جمارك بين البلدين، ولكنى أرجو أن نقابل الموقف بشئ من المرونة لنحافظ على النجاح الذى تحقق فى فترة الوحدة من تنشيط التجارة بين الإقليمين، فتحتفظ بالإجراءات الجمركية وبالتيسيرات الجمركية المختلفة، وعندما تهدأ الأمور لانواجه بأننا قمنا بهذا الإجراء. وأرجو أن يظل تخفيض الجمارك أو تعفى البضائع السورية من الرسوم الجمركية، وذلك لتحقيق الهدف الذى نسعى إليه دائماً فى الجامعة العربية، وهو إقامة سوق حرة بين الدول العربية لمواجهة التكتلات الاقتصادية الغربية.

الرئيس جمال عبدالناصر:

إن سوريا وحكومتها فى الوضع الحالى لن ترحب بأية خطوة من جانبنا، كما أنها لن تقوم بأى خطوة للتقارب بين البلدين. من الممكن أن بعض الصناعات قد تأثرت عندنا خصوصاً صناعة الحرير، ومن الممكن أن نسير بما هو موجود عندنا، ولكن لن نستورد.

كان المجال أمام التاجر السورى أكثر من مجال التاجر المصرى؛ لأن التاجر السورى كان يعمل لإقليم تعداده 5.4 مليون نسمة، أما التاجر المصرى فكان يعمل لإقليم تعداده 62 مليون نسمة.

هناك نقطة وهى ظن الناس الخاطئ فى أننا نصرف ملايين الجنيهات فى سبيل التعاون العربى والعمل العربى .. وهذا كلام غير حقيقى فإن ما كنا نعطيه لسوريا سنوياً هو مبلغ 2.5 مليون جنيه فقط.

د. عبدالمنعم القيسونى:

سوريا مدينة لنا بمبلغ 9 مليون جنيه، وإذا أضفنا على هذا مبلغ الإعانة فتكون مدينة بمبلغ 13 مليون جنيه.

الرئيس جمال عبدالناصر:

العملية لم تكن تفريغ خزائن مصر فى سوريا، كل ما أخذته سوريا هو مبلغ 13 مليون جنيه.

وبالنسبة للعلاقات الإفريقية لم نعط معونات أو «بقشيش» للدول الإفريقية، لقد أعطينا قروضاً لبعض هذه الدول مثل الصومال وغينيا ومالى، وهذه القروض تعطى لهذه الدول لكى نستطيع أن ننافس أمريكا وإنجلترا وفرنسا فى أسواقها التجارية، وتعتبر مجالاً لفتح أسواق تجارية فى هذه البلاد، وأننا ننتج سلعاً لابد من تصديرها.. وإذا أعطينا قروضاً لهذه الدول تسدد فى مدة خمس أو ست سنوات فائدة بسيطة.. إذن العملية هى فتح أسواق لنا فى هذه الدول.. فلو قمنا بإعطاء مصنوعات مجانية عربية لبعض هذه الدول كمنحة فشأننا فى ذلك شأن أية شركة تمنح مصنوعاتها كعينة فتح سوق جديدة، فماذا يضيرنا لو منحنا إحدى هذه الدول مثلاً 2000 بندقية وثمن البندقية الواحدة عشرة جنيهات فيكون ثمنها 20 ألف جنيه.. إن شركة مثل شركة كروب تمنح هدايا من إنتاجها بهذا المبلغ، فإذا منحنا بعض طائرات التدريب التى يبلغ ثمن الواحدة منها 2500 جنيه أو بعض الذخيرة كما حدث عندما طلب رئيس جمهورية الصومال أن نمده ببعض الطلقات النارية، لأن الموجود منها عندهم قد نفد، فأجبته إلى طلبه؛ فنحن اليوم فى حاجة إلى تصدير سلعنا الصناعية وإلى فتح أسواق تجارية لنا، وهذا يستدعى منح بعض إنتاجنا كهدايا أوعينات.

هناك إشاعة تقول بأن نصف أموالنا توزع على الدول العربية والنصف الآخر يوزع على البلاد الإفريقية .. هذا كلام لا أساس له من الصحة. إننا نعمل من أجل إقامة سوق عربية مشتركة؛ لأن صناعاتنا هى التى ستروج فى هذه السوق، حيث أننا الدولة الصناعية الوحيدة من بين الدول العربية.. وبالنسبة لإفريقيا فإننا نسعى أيضاً إلى إقامة سوق مشتركة؛ لأننا الدولة الوحيدة التى تنتج كل شئ فى إفريقيا.

أما بالنسبة لما نعطيه للجزائر فهو مبلغ مليونى جنيه سنوياً، ولم نستطع تحويلها لهم بالدولار أو بالإسترلينى، وقلنا لهم نعطيها لكم أسلحة وبضائع، وهذا المبلغ لم يأخذوه.

كل الكلام الذى يقال الغرض منه إشعار الناس أن أموالهم تضيع هباءً .. وهذا غير حقيقى».

(انتهى نص ما جاء فى المحضر)

إن التكلفة المالية لحرب اليمن من سنة 1962 حتى سنة 1967 لم تتعد 500 مليون جنيه، والمساعدات التى حصلت عليها مصر فى قمة الخرطوم كانت أكثر من ذلك، والمساعدات التى حصلت عليها مصر بعد حرب 1973 تجاوزت الألف مليون جنيه.

وخلال الفترة من 62/67 التى كانت فيها حرب اليمن مشتعلة استطاعت مصر أن تحقق بنجاح غير عادى أهم خطة للبناء والتنمية فى العالم الثالث كله، وأشار البنك الدولى فى تقريره رقم «870» «A» الصادر فى واشنطن بتاريخ 5 يناير 1967 الجزء الخاص بمصر أن نسبة النمو الاقتصادى كانت 6.2% سنوياً بالأسعار الثابتة الحقيقية، ارتفعت فى الفترة من 1960 حتى 1965 إلى معدل 6.6% فى حين كان أعلى معدل للنمو فى بلدان العالم الثالث قاطبة؛ ومن بينها الصين والهند لايتعدى 2.5%. وهذا يعنى أن مصر استطاعت خلال عشر سنوات أن تحقق تنمية تماثل أربعة أضعاف ما استطاعت تحقيقه فى الأربعين سنة لسابقة عن عام 1952.

وأخيراً وبمناسبة الحديث عما تحملته مصر الثورة ـ وهو من وجهة نظرى ليس تحملاً بل واجباً يفرضه التزامها بمساندة أى حركة تحرر ـ أن أتعرض لما قيل من أن مصر تلاعبت برصيد الذهب أو بعثرت أموال الشعب فى سبيل مغامرات!.

وهى قضية مثيرة للجدل وأخذت حيزاً من الإثارة دون ما سند من الحقيقة، وأجد نفسى مطالباً بإلقاء مزيد من الضوء والتوضيح إظهاراً للحق ولوضع القضية فى حجمها الصحيح دون ما زيادة أو نقصان.

وفى هذا الصدد فإننى لا أجد أيضاً أبلغ مما قرره السيد حسن عباس زكى وزير الخزانة والاقتصاد السابق الذى أكد فى محاضرة ألقاها بعنوان « الإسلام والعقل» ونشرت عنها جريدة الأهرام بتاريخ 16/11/1998 جاء فيها:

«أكد حسن عباس زكى أن احتياطى الذهب فى مصر قبل الثورة لم يمس، وأنه مازال موجوداً حتى الآن فى البنك المركزى، وأن الثورة لم تستخدم هذا الرصيد فى تمويل صفقات السلاح أو مساعدة الثورات فى اليمن أوالدول الإفريقية» وبرهن على صحة ذلك بقوله:

«إن الدولة فى عهد عبدالناصر كانت تعتمد على سياسة إحلال الصادرات محل الواردات، كما كان يتم استيراد السلاح والمعدات الصناعية مقابل الصادرات المصرية من القطن والمنسوجات والبترول عبر نظام «الصفقات المتكافئة» مع دول الكتلة الشرقية والاتحاد السوفيتى السابق. وهذا الأمر ساعد الدولة فى الاعتماد على مواردها الذاتية دون الاضطرار إلى اللجوء إلى الاقتراض الخارجى إلا فى أضيق الحدود، فلم يتجاوز حجم ديون مصر الخارجية فى تلك الحقبة مبلغ أربعمائة مليون دولار فقط. كذلك ساعدت هذه السياسة على عدم وجود عجز فى الموازنة.

وبفضل هذا الاحتياطى من الذهب كان سعر الجنيه المصرى وقتئذ يعادل أكثر من ثلاثة دولارات أمريكية، ووصل معدل النمو الاقتصادى خلال فترة الستينات إلى مصاف الدول الصناعية الكبرى حيث بلغ أكثر من 6% من الناتج المحلى الإجمالى، وهو معدل لم تشهده البلاد سواء قبل الثورة أو حتى خلال الفترات اللاحقة لها.

وقال إنه من السذاجة أن يعتقد البعض أو يدعى أن الثورة استخدمت هذا الرصيد فى تمويل الثورات فى اليمن أو الدول الإفريقية، وأن أى مزايد عليه أن يذهب بنفسه إلى البنك المركزى ليسأل ويتأكد».



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك