جدل في الأوساط الأكاديمية الأمريكية بسبب إلغاء دراسة اليونانية واللاتينية من مناهج الجامعة - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 3:50 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

جدل في الأوساط الأكاديمية الأمريكية بسبب إلغاء دراسة اليونانية واللاتينية من مناهج الجامعة

منى غنيم
نشر في: الجمعة 10 سبتمبر 2021 - 6:19 م | آخر تحديث: الجمعة 10 سبتمبر 2021 - 6:19 م

مؤيدو للقرار: أمريكا تحررت بالكامل من عباءة أوروبا وأصبحت منبرًا متعدد الثقافات
معارضو للقرار: التبرؤ من ماضينا لن يجعلنا أقل عنصرية بل أقل معرفة وعلمًا

أثار القرار الأخير الذى اتخذته جامعة «برينستون» بإلغاء وجوب دراسة اللغتين اليونانية واللاتينية فى التخصصات الكلاسيكية لمكافحة ما أطلقت عليه العنصرية المؤسسية، عاصفة من الجدل بين الأوساط الأكاديمية فى الولايات المتحدة الأمريكية.
وكان أعضاء هيئة التدريس قد وافقوا على إجراء تغييرات فى قسم الكلاسيكيات شهر مايو الماضى، بما فى ذلك إلغاء مسار دراسة الكلاسيكيات التقليدى الذى يتطلب إتقانًا متوسطًا للغة اليونانية أو اللاتينية لدخول القسم، وتمت إزالة شرط أن يأخذ الطلاب اللغة اليونانية أو اللاتينية، غير أن الأشهر الأخيرة شهدت تجددًا للنقاش القديم حول مزايا دراسة الكلاسيكيات والعلوم الإنسانية على نطاق أوسع.
وجاءت المناقشة إلى حد كبير ردًا على مقال نشره مهاجر من جمهورية الدومينيكان يعمل الآن أستاذًا للكلاسيكيات فى جامعة «برينستون» فى صحيفة «النيويورك تايمز»، وهو دانــإل باديلا بيرالتا، الذى ذكر أنه يعتقد أن التقليد الكلاسيكى مرتبط ارتباطًا وثيقًا مع التفوُّق المزعوم للعِرق الأبيض، وأن نظامه، كما هو قائم حاليًا، سيسقط فى المستقبل أمام التحرر الكامل من أذيال العنصرية.
وقال مدير الدراسات الجامعية وأستاذ الكلاسيكيات فى جامعة «برينستون»، جوش بيلينجز، إن التغييرات تمنح الطلاب فى نهاية المطاف المزيد من الفرص للتخصص فى الكلاسيكيات، وأردف: «نعتقد أن وجود وجهات نظر جديدة فى هذا المجال ستجعل المجال أفضل دراسيًا؛ حيث إن وجود طلاب من غير دارسى الكلاسيكيات فى المدرسة الثانوية، ممن لم يتعرضوا سابقًا للغة اليونانية واللاتينية، سيجعل القسم مجتمعًا فكريًا أكثر حيوية».
وقالت عميدة جامعة نيويورك، كاثرين إليزابيث فليمنج، إن قرار «برينستون» يرجع جزئيًا إلى الرغبة فى جعل الكلاسيكيات فى متناول الطلاب؛ حيث يحاول عدد من أقسام العلوم الإنسانية جعل عروضها الدراسية أكثر سهولة للطلاب خارج نطاق جمهورهم الأساسى المتشدد لتشجيع المزيد منهم على الالتحاق بالقسم.
وتابعت: «من المحتمل أيضًا أن تكون خطوة برينستون مرتبطة بكيفية ظهور الكلاسيكيات فى الأوساط الأكاديمية فى الولايات المتحدة؛ فحتى وقت قريب نسبيًا كان هناك توجُّه فكرى سائد أن اليونان القديمة، إلى جانب روما القديمة وإسرائيل القديمة، هى عماد قيام الحضارة الغربية، وقد ترسخ هذا الاعتقاد حقًا فى مناهج عدد من الجامعات الكبرى».
وأكدت «فليمنج» أن الأمور تغيرت كثيرًا فى العصور الحديثة؛ فأمريكا تحررت بالكامل من عباءة أوروبا وأصبحت منبرًا متعدد الثقافات، ويشهد على ذلك جميع أنواع التحولات الثقافية فى الجامعات الأمريكية والمجتمع بالخارج؛ لذا فإن قرار إلغاء متطلبات اللغة سواء اللاتينية أو اليونانية هو جزء من إعادة النظر فى معنى دراسة الكلاسيكيات من وجهة نظر معاصرة.
وذكرت «فليمنج» أنه قبل 30 عامًا، كانت العلوم الإنسانية، والتاريخ على وجه الخصوص، واحدة من أشهر التخصصات فى جامعة نيويورك، أما الآن فإن الجامعة لديها ربع عدد التخصصات الرئيسية التى كانت موجودة فى السابق، لذا فإنه من الواضح أن التغييرات تنعكس على كل العلوم الإنسانية وليس الكلاسيكيات فقط.
وتابعت: «نشهد كل يوم هجرة دراسية من الطلاب بعيدًا عن العلوم الإنسانية؛ حيث يهرعون لدراسة علوم البيانات، والعلوم الطبيعية، والعلوم الحاسوبية؛ ويعزفون عن دراسة التخصصات فى العلوم الإنسانية والفلسفة والتاريخ والفن والأدب والكلاسيكيات، لابد لكل هذا أن يتوقف، ولن يتأتى ذلك سوى بتغيير جذرى للمناهج».
وعلى الصعيد الآخر، انتقد بعض الأكاديميين هذا التوجُّه على أساس أن النصوص إذا ما تمت ترجمتها للغة الإنجليزية من أجل الدراسة ستضيع روح النص الأصلي؛ لأن الترجمة فى النهاية ليست سوى تفسير للنص الأصلى، ونهى أستاذ اللسانيات فى جامعة كولومبيا، جون مكورتر، عن اتباع العنصرية فى دراسة اليونانية أو اللاتينية؛ حيث ذكر فى حديثه للإذاعة الوطنية العامة أن دراسة اللغة اليونانية واللاتينية القديمة ليست بالأمر الصعب على الطلاب من ذوى البشرة السمراء دون غيرهم، ولا صحة لزعم الجامعة أن تعلُّم اليونانية أو اللاتينية أمر يتخطى قدرة عقولهم على الاستيعاب.
وأردف: «لقد أصبح تعلُّم اللغات فى الوقت الحاضر ــ حتى اللغات الميتة ــ أسهل من أى وقت مضى بسبب الانفتاح على الإنترنت والشبكة المعلوماتية؛ لذا أعتقد أننا نقلل من قدرة الطلاب الملونين حين نقول ذلك»، نقلًا عن وكالة «جريك ريبورتر» الإخبارية.
كما أعرب عن معارضته لخطوة «برينستون»، قائلا إن الكلاسيكيات يجب أن تُعلِّم الطلاب الناشئين أن تلك الحضارة لديها رصيد من الأمور الجيدة والسيئة، وأكد أن التبرؤ من الماضى وإدارة ظهورنا له لن تجعلنا أقل عنصرية بل أقل معرفة وعلمًا.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك