حكاية الرجل الذي يحاول تحسين صناعة الملابس الداخلية النسائية في باكستان - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 1:19 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حكاية الرجل الذي يحاول تحسين صناعة الملابس الداخلية النسائية في باكستان

بي بي سي
نشر في: الإثنين 14 يونيو 2021 - 5:39 ص | آخر تحديث: الإثنين 14 يونيو 2021 - 5:39 ص

ثمة العديد من الأماكن التي قد يتوقع المرء أن يمنعه حراس الأمن من دخولها. ولكن في باكستان، قد يكون هذا المكان متجرا للملابس الداخلية حيث يكون السبب وراء ذلك مزيجا من التحريم الاجتماعي "التابو" وقلة عدد النساء في مراكز صناعة القرار في هذه الصناعة، ما يجعل بقاء الملابس الداخلية المريحة وعالية الجودة حكرا على الأغنياء.
فقد وجد مارك مور نفسه قبل 15 شهرا في موقف :يعترض طريقه رجلان عند مدخل متجر به نوافذ عرض ملونة في العاصمة الباكستانية إسلام أباد. وقد منعاه من الدخول متسائلين: ماذا؟ هل تعتقد أنه بوسعك دخول متجر للملابس الداخلية النسائية؟
لكنهما سمحا له بالدخول عندما كذب صديق مور زاعما بأنه دبلوماسي يشتري ملابس داخلية لزوجته.

لكن رجل الأعمال المولود في ليستر ببريطانيا كان، في الواقع، يجري بحثا يأمل أن يساعده في إكمال مهمته وهي تقديم ملابس داخلية مريحة وعالية الجودة وبأسعار معقولة للنساء الباكستانيات.

والمشكلة أن حراس الأمن ليسوا إلا واحدا من العوائق التي تعترض طريقه.

فعلى المستوى الأساسي، يتعلق الأمر بحقيقة أن الرجال والنساء لديهم أفكار مختلفة تماما عندما يتعلق الأمر بالملابس الداخلية. وعندما يتعلق الأمر بالرجال، فإن ذلك يعني عموما أن تكون الملابس الداخلية"مثيرة ومغوية"، كما يوضح مور.
وقال مور:"إن الرجال يتحدثون ويقررون نوعية الأربطة والأقمشة الشفافة وما إلى ذلك، بينما تريد النساء الراحة والموثوقية للمنتج الذي يستخدمنَّه".
وبالنسبة لغالبية النساء في باكستان، غير القادرات على تحمل تكاليف المواد المستوردة باهظة الثمن، فإن هذه الراحة والموثوقية أمر لا يسعهن إلا أن يحلمن به، فمن المعروف أن معظم الخيارات ذات الأسعار المعقولة تحتوي على مشابك تصدأ وأسلاك داخلية حادة تفلت من عقالها لتنخز جلد من ترتديها.

وقالت هيرا إينام، البالغة من العمر 27 عاما وهي تقف خارج سوق أناركالي في لاهور، لبي بي سي: "لم أجد مقاسي أو شكل حمالة الصدر الذي أريده طوال السنوات العشر الماضية، والمواد غير جيدة في كثير من الأحيان، إنها تسبب حكة باستمرار، وفي حالة التعرق أعاني من طفح جلدي تحت حمالة الصدر لأن المادة غير مريحة".
وترددت أصداء كلماتها لدى أخريات في السوق أيضا.
وتقول امرأة أخرى رفضت الكشف عن هويتها: "لقد أنفقت الكثير من المال والوقت والطاقة من أجل العثور على حمالة صدر تناسب بشرتي أو تكون مريحة لبشرتي، لكنني فشلت حتى الآن، فالأسلاك هي أول شيء يخرج ويمكن أن تضر الجلد حقا إذا لم تكوني حريصة".


لذلك من الواضح أن الطلب على الملابس الداخلية عالية الجودة وبأسعار معقولة موجود، ومع ذلك، فإن منتجات مور، التي يتم تصنيعها في مصنع في فيصل أباد حيث يوجد مركز صناعة المنسوجات في باكستان والمستوحاة من سنوات عمله في سلسلة متاجر ماركس آند سبينسر وديبنهامس البريطانية، لم تعرف طريقها للسوق بعد.
لكن لماذا؟
كبداية، لا يعرف الكثير من الناس عن منتجات مور شيئا، فقد ثبت أن التسويق لنساء باكستان صعب بعض الشيء، ذلك أن مناقشة الملابس الداخلية في الساحة العامة من المحرمات.
وقد ثبت، بمرور الوقت، أن الكلام الشفهي هو المفتاح. فقبل 30 عاما، كان بإمكان تجار التجزئة الذين يقدمون ملابس داخلية جيدة الجودة ومجهزة جيدا في سوق "بازار مينا" في كراتشي الاعتماد على زيادة فورية تقريبا في المبيعات بناء على التوصيات الشخصية.
كما كانت المجلات تقدم إعلانات مختارة بعناية للإغراء بالشراء بالنسبة للنساء اللائي يعشن في أماكن أبعد.
ولكن مع التحول إلى العصر الرقمي، سقطت تلك المجلات على جانب الطريق. وفي الوقت نفسه، فإن حملة على وسائل التواصل الاجتماعي ربما تكون أفضل طريقة لنشر الخبر في باكستان الحديثة، وإن كان ذلك ينطوي على مخاطرة أن يتم تصنيف المنتج على أنه "مبتذل".

ولا يعد ذلك مماثلا لإغراء النساء بالدخول إلى متجر من خلال نافذة عرض. فكما اكتشف مور خلال الأشهر الماضية فإن معظم متاجر الملابس الداخلية لا تحمل علامات تجارية واضحة وتتباهي باستخدام الزجاج الملون أو المظلل، مما يعني أن العديد من الأشخاص الذين يمشون بجانب تلك المتاجر سيعانون، كما حدث له، لتخمين ما تبيعه.
وتوجد بعض مراكز التسوق حيث تكون متاجر الملابس الداخلية أكثر وضوحا، ولكن لا يتم التعامل معها إلا من قبل قلة مختارة.

وتلقى مور نصيحة بأن أفضل رهان له هو الانضمام إلى بائع تجزئة أكبر أو علامة تجارية كبيرة، وهذا يعني شرح مفهوم الملابس الداخلية الآمنة، وذات الأسعار المعقولة، وغير المثيرة، لتلك القاعات المليئة بالرجال.
ويقول مور: "إنه بمجرد أن أضع أنا وفريقي المنتج من حمالات الصدر والسراويل الداخلية على الطاولة، يقهقه الرجال".
ويضيف مور قائلا: "إن أكبر مجالات نضالي الآن هو أن يصبح معظم الناس على دراية بأن حمالات الصدر والسراويل الداخلية ليست منتجا للإثارة والإغراء، بل يجب أن تكون منتجا من أجل راحة من تستخدمه، ويجب علينا تطبيع هذا المفهوم على عمليات البيع والشراء".
ومع ذلك، يبدو الأمر بعيد المنال

ففي معظم شركات التصنيع والعلامات التجارية التي زارها مور كان غالبية المسؤولين والمصممين الذين يوافقون على طبيعة الملابس الداخلية من الرجال.
ويوضح قمر الزمان، مدير العمليات في المصنع في فيصل أباد، قائلا: "علينا أن نعرض الأفكار على هؤلاء الرجال، والمرأة مساعِدة ويتم استدعاؤها لتقديم الاقتراحات، لكنها محادثة محرجة حيث لا تشعر المرأة بالراحة في مشاركة الأفكار حول ما تحبه في الملابس الداخلية في غرفة اجتماعات مليئة بالرجال".
ومع ذلك، لم تحقق المحاولات الخاصة لدفع النساء إلى تولي مناصب عليا في مصنع فيصل أباد نجاحا كبيرا.
ويوضح مور قائلا: "لقد نشرنا إعلانات بحثا عن نساء كعاملات ولشغل مناصب أعلى، ووجدنا نساء يقلن إنهن سيتحدثن مع عائلاتهن ويعدن إلينا، لقد عادت اثنتان وقالتا إن عائلاتهما لا تريدهما أن تعملا في مصنع ملابس داخلية".

وفي الواقع، دارت مناقشات عديدة حول مثل هذه الأمور المحرمة على أرض المصنع.
فقد كشفت الموظفة سميرة أن زوجها رافقها إلى المقابلة.
وقالت سميرة:"بمجرد تعييني، طلب مني زوجي عدم إخبار أفراد الأسرة الآخرين بمكان عملي لأنهم سيثيرون مشكلة بسببه".

وبالمثل، قالت عاملة أخرى إنها سألت والدها قبل الذهاب إلى المقابلة لشغل وظيفة عاملة تصنيع مشابك حمالة الصدر.
وقالت: "إن أبي رفض على الفور الاستماع، وكان علي أن أطلب منه السماح لي بالذهاب ورؤية الأوضاع بنفسي، وفي حالة أنني لم أحب الأجواء في المصنع، فلن أقبل الوظيفة".
وكان على الرجال أيضا التعامل مع الحواجب التي ترتفع من الدهشة والهمسات.

وقال أنور حسين لبي بي سي إنه واجه معارضة كبيرة من عائلته وأصدقائه في البداية.
وأضاف:"سخر مني أصدقائي بشأن مكان عملي، ورفضت عائلتي السماح لي بالذهاب إلى المصنع، وعندما انضممت في النهاية لفريق العمل بالمصنع شعرت في البداية بالخجل من تمرير حمالة الصدر المخيطة إلى زميلة أخرى، وأشعر بتحسن كبير الآن كما أشعر بالراحة لأنه في نهاية المطاف مجرد عمل".
ويواجه عمال المصنع الآن مخاوف أخرى. فإذا لم ينجح المصنع ويعمل بسرعة، فقد يقرر مور أن الاستمرار صعب للغاية فيغلق المتجر ويترك عددا لا يحصى من الموظفين بلا عمل.

ومع ذلك، أكد مور لبي بي سي أن هذة الخطوة ليست هي الحل.
واعترف مور قائلا: "لقد قيل لي إنه ينبغي أن أبحث عن شيء بديل أفعله في باكستان لأن بيع الملابس الداخلية فكرة خاسرة، ونعم هناك تصور أنني قد أغادر، لكنني هنا وسأبذل كل ما بوسعي حتى يجد هذا المنتج طريقه إلى السوق".

 



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك